الملف: 101/ مخدرات، الحلقات المفقودة والأسئلة العالقة

جمعة, 2016-02-26 22:58

تصاعد الحديث في موريتانيا خلال الأسبوعين الأخيرة عن المخدرات، مع ظهور ملف جديد، حمل الرقم: 0101/2016 لدى النيابة العامة الموريتانية، الملف يتعلق بشبكة قالت الداخلية الموريتانية إنها تتشكل من 17 شخصا، كانت بحوزتهم 1.3 طن من المخدرات،
ودخلت الأراضي الموريتاني عبر زورق أخذها من منطقة لكويرة المغربية، وسلمها لسيارات في منطقة امحيجرات 120 كلم شمالي انواكشوط على طريق انواذيبو.

الملف الجديد مرتبط بملفات سابقة – كما أكد ذلك وزير العدل – وخصوصا ملف المخدرات المعروف بملف الطائرة، 2007، وكما طوي الملف آنذاك بشكل غامض، كشفت معلومات الملف الجديدة عن أسئلة عديدة بقيت معلقة، وقد تشكل مؤشرات على سير الملف الجديدة على الطريق ذاته الذي سلكه الملف السابق، وملفات أخرى عديدة، كما كشف التحقيق عن وجود العديد من الحلقات المفقودة في العملية، بعضها متعلق بالأشخاص، وبعضها بالوقائع والحيثيات.

 

صحيفة "الأخبار إنفو" تقف في عددها اليوم مع أبرز الأسئلة التي ظلت عالقة طيلة التحقيق مع هذه الشبكة، إضافة لتفاصيل هذه الشبكة، وتوزعتها على المهام في إطار إدخال هذه الشحنة إلى الأراضي الموريتانية.

 

الحلقات المفقودة

أولى الأسئلة العالقة في هذا الملف، كانت عن الحلقات المفقودة، سواء في الشخصيات أو الوقائع، فثلاثة شخصيات كانت أدوارها بارزة في العملية ظلت خارج قبضة الأمن، رغم إن أحد الثلاثة مثل أمام الشرطة كشاهد في الملف قبل أن يطلق سراحه، وهؤلاء الأشخاص هم:

 

وهذه الشخصيات هي:

-         اعزيزي ولد احتات، وينتمي لمنطقة أزودا، وتصف الجهات الأمنية في موريتانيا دوره بالمحوري في العملية، غير أنه تمكن من الفرار إلى الأراضي المالية قبل القبض عليه. حسب الشرطة الموريتانية.

 

ورغم صدور مذكرة اعتقال في حقه إلا أن أي أسئلة لم ترد عنه على ألسنة المحققين، حتى سيد محمد ولد هيدالة لم يسأل عنه، رغم أن الجهات الأمنية تتحدث عن علاقات بينهما تعود لملف 2007، وهو ما أبقى أسئلة عديدة حول دوره في العملية، وعلاقاته داخلها معلقة، كما طرح أسئلة أخرى حول جدية التحقيقات.

 

-         الحسن ولد أبو بكر، وكان له الدور الأبرز في تجنيد المجموعة التي نقلت الشحنة بحريا، وتولى العملية ميدانيا أخوه حمدي ولد أبو بكر، والسالك ولد بلال. ولم يرد أي سؤال عنها من المحققين، كما أن تأكيد الشرطة لوجوده في أسبانيا، وقوة التعاون الأمني وأسبانيا، دفع للتساؤل حول حقيقة ملفه، وتأخر القبض عليها إلى الآن.

 

-         الناجم ولد عبد الله الجكني، وقد استلم مبلغ 27.700.000 أوقية، من العامل في مجال صرف العملات ابوه ولد محمد الأمين، وذلك بناء على تكليف من سيد محمد ولد هيداله، وقد اعتقل مالك الصرافة، ووجهت له الجهات الأمنية تهمة التجمع والتمالؤ لتهريب مخدرات ذات خطر بالغ، فيما تم استجواب الناجم كشاهد في الملف قبل أن يطلق سراحه.

