موريتانيا: المعارضة تحذر من تراجع خطير لحرية التعبير والصحافة

ثلاثاء, 2016-02-23 09:31

حذرت المعارضة الموريتانية في بيانات وزعها المنتدى المعارض وأصدرتها أحزاب في صف المعارضة أمس مما سمته «التراجع الخطير الملاحظ في حرية التعبير وحرية الصحافة في موريتانيا».

وجاء التحذير تعقيباً على إنذار وجهته السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية في موريتانيا قبل يومين لقناة «المرابطون» التلفزيونية المحسوبة على الإخوان المسلمين، وأوقفت بموجبه لمدة شهر برنامج «في الصميم» الحواري المشاهد على نطاق واسع الذي تبثه القناة والذي يعده الصحافي الشهير أحمدو ولد الوديعة.
وتحت عنوان «لا لتعليق برنامج «في الصميم»، أكد منتدى المعارضة الموريتانية في بيان توصلت «القدس العربي» أمس بنسخة منه «أن السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية (الهابا) اتخذت قراراً جديداً يستهدف حرية الصحافة من خلال تعليقها بث برنامج «في الصميم» الأسبوعي الذي تبثه قناة المرابطون».
«وتأكيدا على مواقفه المبدئية من الحريات العمومية بما فيها حرية الصحافة، يضيف المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، فإن المنتدى يرفض استغلال «الهابا» من قبل النظام كسيف مسلط على رقاب وسائل الإعلام للاستفزاز والإلجام، كما يشجب قرار تعليق برنامج «في الصميم» ويطالب بإلغائه فوراً».
وفي بيان آخر صدر أمس بالمناسبة أكد حزب اتحاد قوى التقدم «أن حرية الصحافة في موريتانيا شهدت تراجعاً خطيراً جسده قرار السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية الأخير القاضي بتعليق برنامج «في الصميم» الذي تبثه قناة «المرابطون» الفضائية ويقدمه الصحافي المتميز أحمد ولد الوديعة».
وأضاف البيان «ويأتي هذا التعليق الذي يستمر شهراً كاملاً ضمن خطة استهداف واضحة لحرية الرأي والتعبير في موريتانيا، تمظهرت في عدة حالات سابقة كتعليق برنامج «صحراء توك» الشهير ومضايقة الصحافيين وجرهم إلى المحاكم في محاولة مكشوفة لإسكاتهم في ظرف بلغ فيه فساد النظام وفضائحه مستويات غير مسبوقة».
وأكد حزب اتحاد قوى التقدم «أنه وهو يتابع بقلق بالغ هذا التراجع الخطير في مستوى حرية الإعلام، ليعلن استهجانه الشديد لقرار السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية القاضي بتعليق برنامج «في الصميم» لأسباب واهية لا تستند على مبررات مقنعة»، كما يؤكد «رفضه البات لهذا القرار الجائر ولغيره من القرارات التي تستهدف حرية الصحافة». ودعا الحزب « القوى الوطنية الحية كافة للوقوف بجدية وقوة في وجه سياسات النظام التدميرية لحصيلة عقود طويلة من النضال من أجل حرية الصحافة والتعبير».
وكانت قناة «المرابطون» التي تلقت إدارته زيارات تضامنية من أبرز قياديي المعارضة، قد دافعت عن نفسها في بيان ردت به على بيان السلطة العليا للصحافة الذي تضمن الإنذار الموجه للقناة، حيث أكدت «أنها قامت بدور تقتنع بمحوريته في عملية التنمية بأوجهها المختلفة ولن يؤثر عليها المنع والمصادرة وستستمر في أداء رسالتها بمهنية ولن يعكر مزاجها منع هنا ومصادرة هناك».
وأوضحت إدارة القناة «أن تلفزيون «المرابطون» ظلت حريصة على إبراز تعددية الرأي عبر النقل الواسع لمختلف اتجاهات الرأي وفي المقدمة منها رأي الأغلبية الرئاسية والحكومة».
«إننا في قناة المرابطون، تضيف إداة القناة، اتبعنا خلال السنوات الماضية نهج الشراكة التي تحولت معها رغبات السلطة العليا مجلساً ورئيساً إلى أوامر واجبة التنفيذ سعياً لتلافي أداة المنع والمصادرة وإدراكاً لحقيقة السقف الواطئ للحريات في واقع البلاد لهذا العهد وفي تصورات أصحاب السلطة».
