آفاق واعدة تنتظر البورصة السعودية بعد السماح بدخول المستثمرين الأجانب

أربعاء, 2014-07-23 00:30

بعد طول إنتظار قررت السعودية أخيرا السماح للمستثمرين الأجانب بالإستثمار المباشر في أكبر سوق للأسهم في الشرق الأوسط، وهو ما يفتح آفاقا واعدة أمام سوق مغلقة تنطوي على فرص هائلة، وتتجاوز قيمتها السوقية 531 مليار دولار.
وقالت هيئة السوق المالية السعودية أمس الثلاثاء ان فتح أكبر سوق للأسهم في الشرق الأوسط للإستثمار المباشر من قبل المؤسسات الأجنبية سيبدأ في النصف الأول من 2015، بعدما أعطى مجلس الوزراء الضوء الأخضر للمضي قدما في تنفيذ تلك الخطوة.
ويعد فتح السوق أمام الأجانب للإستثمار المباشر واحدا من أهم الإصلاحات الإقتصادية التي يترقبها المستثمرون بشغف في أكبر مصدر للنفط في العالم وأكبر إقتصاد عربي.
وفي الوقت الحالي لا يسمح للأجانب بشراء الأسهم السعودية إلا من خلال صفقات مقايضة تجريها بنوك إستثمار دولية، وأيضا من خلال عدد صغير من صناديق المؤشرات.
وأجمع إقتصاديون وخبراء ومديرو محافظ إستثمارية تحدثت معهم رويترز على أن الخطوة ستكون إيجابية للسوق، وستساعد على زيادة المستوى الإجمالي للإستثمار المؤسسي في البورصة حيث يسيطر الأفراد على نحو 93 في المئة من التداولات اليومية.
لكنهم لفتوا إلى أن الخطوة ربما تكون غير كافية لإستيعاب السيولة الكبيرة التي ستدخل للسوق مع فتحها، وأشاروا لوجود ضرورة لتطوير سوق السندات والصكوك لإستيعاب تلك الأموال.
وقالت الهيئة في بيان نشر على موقعها الإلكتروني أمس أنها ستبدأ الشهر المقبل إستطلاع آراء المستثمرين حول القواعد المتعلقة بتلك الخطوة ولمدة 90 يوما.
وأضافت «بعد ورود المقترحات والآراء بشأن تلك القواعد ستقوم الهيئة بمراجعتها نهاية العام الحالي والتحقق من جاهزية شركة السوق المالية السعودية (تداول)…وبناء عليه سيتم فتح السوق لإستثمار المؤسسات المالية الأجنبية المؤهلة في الأسهم المدرجة خلال النصف الأول من عام 2015.»
وقال سانيالاك مانيباندو، مدير البحوث لدى شركة أبوظبي الوطني للأوراق المالية «اعتقد ان هذه أخبار إيجابية للغاية…هناك عوامل جذب عديدة للإستثمار: السوق السعودية تتمتنع بتنوع أكبر مقارنة بأسواق الخليج الاُخرى. القيمة السوقية أكبر كما أن قيم وأحجام التداول أعلى.»
من جانبه قال جون سفاكياناكيس الخبير الإقتصادي في الرياض «تم التغلب على أكبر العقبات وهي قرار مجلس الوزراء. وضعت هيئة السوق المالية مقترحا العام الماضي. القواعد موجودة وصممت للحد من تدفق أموال المضاربة.»