 

وقد تحول ولد عبد الله من شاهد في الملف إلى مطلوب، حيث صدرت في حقه بطاقة توقيف، لكن بعد أن أصبح خارجة قبضة الأمن الموريتاني.

 

لمن الزورق!

تحاشى المحققون الموريتانيون توجيه أي أسئلة للمتهمين حول مصدر الشحنة، والجهة التي سلمتها لهم في منطقة لكويرة غير بعيد من مدينة انواذيبو، ورغم حديث بعض أعضائها عن انتماء الزورق / السفينة للمغرب إلا أن أيا من المحققين لم يسع لاستجلاء تفاصيل عن هذا الزورق، ولا عن طبيعة الناقلين، أو جنسياتهم، وكذا حجم الشحنة التي كانت موجودة فيه، وهل أفرغ حمولته في الزورق الموريتاني، أم ما زالت على متنه شحنة أخرى قد تصل الأراضي الموريتانية في أي وقت.

 

وكل المعلومات التي وردت عنه كانت بتطوع من المتهمين دون أسئلة من المحققين، ودون استزادة من التفاصيل بعد الحديث عنها.

 

وتركزت أسئلة المحققين على أدوار الأشخاص الذي تم اعتقالهم، دون أن تتجاوزها لمحاولة رسم صورة للشبكة تتجاوز حدود البلاد، وخصوصا في الأبعاد المتصلة بالمحطة الموريتانية.

 

مصدر التمويل؟

وكما توقف التحقيق عند الحدود الشمالية لموريتانيا، ولم يصل حتى لمنطقة لكويرة التي يوجد فيها جنود موريتانيون، توقفوا كذلك عند حدود موريتانيا الشرقية، ولم تسأل عن مصدر مبلغ 50 مليون افرنك الذي وصل سيد محمد ولد هيدالة من مالي عبر ابوه ولد محمد الأمين مالك صرافة في السوق المركزي.

 

وقد استملها الناجم ولد عبد الله الجكني من ولد محمد الأمين، نيابة عن ولد هيداله، ووصلت 27.700.000 بالأوقية الموريتانية.

 

فغابت خلال التحقيق أي أسئلة من المحققين الموريتانيين عن الشخص الذي يقف وراء إرسال هذا المبلغ، وهل حول مبالغ قبل هذا المبلغ، بل وتم إطلاق سراح الجكني الذي استلمها بعد الاستماع إليه كشاهد، قبل أن تصدر بطاقة توقيف له من القضاء الموريتاني.

 

تجاهل متعمد..

تجاهل المحققون حديث سيد محمد ولد هيدالة عن وجود نية استهداف له وتورطيه في هذا الملف لدى العديد من الجهات، وذلك بعد نفى أي علاقة له بالشبكة أو معرفة بأفراده سوى شقيقه اعل الشيخ ولد هيداله، أو قريبه امودي ولد اسلامة.

وقد أورد ولد هيدالة أثناء حديثه للمحققين ثلاثة أسماء، معتبرا أنها قد تكون وراء توريطه في الملف، لكن أيا من المحققين لم يسأل عن هذه الشخصيات، ولم يطلب تقديم تفاصيل عنها من ولد هيدالة نفسه، أو من غيره من المتهمين في الملف.

ومن بين الشخصيات التي ذكرها ولد هيدالة بالاسم، ثلاثة أزواديين، هم: (البربوشي من أزواد، وعمر ولد أحمد من أزواد، وعبد الله كيصوص من أزواد).

 

من أخبر هيداله؟

المعلوم ولد أحمد بلال أكد في حديثه للمحققين أن سيد محمد ولد هيدالة اتصل عليه السابعة والنصف صباحا يوم السبت 30 – 01 – 2016 وأخبره بوجود سيارات دورية على الطريق تبحث عن السلفيين، وطلب منه أن يتوقف، ولا يوصل الشحنة إلى لحاسي بوغبرة كما كان متفقا عليه.