وأكدت إدارة القناة في بيانها أن «إرادة المصادرة واستيقاظ مارد المنع وقمع الحريات الإعلامية كان له تياره التحريضي الماثل في أروقة السلطة وسجل اليوم نقطة انتصار وهمي وإن ترك خدوشاً ماثلة مشوهة وجه الحريات الذي تلقى دائماً كدمات ولكمات زادت وستزيد من قماءة صورة النظام الذي تحشد لتجميله آلة دعائية ضخمة تعويضاً عن فشل الحكامة وسوء التسيير والتستر على الفضائح المجلجلة في الداخلية والتعليم والعدالة والشفافية».
وفي السياق ذاته رد الصحافي البارز أحمدو ولد الوديعة معد برنامج «في الصميم» المعلق على قرار السلطة العليا للصحافة القاضي بتعليق برنامجه وذلك في مقال أكد فيه «أن بيان السلطة العليا اتهم قناة المرابطون بالأحادية وبالتعبير عن طيف سياسي واحد، وهو الادعاء الذي تدحضه النشرات والبرامج اليومية والأسبوعية التي يتفرج عليها الموريتانيون في بيوتهم وينتقلون إليها طواعية من القنوات الحكومية التي لم تكدر الهيئة الموقرة صفو نوم قيمها ومهنيتها العميق فيجدون فيها الموالي والمعارض الإسلامي والعلماني، القومي العربي والزنجي والحرطاني، والبيظاني، السياسي والإعلامي، المثقف والأكاديمي، الشباب والشيوخ الرجال والنساء، المتحدث بالعربية والفرنسية والبولارية والصوننكية والولفية والحسانية».
وأوضح «أن قناة «المرابطون» استضافت خلال العام 2015 وحده في نشراتها الإخبارية 549 ضيفا، بمعدل يزيد عن خمسة وأربعين ضيفاً شهرياً، يمثلون كل الطيف الوطني ويعكسون حالة فريدة من المهنية لو ابتعد السوط قليلاً لاستحقت أن تكون موضع تكريم واحتفاء وطني بل ومثال نجاح مهني تمكن المفاخرة به خارجياً».
وكانت السلطة العليا للسمعيات البصرية «الهابا» قد أكدت في رسالة لمجلس إدارة القناة «أن قناة «المرابطون» تبث برامجها بناء على رخصة الاستغلال التي منحت لها على أساس من الشروط الجوهرية التي التزم بها موفر الخدمة كمقابل للرخصة من بينها استقلالية الخط التحريري والتوازن في نقل الخبر والحياد اتجاه تيارات الفكر والرأي في المجتمع والالتزام بولوج كافة الآراء سواء كانت دينية أو سياسية أو ثقافية بشكل منصف، وهذه الالتزامات مسطرة في دفتر الالتزامات بشكل صريح وواضح ولا يدع أي مجال للتأويل».
«إلا أنه و بعد مدة طويلة من المرونة والتشاور والتوصيات، تضيف السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية، مع المسؤولين في القناة تبين بما لا يدع مجالاً للشك أن هؤلاء المسؤولين لا يستطيعون أو لا يريدون الوفاء بمثل هذه الالتزامات».
وقدمت السلطة العليا نماذج من انتقاداتها على القناة بينها «قطع القناة لمسطرتها البرامجية لبث أخبار متعلقة بما سمي حينه «بأحداث المصحف الشريف» وقامت القناة خلال أربع وعشرين ساعة بكافة أشكال التحريض وبث الأخبار المغلوطة والمغرضة حول هذه الحادثة». 
ومن الانتقادات التي استند إليها قرار السلطة العليا تخصيص القناة حلقة من برنامج «دائرة الضوء» لمناقشة مطالبة إحدى الحركات بانفصال جزء من التراب الوطني الموريتاني». وانتقدت السلطة العليا «استضافة القناة في نشرتها ليوم 07 اكتوبر /تشرين الأول 2015، لشاب قال بالحرف الواحد إن النظام الموريتاني يشارك في جرائم الاغتصاب بواسطة أشخاص يلبسون بذلات عسكرية، ولم يثر هذا الاتهام الخطير انتباه مقدم النشرة ولم يطلب من الضيف أي دليل على ادعائه».
وركزت السلطة انتقاداتها على حلقات من برنامج «في الصميم» وبخاصة حلقته التي اتهم فيها ضابط سابق مستضاف في البرنامج بعض الضباط الموريتانيين ذكرهم بالأسماء بقتل زملائهم»، وحلقته التي طرح فيها مدير البرنامج سؤالاً على ضيفته الأجنبية حول مفهوم ما سماه «دولة البيظان»، وأشفع هذا المصطلح بأن النظام الموريتاني ينكر وجود العبودية مع أنها موجودة حسب قول الصحافي.

نواكشوط – «القدس العربي»