موريتانيا: الحوار الشامل أصبح منسياً ورئيس المنتدى المعارض متمسك به

اثنين, 2016-01-11 14:11

 ينتظر الموريتانيون بفارغ الصبر اليوم ما سيسفر عنه استئناف الرئيس للعمل بعد عطلة أسابيع قيل إن الرئيس خصصها للراحة بعد حادثة فقدان كبير أبنائه في حادث سير، وكذا لمراجعة عامة لسياساته خلال المرحلة المقبلة.

وتجري هذه التوقعات فيما غاب عن المشهد السياسي الموريتاني الحديث عن الحوار الشامل الذي كان الشغل الشاغل للجميع. ويرى مراقبون لهذا الشأن أن «تجميد الرئيس الموريتاني للحوار يعود لرفض أحمد ولد داداه الوجه المعارض البارز المشاركة فيه، تلك المشاركة التي تعطي مصداقية للنظام الحاكم في موريتانيا أمام شركائه في الخارج الذين يربطون التعاون الإنمائي مع موريتانيا بوجود نظام سياسي غير أحادي وبرلمان تعددي».
ولم يعط رئيس الوزراء الموريتاني يحيى ولد حدامين كبير اهتمام للحوار في عرضه للسياسة العامة للحكومة خلال السنة الجديدة بل اكتفى بالحديث عن «..تنظيم اللقاء التشاوري التمهيدي الموسع للحوار الجامع في سبتمبر الماضي، حيث أسفر عن تبني وثيقة تضمنت كل القضايا التي تهم الساحة الوطنية والدعوة لإطلاق حوار جامع بشأنها في أسرع وقت ممكن ودون شروط مسبقة».
أما الرئيس الدوري لمنتدى المعارضة أحمد سالم ولد بوحبيني فقد جدد في تصريحات لمجلة «لوكلام»، «تمسك الطيف المعارض بالحوار كخيار لا محيد عنه لحل الأزمات التي تمر بها موريتانيا».
وقال «إن الأزمات الملاحظة على جميع الصعد ليس لها حل إلا الحوار وهذا ما جعل منتدى المعارضة بجميع أطيافه يتبنى خيار الحوار». وأوضح ولد بوحبيني «أن التعاون على التسيير المشترك لشؤون البلد يعتبر ضمانة للديموقراطية ورفعا للتحديات التي تواجهها».
«إن التغيير الذي يطمح له الموريتانيون، يضيف رئيس المعارضة، لا يمكن أن يتحقق إلا بتضافر الجهود مع القوى السياسية التي لها برامج ورؤى اجتماعية، وإذا لم يبادر النظام لحل دائم للأومة فإن الوضع سينفجر تحت الضغط وخيبة الأمل وبفعل الحقد والتهديد».
وحول الطريقة المناسبة لاستئناف الحوار المجمد قال ولد بوحبيني «هناك خطوة واحدة تضمن استئناف الحوار، وهي أن يعطي النظام إشارات واضحة تؤكد رغبته في الحوار الجاد مع عودته للاتصال بالمعارضة والرد على وثيقة الممهدات التي سلمتها المعارضة للأغلبية».
وفي رد على سؤال بخصوص المخرج الذي يراه ممكناً إذا لم تتفاهم المعارضة والنظام قال «كل الطرق يجب أن تقود للحوار بما في ذلك التهدئة وحل المشاكل الاجتماعية ومكافحة الإرهاب وتحسين ظروف عيش المواطنين»، مضيفاً «أن الطريق الآمن الوحيد المتاح حاليا هو الطريق الذي يجنب موريتانيا الوقوع في الهاوية». 
وخلص الرئيس الدوري للمنتدى المعارض للقول بأن «الوضع الراهن في موريتانيا بالغ الخطورة وعلى النظام مسؤولية كبرى في هذا الصدد أما المعارضة فمبرر وجودها هو طي هذه الصفحة بصورة نهائية، والموريتانيون يوجدون اليوم، حسب قوله، أمام مسؤولياتهم وسيحاكم التاريخ كل من لم يسع ليجنب موريتانيا ما يهددها من كوارث».
واهتم مدونون موريتانيون في صف المعارضة بالتغييرات المتوقعة بعد استئناف الرئيس لنشاطه واعتبروا أن لقاء رئيس الحزب الحاكم سيدي محمد ولد محم قبل يومين للصحافة في «عشاء ودي»، تحضير للمرحلة المقبلة التي ستشهد تغييرات كبيرة.
وأكد المدونون «أن القرارات التي سيتخذها الرئيس بعد عطلة الاستجمام والمراجعة، ستفسر نواياه السياسية المستقبلة وستؤكد للرأي العام ما إذا كانت فاجعة فقدان الرئيس لابنه قد دفعته نحو مراجعة نفسه وتغيير نمط حكمه».
وعبر القيادي المعارض محمد الأمين الفاظل عن هذه الانتظارات في تدوينة كتب فيها «..ما سيتخذه الرئيس من قرارات في الأيام الثلاثة المقبلة سيكفي لمعرفة إن كان الرئيس قد تغير، وفي أي اتجاه كان ذلك التغير».
أما المدون الموريتاني «العملاق» إكس ولد أكس أكرك الذي يتابعه الآلاف لسعة اطلاعه، فقد أكد في تدوينة له بعنوان «عزيزز غزواني»، «أن الرئيس الموريتاني اجتمع قبل أيام وبمنتجعه فى «تيرس» (شمال موريتانيا)ـ بقائد الجيوش العامة اللواء غزواني لنقاش الوضعية العامة في البلد، واستمر الاجتماع ساعات، قيل إن الرجلين ناقشا خلاله الملف العسكري والأمني، وحادثة فرار السجين السلفي الأخطر السالك ولد الشيخ من السجن المركزي، وإغلاق المحاظر».
وأضاف المدون البارز « عاد ولد الغزواني وعقد اجتماعا أمنيا بمقر قيادة الأركان العامة وسط العاصمة حضره وزير الدفاع وقادة القوات المسلحة والدرك والحرس والأمن الوطني، وهي المرة الثانية التي يمنح فيها عزيز صلاحيات ترؤس الاجتماع الأمني لغيره منذ انقلاب 6 غشت 2008، وكانت الأولى عام 2012 حين خوّل عزيز غزواني ترؤس الاجتماع الأمني نظرا لوجوده في باريس حيث خضع للعلاج من آثار الرصاصة الصديقة».
وأوضح المدون «أن عزيز لم يعد لطبيعته حسب ما يقال بعد فجيعة رحيل ابنه أحمدو، تقول صحافة مخابراته إنه أصبح يفكر في التنحي عن الرئاسة وتكليف ولدغزواني بقيادة الدولة في مرحلة انتقالية، ربما تكون هذه بداية الدخول في لعبة ميدفيديف وبوتين».
«المخابرات ماهرة في صنع الإشاعات، يضيف اكس ولد اكس اكرك، والإشاعات هي الصناعة الوحيدة الناجحة في المنتبذ القصي، أثناء الرصاصة الصديقة روجت المخابرات لعجز الرئيس ونحجت في إقناع المعارضة بعجزه حد القسم، واليوم يروجون للتنحي ..
ثمة لا شك شيء يرتب له عزيز وغزواني والليالي حبلى بالمفاجآت وغد لناظره قريب».

عبد الله مولود-نواكشوط – «القدس العربي»