عوامل جذب وانعكاسات إيجابية

أجمع الإقتصاديون والخبراء على أن الأجانب يرون البورصة السعودية جذابة جدا، في ظل الوضع القوي للإقتصاد الكلي في أكبر مصدر للنفط في العالم، والعوامل السكانية، وانخفاض تكلفة الطاقة، والإنفاق الحكومي على البنية الأساسية، إلى جانب توقعات النمو الإيجابية، والتقييمات الرخيصة للكثير من الأسهم في السوق.
يقول الإقتصادي البارز عبد الوهاب ابو داهش «الإستثمار الأجنبي المباشر سيعزز الثقة في الإقتصاد ويساعده على وجود لاعبين جدد وعلى وجود نظام مؤسساتي أفضل».
وأضاف «اعتقد ان الخطوة المقبلة ستكون إدراج السوق السعودي على مؤشر مورغان ستانلي، وسيستحوذ السوق على أكبر سيولة ممكنة من تلك التي تستحوذ عليها أسواق خليحية اُخرى».
وعقب إعلان قرار فتح السوق خلال العام المقبل قال مسؤول في «ام.إس.سي.آي» لمؤشرات الأسواق ان الشركة ستجري مشاورات مع المستثمرين بشأن إدراج السعودية على مؤشراتها للأسهم، وقد تأخذ قرارا بضمها كسوق ناشئة في يونيو/حزيران 2015.
من جانبه قال الخبير الإقتصادي إحسان ابو حليقة «هذه خطوة طال انتظارها…طيلة السنوات الماضية كانت سوق الأسهم السعودية سوقا محلية. ورغم انها تجنبت أزمات مالية عالمية كبرى…لم يكن مقبولا ان تظل السوق محلية في دولة ذات ثقل إقتصادي عالمي».
وتابع «السوق المالية ستجلب نوعا آخر من الإستثمارات التي تقوم على اساس إيجاد مراكز إعتمادا على الأسهم، ونحن نفتقد مثل هذا النوع من الإستثمارات».
وأضاف أبو حليقة أن القرار ضروري لترشيد حركة المؤشر الذي لا يتأثر بالأخبار الإقتصادية الإيجابية سواء محليا او في المنطقة، بينما يتأثر سريعا بالأخبار السلبية. وتابع «دخول مستثمرين مؤسساتيين سيكون لهم مساهمة واضحة في ترشيد حركة المؤشر والحد من الميل للتفاعل مع الأحداث السلبية».
المؤشر يترقب مستويات أعلى
قفز مؤشر سوق الأسهم السعودي أكثر من ثلاثة في المئة متجاوزا مستوى عشرة آلاف نقطة في تعاملات أمس، مع تفاؤل المتعاملين بالقرار. وشملت الإرتفاعات كافة المؤشرات الفرعية وتركزت التداولات على الأسهم القيادية التي قد تجذب أنظار الأجانب.
وفي نهاية التعاملات أغلق المؤشر مرتفعا 2.8 في المئة عند 10025.14 نقطة وسط تداولات قوية تجاوزت قيمتها 12.2 مليار ريال.
يقول ثامر السعيد مدير المحافظ الإستثمارية لدى شركة «فيرست جوغيت كابيتال» ان الإعلان عن الإطار الزمني لفتح السوق «يمنح الوقت الكافي للمستثمرين داخل السوق بالتمركز داخله والسيطرة على الفرص المتاحة فيه».
وتابع «نحن في انتظار الإعلان عن القواعد لمعرفة ما إذا سيكون هناك نسبة تملك محددة للأجانب…ولكن لحين الإعلان عن ذلك اعتقد أن 10400-10500 نقطة اصبح مستوى مستحقا للمؤشر».
واعتبر هشام تفاحة، مدير المحافظ الإستثمارية في شركة الرياض قرار فتح السوق «إيجابيا جدا» مثلما اتضح مع صعود البورصة أمس. لكنه أضاف «يجب الحذر من الإرتفاعات غير المبررة لأنه في نهاية الأمر سيدخل المستثمر الاجنبي السوق بشكل مقنن ولن يأتي للمضاربة، وستتركز أنظار الأجانب على الشركات الإستثمارية لأن تقييمها رخيص».
