هكذا يبدو دماغك عندما تكون فقيرًا

ثلاثاء, 2017-03-14 17:35

في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2016، كشفت دراسة علمية أن وقوع الناس في براثن الفقر يجعلهم أقل ذكاءً، ويتسبب في إصابتهم بالشيخوخة المبكرة، والتقدم السريع في العمر.

ووجد الباحثون أن المعيشة على حدود خط الفقر لمدة 20 عامًا، كان لها «ارتباط وثيق بضعف وتدهور وظيفة الإدراك في المخ البشري»، بالإضافة إلى الشيخوخة المبكرة.

واقترح الباحثون أن تشمل الأسباب المحتملة لهذه الظاهرة، كلًّا من الضغوط التي يتعرض لها الإنسان، نتيجة قلة المال لديه، وعدم وجود السكن الملائم، وعدم وجود النظافة العامة الملائمة، وأسلوب الحياة غير الصحي، وهذا الأخير يتضمن اتباع نظام غذائي فقير، والتدخين وشرب الكحوليات، وممارسة أقل القليل من الرياضة والتمارين.

لكن يبدو أن الأمر أكبر من هذا، فنتيجة لاختلاف توزيع الدخل بين أفراد المجتمع، تحدث تغيرات واضحة في دماغ الإنسان، وهذا ما أوضحته أماندا مونتانيز، المحررة بموقع ساينتفيك أمريكان (Scientific American) العلمي المتخصص.

الدخل والمخ

تقول مونتانيز إنها منذ بضعة أسابيع كانت تستمع إلى سلسلة بودكاست ممتازة تتكلم عن الفقر في الولايات المتحدة الأمريكية. وذكرت أن واحدة من الرسائل التي التصقت برأسها في ذلك الوقت، كانت عن كم العوامل الكثيرة التي يحتاج الفقراء إلى مواجهتها، والتي تعمل ضدهم، هذه العوامل التي يسهل عليك -إن كنت غنيًّا- أن تنكرها وتتجاهلها أو حتى تلاحظ وجودها.

وفي عدد مارس من مجلة ساينتفيك أمريكان، سلط كيمبرلي نوبل، عالم الأعصاب، الضوء على واحدة من هذه العناصر غير المرئية -ولكنها حقيقية جدًّا– وهو تأثير الفقر في نمو الدماغ لدى الأطفال.

عند النظر في هذا الموضوع المعقد، فإن أي نوع من النهج أو الوسائل القائمة على البيانات يمكن أن تورطنا داخل مجموعات من العوامل الخارجية، والمتغيرات. وبعد كل شيء، يظهر لنا كما لو أن المال ليس لديه أي تأثير في حد ذاته على هيكلية الدماغ أو أي وظيفة واحدة فيها. بدلًا من ذلك، فمن المرجح أن يكون مزيجًا من التأثيرات البيئية و/أو الوراثية المصاحبة الفقر، هو ما يؤدي إلى الاتجاه العام للتحصيل المتدني نسبيًّا بين الأطفال الفقراء.

وبحكم التعريف، فهذه مشكلة متعددة الجوانب، والتي يبدو من المستحيل فيها تقريبًا استيضاح الروابط والمسببات بشكل مؤكد. ومع ذلك، قام مختبر العالم نوبل والمسمى بـ«نوبل لاب- Noble’s lab» بالتصدي لهذا التحدي باستخدام أفضل الوسائل العلمية والأساليب المتاحة.

نوبل لاب

أولًا، كان لا بد من تحديد المشكلة، وهي: ما هي الطرق المحددة التي يعمل بها الفقر على التأثير في الدماغ؟ ولمعالجة هذه المسألة، جند نوبل نحو 150 طفلًا من مختلف الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية، وقام باستخدام أساليب الاختبارات النفسية القياسية لتقييم قدراتهم في العديد من المجالات المعرفية المرتبطة مع أجزاء معينة من الدماغ. وكما هو مبين في الرسم البياني أدناه، فإن العلاقات كانت واضحة، وخاصة من جهة المهارات اللغوية.