من الذي يقف خلف موجه الحرائق التي تجتاح الأراضي الفلسطينية المحتلة؟

سبت, 2016-11-26 02:23

رجال اطفاء فلسطينيون يشاركون في اخماد الحريق في مدينة حيفا المحتلة في منطقة الـ48

من الذي يقف خلف موجه الحرائق التي تجتاح الأراضي الفلسطينية المحتلة؟ ولماذا “تتزلف” السلطة لحكومة الاحتلال وتهرع للمشاركة في اطفائها؟ وهل تسميتها بـ”انتفاضة النار” صحيحة ام سابقة لاوانها؟

 

لم يثبت حتى الآن بالدليل القاطع من هي الجهة التي تقف خلف موجة الحرائق التي اندلعت في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وما زال من المبكر اخذ اقوال وتصريحات بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي قال فيها ان 70 بالمئة من هذه الحرائق لها دوافع “إرهابية”، ملمحا الى ان العرب يحرقون الدولة الإسرائيلية، لانه رجل يميني عنصري متطرف يحترف الكذب والتضليل.

واذا تبث بالدليل القاطع بأن هذه الحرائق تجسد قفزة جديدة مختلفة في اعمال مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، فإن هذه القفزة غير مستغربة، او مستبعدة، في ظل تضخم الاحتقان في الأراضي الفلسطينية كافة، دون أي استثناء من جراء تزايد اعمال القمع والاذلال الإسرائيلية في حق المواطنين أصحاب البلد الحقيقيين.

لا تستطيع اسرائيل توجيه أي اتهامات للعرب بأنهم يلجأون الى “ثورة الحرائق” هذه، بطريقة عنيفة ترتقي الى توصيف الإرهاب، حسب ادبياتهم المكررة لدرجة الملل، لان الإسرائيليين هم ملوك الحرائق واباطرتها، ليس للاشجار فقط، وانما للبشر أيضا.

خمسة من المستوطنين الاسرائيليين اقدموا على خطف الطفل المقدسي محمد ابو خضير (16 عاما) اثناء توجهه الى صلاة الفجر، بعد تناول سحوره، في تموز (يوليو) 2014، واقتادوه الى منطقة خالية، واجبروه على شرب البنزين ثم اشعلوا في النار حيا بعد تعذيبه بطرق بشعة والتمثيل بجثته.

وبعد عام بالتمام والكمال، وبالتحديد يوم 31 تموز (يوليو) عام 2015، اقتحمت مجموعة من المستوطنين منزلي المواطنين سعد محمد دوابشة، ومأمون رشيد دوابشة، وقاموا بحرقهما بالقاء قنابل مولوتوف شديدة الاشتعال داخلهما، مما أدى الى استشهاد أربعة، وأصيب الطفل احمد دوابشة (أربعة أعوام) بحروق شديدة نجا منها بأعجوبة، ولكنه فقد والديه واشقائه.

كان لافتا، هذا التعاطف الكبير من قبل ستة دول هي تركيا، اليونان، إيطاليا، كرواتيا، روسيا، وقبرص، علاوة على مصر والأردن، ومشاركتها في محاولة اخماد هذه النيران، واللافت اكثر ان السلطة الفلسطينية أرسلت اكثر من ثماني سيارات إطفاء و40 رجلا معها للقيام بالواجب تجاه الجار الإسرائيلي المحتل، كرد للجميل على احتلاله، وتوسعه الاستيطاني، هذه الدول لم تتحرك مطلقا لوقف الحروب الثلاثة الأخيرة على قطاع غزة، ولم تبد أي تحرك لانهاء الحصار الظالم المفروض على مليوني مواطن.

اذا ثبت فعلا ان هذه الحرائق هي بداية “ثورة او انتفاضة نيران”، مثلما بادر البعض بتسميتها، فإن الآلة الدعائية الإسرائيلية واذرعتها في الاعلام الغربي ستتهم العرب بأخطر الاتهامات مثل “البرابرة” و”الهمج” و”الوحوش”، وينسى العالم المنحاز المٌضلل كل الجرائم والحرائق الإسرائيلية للبشر، سواء بإشعال النيران بالنيام (حالة الدوابشة)، او بالأطفال (محمد ابو خضير)، او بالحرق بصواريخ طائرات (اف 16)، ومروحيات أباتشي، سواء في قطاع غزة او في جنوب لبنان (مجزرتا قانا).

الطائرات والزوارق والمدفعية الإسرائيلية لم تقصف هؤلاء بقنابل الثلج، ولا بالزهور والعطور، وانما بأخطر الحمم الصاروخية، وأكثرها قدرة على الحرق والقتل والتدمير.

الشعب الفلسطيني، في كل انحاء فلسطين التاريخية المحتلة، يملك حق المقاومة بكل الطرق والوسائل المشروعة، التي كفلتها كل المواثيق الدولية، ومارستها كل الشعوب الأخرى لانهاء احتلالها، والتحرر من الاستعمار، والاحتلال الإسرائيلي لن يكون استثناء، ويجب ان تكون كلفته عالية، بل الأعلى، لأنه الأكثر دموية وعنصرية.

“راي اليوم”