المشهد السياسي... إلى أين ؟!

أربعاء, 2015-10-21 10:16

تحليل:  بشير عبد الرزاق.

مع أنه ما زال من المبكر جدا تفكيك طلاسم مشهد سياسي يبدو مفتوحا على جميع الاحتمالات، إلا أن ثمة جملة من المؤشرات طفت على السطح في الآونة الأخيرة، توحي ببعض الملامح التي ستطبع هذا المشهد، خلال الأسابيع والأشهر القادمة:

الملمح الأول: ويتمثل في الصراع المرتقب بين النظام والمنتدى لاستمالة المعاهدة.

فالنظام يدرك جيدا أن مشاركة المعاهدة في الحوار المنتظر، هو طوق النجاة الوحيد الممكن حاليا في ظل إصرار المنتدى على المقاطعة، وأن أي غياب لهذه المعاهدة سيجعل موقفه محرجا للغاية، وسيحول "الحوار بمن حضر" إلى حوار للأغلبية مع نفسها.

ومن جانبه يدرك المنتدى هو الآخر، أن مقاطعة المعاهدة للموعد القادم، سيكون بمثابة المسمار الأخير الذي يدق في نعش الحوار الحالي، ولذلك لن يألو جهدا من أجل جر عربة المعاهدة صوب نادي المقاطعين.

ومع أن المعاهدة كررت في أكثر من مناسبة بأنها غير مستعدة لخوض غمار حوار جديد لا يشارك فيه الجميع، إلا أن صفقة في اللحظة الأخيرة قد تجعل قادة المعاهدة يعيدون النظر في موقفهم هذا ويغيرون وجهة السفينة.

وهو احتمال يبقى واردا جدا، خاصة في ظل صمت ولد بلخير وبقائه على دكة البدلاء، وتركه الملعب لحليفيه ولد هميد وولد حرمة.

الملمح الثاني: ويتعلق بالعودة إلى الشارع.

فبعدما نفض يديه من الحوار المنتظر وأكد أن الرسالة الوحيدة التي يترقبها من النظام هي الرد المكتوب على طلباته، يدرك المنتدى جيدا أن كل الطرق المتبقية أمامه للضغط على النظام ومحاولة لي ذراعه، تمر حتما عبر ساحة ابن عباس.

وهكذا فإن واحدا من أهم ملامح المشهد السياسي القادم، ستكون عودة الأزمة إلى الشارع بعد إجازة طويلة دامت عدة أشهر.

ولن يقتصر موسم العودة إلى الشارع على المنتدى لوحده، إذ لن تتأخر الأغلبية هي الأخرى في تحريك جماهيرها، انطلاقا من تلك المسلمة التي تقول:"لكم شارعكم ولنا شارعنا".

الملمح الثالث: ويتعلق بالوسيط المرتقب.

فتعثر وساطة المعاهدة لا يعني البتة أن زمن الوساطات والمبادرات قد ولى، بل إن كل المؤشرات تؤكد أننا سنكون أمام ساحة سياسية حبلى بالمساعي الرامية إلى جسر الهوة بين الأطراف.

خاصة وأن منح جائزة نوبل للسلام للرباعية التونسية، أعاد إلى الواجهة وبقوة الدور الريادي للمجتمع المدني في صناعة الوفاق الوطني والسلم الأهلي.

ومع أن الحالة التونسية تختلف عن نظيرتها الموريتانية، إلا أن ذلك لا يمنع أن تشعل هذه العودة القوية للتجربة التونسية إلى الواجهة، حماس منظمات المجتمع المدني الموريتاني وتدفعها بالتالي إلى محاولة ملء هذا الفراغ الملاحظ.

وبالفعل فقد بدأت إرهاصات هذا الحراك بميلاد ما بات يسمى ب "المسعى المدني المستقل من أجل الحوار"، الذي يجمع في عضويته العديد من المنظمات الحقوقية والمدنية.

تلك باختصار هي أهم ملامح الدخول السياسي القادم، الذي لم يكشف بعد عن كل أوراقه، وإن كانت جميع عناوينه تشي بأنه يبقى مفتوحا على كافة الاحتمالات، سواء تعلق الأمر بالصفقات أو المعجزات