وقد غير ولد أحمد بلال طريقه – بناء على اتصال ولد هيدالة – حيث توجه إلى تيجريت، وفيها تلقى اتصالا من قائد الناحية الغربية في الدرك الموريتاني الدي ولد يزيد، قبل أن يتم اعتقال المجموعة كلها.

ورغم تصريح ولد هيدالة بحصوله على هذه المعلومة، وتحذيره لأحد مجموعة النقل البري، فلم يجد أي من المحققين ضرورة لسؤاله عن مصدرها.

 

أي علاقة بـ2007؟

علاقة الملف الحالي بملف 2007، كانت من النقاط البارزة في هذا الملف، حيث أكد وزير العدل إبراهيم ولد داداه في مؤتمر صحفي بانواكشوط أن أحد المتهمين في الملف – دون تسميته – بأنه متابع إلى الآن في إطار ملف 2007، معتبرا أن خرج بحرية مؤقتة وتم استئنافها، وهو معلق الآن أمام المحاكم.

 

ويعتبر ملف المخدرات 2007، من أشهر الملفات في البلاد، وتم خلاله اعتقال عدد من الأشخاص، ومصادر طائرة وعدة سيارات قبل أن يتم تسوية الموضوع دون أي محاكمات.

 

أموال للحكومة

وزير العدل ولد داداه أعلن أن الحكومة صادقت على مرسوم يجعل من السيارات والأشياء المصادرة في هذا النوع من العمليات ملكا للحكومة الموريتانية، مشيرا إلى أنه سيتم بيعها من طرق كاتب الضبط الرئيسي في النيابة العامة التي تتولى مصادرتها.

وأشار وزير العدل إلى أن عملية البيع تتم دون الحاجة لعدل منفذ، لأن الحكومة لا تريد أن يأخذ أي جزء من المبلغ العائد منها، مردفا أن المبلغ يتم توزيعه على النحو التالي:

 

-         50% منه للحكومة الموريتانية.

-         25% للفريق الذي اعتقل المتهمين، وصادر المحجوزات.

-         25% للهيئات العاملة في مجال مواجهة هذا النوع من الجرائم.

 

وأدت العملية الأخيرة لمصادرة 4 سيارات، واحدة من نوع V8 كانت بحوزة سيد محمد هيداله، واثنتان من نوع تويوتا هيلكس كانت إحداهما بحوزة المعلوم ولد أحمد بلال، والثانية بحوزة امودي ولد سلامة، أما السيارة الرابعة، وهي من نوع توتوتا لا ندركيزر فكانت بحوزة اعل الشيخ ولد هيداله.

 

كما عرفت مصادرة مبلغ مالي يصل إلى 2.358.300 أوقية، كانت مبلغ 2 مليون منها بحوزة حمدي ولد أبو بكر، و228.300 أوقية، كانت بحوزة اعل الشيخ ولد هيداله، و130.000 أوقية منها عند المعلوم ولد أحمد بلال.

كما تمت مصادرة غطاء ابلاستيكي كانت فيه كمية المخدرات الموجودة لدى اعل الشيخ، وكذا ساعة من نوع "هيبلو بنك بانك" كانت بحوزة سيد محمد ولد هيداله، وتتراوح أسعارها ما بين 10 إلى 47 ألف دولار، وهو ما يتراوح بين 3.5 إلى 16 مليون أوقية.

وقد أصر المحققون على إفراد الساعة بمحضر خاص، حتى لا تتكرر تجربة ساعة "بارون" انواذيبو المعروف بالحاج أحمد، والذي أدى اختفاء ساعته إلى فشل مساعي إطلاق سراحه، قبل أن تعصف قضيته بمسؤولين قضائيين بارزين.

