المغرب يحذر من الانفلات الأمني في منطقة الكركرات بعد حجزه لشاحنتين للنقل الدولي متورطتين في التهريب

ثلاثاء, 2017-03-14 01:51

قامت عناصر الأمن المغربي في المركز الحدودي في منطقة الكركرات (جنوب مدينة الداخلة) من إحباط عملية كبيرة لتهريب المواد المخدرة على متن شاحنتين للنقل الدولي مسجلتين في المغرب.

وأوضحت المديرية العامة للأمن الوطني، في بيان لها، أن فرقة مشتركة بين المصالح الأمنية، كانت قد أوقفت شاحنتين تابعتين لشركة يوجد مقرها الاجتماعي في أغادير، متجهتين نحو أفريقيا. وكشفت عمليات التفتيش وجود كمية كبيرة من مخدر «الحشيش»، مخبأة في شحنة من الأسمدة المخصصة للزراعة.
وحسب المصدر ذاته، فإن إجهاض هذه العملية يندرج في إطار الجهود المبذولة لمكافحة الإتجار الدولي في المواد المخدرة. ويرى مراقبون أن منطقة الكركرات أصبحت من أخطر المناطق في العالم، كونها تعد ممراً أساسياً لعبور المخدرات، وساحة آمنة للإرهابيين.
وكان «الحزب المغربي الليبرالي» قد دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى إعلان حالة «الاستثناء» لمواجهة ما وصفها بالتهديدات التي يتعرض لها المغرب من قبل ميليشيات البوليساريو في منطقة «الكركرات». وفي هذا الصدد، قال رئيس الحزب المغربي الليبرالي، محمد زيان، في اتصال مع «القدس العربي» إن «الجماعات المسلحة اليوم أصبحت تسيطر على طول 60 كيلومتر من الساحل، وهي مساحة مفتوحة على جميع أنواع التهريب، تهريب المخدرات وتهريب السلاح والبشر ومرور الجماعات المسلحة والإرهابية من المنطقة نحو أوروبا».
وأضاف زيان قوله إن «جبهة البوليساريو  بحكم عدم توفرها على أي شرعية دولية لن تتمكن من ربط المنطقة وأمنها، بل هي جبهة تشكل تهديداً لأمن المنطقة وسلمها». وفي السياق نفسه ، طالب محمد زيان، مجلس الأمن بضرورة إجبار موريتانيا على مراقبة محيطها ومنع مرور وتحرك هذه الجماعات المسلحة على اراضيها، مشيراً إلى أن هناك تحدياً سافراً للقانون الدولي  وحقوق المدنيين في التنقل، وخرقاً واضحاً لمواثيق حقوق الإنسان في المنطقة، وهو الأمر الذي يهدد السلم والأمن في شمال أفريقيا، على حد قوله.
وسبق أن ذكر تقرير صادر سنة 2014 عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمواد المخدرة والجريمة، أن عصابات المخدرات في أمريكا اللاتينية، عقدت اتفاقات مع شركاء محليين في دول غرب أفريقيا، من أجل تحويل المنطقة إلى معبر رئيسي، لشاحنات المخدرات المتجهة إلى أوروبا. ووفقاً لتقرير صادر عن لجنة غرب أفريقيا لمكافحة المخدرات، فإن حجم تجارة المخدرات في المنطقة قدر عام 2014 بنحو 1.25 مليار دولار، وهو مبلغ ضخم بمعايير منطقة تعد بين الأفقر في العالم.
وتذهب أموال المخدرات إلى العصابات المنظمة العابرة للحدود، وتطرقت تقارير دولية عدة إلى العلاقات الوثيقة، التي تربط بين الجماعات المسلحة، خاصة المتشددة، وتجار المخدرات في المنطقة. وتنشط في المنطقة العديد من الجماعات المسلحة التي تمتلك ترسانة من الأسلحة في هذه البقعة الفقيرة، في ظل غياب حكومات قوية تمتلك من الأدوات اللازمة لمكافحة وجودهم. في هذا الجانب، قال ادريس قصوري، محلل سياسي وأستاذ في جامعة الحسن الثاني في اتصال مع «القدس العربي»: إن «منطقة الكركرات هي منطقة آمنة بالنسبة لجميع أشكال الجريمة المنظمة، كما ان هذه المنطقة يتم توظيفها من طرف جهات عدة في أمور غير قانونية. والمغرب هو الجهة الوحيدة التي تتعامل بشكل قانوني في تأمين وتحصين هذه المنطقة، فيما يسمى بدبلوماسية الوقاية والإنذار المبكر، والدليل انه تم قبل يومين ضبط كميات مهمة من مخدر «الحشيش».
وأوضح قصوري أن الانفلات الأمني في المنطقة ناتج عن عدم تعاون الاطراف المعنية والقيام بمسؤولياتها وواجبها. ونبه إلى ان الأمور تزداد خطورة يوماً بعد يوم من خلال استغلالها من قبل الجماعات الارهابية.
وتعرف منطقة الكركرات على الحدود المغربية الموريتانية توترا، يخشى ان يتطور إلى ازمة في العلاقات المغربية الموريتانية وإلى مواجهات مسلحة بين المغرب وجبهة البوليساريو، في وقت تتصاعد المواجهات السياسية بين المغرب والجبهة في القارة الافريقية، في سياق التحرك الدبلوماسي المكثف الذي يقوده العاهل المغربي الملك محمد السادس بدول شرق افريقيا، وأيضاً في سياق عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي.
وبدأ التوتر بعد قيام المغرب بتطهير منطقة الكركرات، في آب/ أغسطس الماضي، من المهربين وتجار المخدرات وتعبيد الطريق اللفاصل بين نقطتي الحدود المغربية والموريتانية (3 كيلومتر ونصف)، الا ان جبهة البوليساريو اعتبرت ذلك خرقاً لاتفاقية وقف اطلاق النار، كون المنطقة تقع خارج الحزام الأمني الذي اعتبر خطاً لاتفاق وقف إطلاق النار عام 1991. ويعتبر المغرب المنطقة ارضاً محرمة، فيما تعتبرها الجبهة مناطق محررة. وفي هذا السياق، أشار المحلل السياسي إدريس قصوري إلى أن للجزائر مسؤولية في هذا الوضع، باعتبارها متحمسة للتوتر أكثر وتدق طبول الحرب في المنطقة، رغم أن القوانين الأممية تدعو الى الأمن والسلم وحسن الجوار، وهذه كلها مناورات من الجزائر من أجل الضغط على الأمين العام للأمم المتحدة كي يعين مبعوثاً تكون رؤيته لصالح جبهة «البوليساريو» ليكون تقرير الشهر المقبل لصالحها على حساب المغرب، وفق تعبيره.

فاطمة الزهراء كريم الله «القدس العربي»