وتوقع تفاحة إرتفاع معدل التداول اليومي لأكثر من عشرة مليارات ريال بعد العيد، وان ترتفع القيمة السوقية للبورصة إلى نحو 620 مليار دولار خلال عام. وتابع «من الممكن أن نرى مؤشر السوق عند مستوى 10500 – 10800 نقطة خلال خمسة أشهر».
ولفت محللون إلى أن ذلك ربما ينعكس على أرباح البنوك التي تمتلك شركات وساطة تابعة لها.
وكانت البنوك سجلت نموا ملحوظا في أرباحها خلال النصف الأول من 2012، عندما تزايدت التكهنات آنذاك بقرب فتح السوق للأجانب وعندما إرتفعت قيم التداول اليومي حينها إلى 9 – 12 مليار ريال.
وأجمع المحللون والخبراء على أن قطاع البتروكيماويات سيكون عامل الجذب الأول للإستثمارات الأجنبية المباشرة داخل السوق، لما للملكة من ثقل في قطاع النفط وفي صناعةالبتروكيماويات.
وظهر ذلك جليا في تداولات أمس مع صعود مؤشر البتروكيماويات 4.12 في المئة في نهاية التعاملات، وتسجيل سهم سابك صعودا بنسبة تسعة في المئة خلال الجلسة، قبل أن يقلص مكاسبه ويغلق مرتفعا 6.8 في المئة.
كما رجح المحللون أن ينجذب الأجانب إلى قطاع المصارف الذي يتميز برخص تقييمات أسهمه، وقطاع الإتصالات وعدد من الشركات في قطاع التجزئة.
وفي نهاية تعاملات اليوم قفز سهم مصرف الراجحي 2.2 في المئة، وسهم «سامبا»6.1 في المئة، و»موبايلي» 5.1 في المئة، والإتصالات السعودية 2.9 في المئة.
سوق الصكوك والسندات ضرورة
يتفق الإقتصاديان البارزان أبو داهش وأبو حليقة على أن فتح السوق للإستثمار الأجنبي خطوة مهمة، لكنها قد لا تكون كافية لإستيعاب السيولة الكبيرة المتوقع دخولها في السوق.
وقال أبو داهش «مع حجم السيولة العالية من الأجانب نأمل ان ينعكس ذلك على سوق السندات …يبدي الكثير من الأجانب اهتماما بسوق الصكوك (السندات الإسلامية) ومن المهم جدا إيجاد سوق ضخم للصكوك لإستيعاب السيولة القادمة والتي من المتوقع أن تكون ضخمة».
فيما قال أبو حليقة ان السوق السعودي حتى الآن سوق لتبادل الأسهم بالدرجة الاولى، ولم يساهم بدور كبير في إستقطاب الأموال، إذ دائما ما تكون البنوك الخيار الأول للشركات للحصول على التمويل، ثم تأتي البورصة كخيار ثان.
وقال «السوق السعودية لا تزال سوقا خجولة، لكن الرياض مؤهلة لأن تكون المركز المالي الأول عربيا وإسلاميا في سوق السندات والصكوك الإسلامية، لإعتبارات أهمها انها مستندة على إقتصاد كبير».
وتابع «هذا الأمر لن يأت بالتمني بل يجب ان تسعى إليه هيئة السوق المالية سعيا حقيقيا وتوفر البنية التحتية اللازمة له…السماح للأجانب بالإستثمار المباشر في السوق أمر ضروري لتنفيذ ذلك لكنه ليس كافيا».
كان رئيس هيئة السوق المالية محمد آل الشيخ قال في سبتمبر/أيلول ان الهيئة تسعى لتطوير سوق الصكوك، الذي لا يتجاوز ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وانها تجري دراسة لتطوير أدوات الدَين المتاحة للإستثمار.
وأشار أبو حليقة إلى أنه في الوقت الراهن يقتصر إصدار الصكوك والسندات على الراغبين في تنفيذ مشروعات داخل الإقتصاد السعودي. وأضاف «نرغب ان نرى في المستقبل طرح صكوك تستخدم في تطوير مشروعات ضمن مجلس التعاون ..هذا سيحدث فائدة كبيرة للإقتصاد وسيساعد على توظيف الأموال المتراكمة».

 

القدس العربي