وبلغ مجموع المخدرات المحتجزة 1.3 طنا، مكونة من 28 كوليسة كبيرة، وزن كل واحدة منها 25 كلغ (منها: 12 ضبطت في سيارة المعلوم ولد أحمد بلال، و19 في سيارة اعل الشيخ هيداله)، و50 كوليسة صغيرة وزن كل واحدة منها 12 كلغ، (منها 12 في سيارة المعلوم ولد أحمد بلال، و38 في سيارة اعل الشيخ ولد هيداله).

 

تفاصيل الشبكة

تتشكل الشبكة – حسب ما توصلت إليه الأجهزة الأمنية والقضائية في موريتانيا – من ثلاث مجموعات رئيسية، ومجموعة رابعة كانت أعمال دعم لهذه المجموعة، كتوفير لوحة سيارات مزورة، أو توفير صرف للعملة الصعبة.

وتولت المجموعة الأولى تنسيق العملية بقيادة سيد محمد ولد هيدالة، مسنودا بقيادة ميدانية بينها اعزيز ولد احتاتي، وكان يتولى مهام في التنسيق، وقد تمكن من الفرار إلى الأراضي المالية، والحسن ولد أبو بكر، ويقيم في الأراضي الأسبانية، وقد أوقفت أجهزة الأمن الموريتانية ولد هيداله، فيما أصدر القضاء بطاقات توقيف دولية في حق ولد احتات، وولد أبوبكر.

 

أما المجموعة الثانية فكانت مهمتها نقل الشحنة من زورق/سفينة مغربية كانت في منطقة لكويرة، وأخذها إلى منطقة امحيجرات 120 كلم شمالي انواكشوط، وتولى تنسيق هذه المهمة، حمدي ولد أبو بكر بناء على اتصال من أخيه الحسن في أسبانيا، واستعان في هذه المهمة السالك ولد بلال، وكذا القبطانين، حمادي بوبو صار، ومحمد المختار ولد أحمد، والعاملين عثمان جوب، ومصطفى صال.

 

وكانت مهمة المجمعة الثالثة نقل الشحنة من الزورق قرب امحيجرات إلى داخل الأراضي الموريتانية، وتحديدا بئر بوغبرة، وتشكلت هذه المجموعة من، اعل الشيخ ولد هيداله، والمعلوم ولد أحمد بلال، وأخوه محمد ولد أحمد بلال، وابن أخته باب ولد اعل.

فيما تم توقيف مجموعة أخرى بتهمة المساعدة، من بينها صاحب الصرافة ابوه ولد محمد الأمين، والذي سلم للناجم عبد الله الجكني مبلغ 27 مليونا قادمة من مالي، وأحمد ولد عبد القادر المتهم بتزوير اللوحة الرسمية SG التي كانت تحملها سيارة لا ندكريزر التي كان يقودها اعل الشيخ ولد هيداله.

 

عملية متعددة

وشارك في إيقاف الشبكة وحدات من الشرطة والدرك والجيش، وبعد متابعات أمنية معقدة، حيث أوقفت الشرطة منسق العملية سيد محمد ولد هيدالة في منزله بالعاصمة انواكشوط، فيما أوقفت وحدة من الدرك مجموعة الزورق، وكذا إحدى سيارات النقل البري، وخصوصا تلك التي يوجد فيها المعلوم ولد أحمد بلال ومحمد ولد أحمد بلال وباب ولد اعل.

 

وتولت وحدة من الجيش توقيف الجزء الآخر من مجموعة النقل البري للشحنة، والمشكلة من اعل الشيخ ولد هيداله، وامودي ولد اسلامة، وذلك في منطقة شمال انواكشوط، حوالي 20 كلم على طريق أكجوجت.

واستمرت عملية توقيف الشبكة طيلة ثلاثة أيام، حيث بدأت يوم 29 يناير، واستمر حتى 31 يناير 2016.

وسيستفيد أعضاء كل فريق أمني من نسبة 25% من عائدات بيع السيارات والأدوات التي كانوا سببا في توقيفها أو مصادرتها.  

 

المصـــدر