تحرّش وسرقة داخل باصات النقل المهترئة في العاصمة انواكشوط

سبت, 2015-12-12 14:16

لا يملكُ عدد كبير من الموريتانيين سيارة قد تسهّل تنقلاتهم اليومية بين العمل والبيت والمدرسة وغيرها، وخصوصاً بعد القرار الأخير القاضي بمنع استيراد السيارات التي يتجاوز عمرها العشر سنوات. ويحولُ غلاء أسعار السيارات دون تحقيق حلم بعض العائلات بامتلاك وسيلة نقل خاصة. هكذا يحرمُ غلاء المعيشة، وقوانين استيراد السيارات، وتدني الرواتب، الموريتانيين من تحقيق أحلامهم الصغيرة، وخصوصاً بعدما بدأت الدولة فرض ضرائب على السيارات المستوردة من الخارج، بالإضافة إلى زيادة كلفة التأمين على السيارات.
وفي انتظار تحقيق حلمهم باقتناء سيارة، لا يجدُ الموريتانيون حلاً لأزمة النقل غير الحافلات العامة، التي عادة ما تكون مزدحمة وتشهد مشادات كلامية تحوّل حياة الركاب إلى جحيم يومي.

في السياق، يقول محمد بابا ولد عنينه (43 عاماً)، وهو سائق حافلة، إن "ازدحام الحافلات يدفع المواطنين إلى الاحتجاج في مواقف الحافلات أحياناً، تعبيراً عن امتعاضهم واستيائهم". يضيف أن "المواطنين لا يدركون أننا نعاني مثلهم بسبب الازدحام"، مطالباً الإدارة المكلّفة "العمل على تطوير هذا القطاع وتخصيص حافلات للرجال وأخرى للنساء، علماً أن البعض لا يحترم النساء وكبار السن والأشخاص المعوقين، ويضايقونهم خلال الصعود إلى الحافلة بهدف الفوز بمقعد. أيضاً، يضطر آخرون إلى الوقوف في الحافلة متلاصقين".
يتابع السائق أن "الناس تقف في طوابير طويلة بانتظار الحافلات، وتصطف في محطات العاصمة نواكشوط"، لافتاً إلى أنها "تزداد يوماً بعد يوم لتزداد معها معاناة الناس، وخصوصاً في أوقات الذروة".
يقول إن أكثر ما يضايقه هو رؤية أشخاص متلهفين للصعود إلى الحافلة للّحاق بعملهم، من دون أن يُحالفهم الحظ، لترتسم على وجوههم علامات الضجر والاستياء "فالحافلات التي تعمل لا تكفي لتلبية حاجة الناس للتنقل، الأمر الذي يؤدي إلى تعطل مصالحهم بسبب الاكتظاظ اليومي".

من جهة أخرى، تختلف آراء ركاب حافلات النقل العام عن رأي السائق. ويقول علي ولد أحمد الشيخ (23 عاماً)، وهو طالب جامعي كان يتكئ على حائط بانتظار قدوم الحافلة، إن "العمال المشرفين على الحافلات كثيراً ما يتفوّهون بكلمات غير لائقة. وإذا احتج أحد الركاب، يعاملونه بطريقة غير لائقة ويعتدون عليه ويطردونه خارج الحافلة".
يضيف: "نتنقل يومياً وسط دوامة الاكتظاظ والازدحام، ونعاني للوصول إلى الجامعة، وأحياناً نصل متأخرين إلى المحاضرات. في المقابل، قد لا يقف السائقون في المواقف التي يتجمع فيها الطلاب، علماً أن هؤلاء يدفعون ثلث قيمة التذكرة لاستفادتهم من بطاقة الطالب المخفضة".
في السياق، يلفت بعض النساء إلى أنهن يعانين أكثر من الرجال خلال التنقل بالحافلات العامة، بسبب ارتدائهن ملابس تقليدية تمنعهن من الركض واللحاق بالحافلات، التي تتوقف في المحطات لدقائق معدودة فقط.

تقول زينب بنت الشيخ المصطفى (29 عاماً) إنها عادة ما تنتظر الحافلة لوقت طويل. وحين تصل، تجد صعوبة في الصعود إليها بسبب الازدحام. وفي كثير من الأحيان، تتخلى عن فكرة الصعود إلى الحافلة بعدما يصير الأمر مستحيلاً، ما يضطرها إلى الانتظار مرة أخرى.
تتابع المصطفى أنه "في الحافلات، تحدث حالات اختناق وتحرّش وسرقة"، مضيفة أن "المفتشين يقفون عند مدخل الحافلة فقط للتأكد من التذاكر، فيما يستفيد السارقون من الازدحام لنشل الركاب". تستقل أربع حافلات يومياً لتصل إلى مقر عملها، لتجد نفسها مضطرة إلى الوقوف في طوابير طويلة والتدافع أكثر من مرة.

وتشير إلى أنه كثيراً ما يصاب الركاب بالاختناق نتيجة التزاحم، أو ينتاب الركاب الهلع خشية تعرضهم للسرقة، أو تجاوز الحافلة المحطة التي يريدون النزول فيها. وعلى الرغم من جميع هذه المشاكل، ما زال الموريتانيون يستخدمون هذه الحافلات يومياً، بسبب عدم امتلاكهم أي بديل.
وتقول المصطفى إن "الفتيات والنساء يتعرضن للتحرش من قبل المفتشين والسارقين، ما يضطر الركاب للتدخل. عندها، قد تندلع معركة داخل الحافلة التي تسير بصعوبة أيضاً بسبب المشاكل الميكانيكية". وتؤكد أن هذه الحوادث ليست استثناء بل تحدث يومياً بسبب الازدحام والاكتظاظ الذي تشهده الحافلات.

المصدر