موريتانيا: حملات مؤيدة وأخرى معارضة ضمن معركة الاستفتاء المنتظر

أربعاء, 2017-04-05 01:47

 أصبح كل شيء في موريتانيا موجهاً اليوم نحو الاستفتاء الشعبي الخاص بتعديلات الدستور الذي يجري التحضير له تنظيمياً على مستوى الداخلية تنسيقاً مع اللجنة المستقلة للانتخابات، وعلى المستوى السياسي عبر حملات تحسيس إعلامية واسعة أقر الحزب الحاكم أمس ما يعنيه منها بينما تواصل قيادة منتدى المعارضة مشاوراتها في صمت لتحديد مواقفها وخطابها وحملاتها المضادة. 

وقد تحول هذا الاستفتاء من استشارة للشعب حول مراجعة الدستور، إلى شبه استطلاع للرأي حول شعبية الرئيس ولد عبد العزيز التي تأثرت بعد ما أظهر إسقاط شيوخ الموالاة للتعديلات، شرخاً في صفوف أغلبيته التي يحكم بها منذ وصوله للسلطة قبل تسع سنوات.
وسيكون على الزعامات القبلية التي تتحكم في أصوات الناخبين في مجتمع موريتانيا البدوي، أن تستعد لامتحانات الاستفتاء التي ستقيس ولاء أو معارضة كل زعيم قبلي حسب عدد المصوتين بـ»نعم» في الاستفتاء المنتظر.
وبينما تتواصل هذه التفاعلات، يتواصل الجدل الفقهي حول دستورية لجوء الرئيس للمادة (38) من الدستور التي تمنحه الحق في استفتاء الشعب حول القضايا الوطنية المهمة.
وانتظر المهتمون بهذا المجال نتائج دورة أنهاها المجلس الدستوري أمس غير أن نتائج هذه الدورة لم تتطرق من قريب ولا من بعيد للجدل الدستوري المحتدم.
وكان الرئيس ولد عبد العزيز قد أكد في مؤتمره الصحافي الأخير أنه «لا علاقة للمجلس الدستوري بتفعيله هو للمادة (38) التي لا قيد عليه في تفعيلها من أي جهة كانت».
ويرى فقهاء دستوريون محسوبون على المعارضة بينهم الدكتور محمد الأمين ولد داهي أبرز محرري دستور 1991، أن المادة (38) لا تتعلق بمراجعة الدستور المنصوص على آلية مراجعته في الباب الحادي عشر، كما رأى فقهاء في الموالاة أن الرئيس لجأ للمادة (38) بعد أن سلك آلية الباب الحادي عشر وسدها عليه رفض مجلس الشيوخ لإقرار التعديلات، وأن بإمكانه في هذه الحالة استشارة الشعب لحل هذه المعضلة.
وأكد القاضي الدكتور يعقوب ولد آلويمين وهو أحد كبار رجال القانون في موريتانيا ضمن رأي فقهي نشره أمس مناصراً لما ذهب إليه الرئيس «أنه لو أخذنا بحرفية القاعدة القانونية القائلة بأن النص القانوني لا يمكن إلغاؤه أو تعديله إلا من طرف السلطة التي وضعته أو سلطة أعلى منها، لكان الاستفتاء هو الوسيلة الوحيدة لتعديل الدستور، وذلك نظراً إلى أن الدستور من وضع الشعب بواسطة الاستفتاء، ولا سلطة بطبيعة الحال تعلو على سلطة الشعب».
وأضاف «ولعل الوعي بأهمية تعديل الدستور هي التي جعلت واضعيه يسندون الاختصاص في هذا الشأن إلى الشعب دون سواه، يمارسه إما مباشرة ضمن مجال الاستفتاء الذي يشمل كل قضية تكتسي أهمية وطنية طبقاً للمادة 38، أو عن طريق ممثليه كإجراء استثنائي خاص ومعقد، وفقاً للمادة 99».
وقال «ويبقى الأمل كبير في المجلس الدستوري عندما يعرض عليه الموضوع في أن يتحفنا بإجابات قانونية شافية عن مجمل الإشكالات التي تطرحها المادة 38 والمواد 99-101».
وأضاف الدكتور يعقوب «أن رفض البرلمان لتعديلات دستورية مقترحة من طرف رئيس الجمهورية قد يؤدى إلى حالة تصادم بين المادة 38 والمواد 99-101 من الدستور، وذلك عندما يتمسك رئيس الجمهورية باعتبار موضوع معين ذا أهمية وطنية وبالتالي من حقه في أي وقت أن يستشير الشعب بشأنه، في حين تضع المواد 99-101 قيوداً على ممارسة هذا الحق قد تصل إلى درجة أنها تشكل حواجز دون ممارسة الشعب بصفة مباشرة للسلطة التي هي ملكه في الأصل وله أن يمارسها مباشرة بواسطة الاستفتاء أو بصفة غير مباشرة عن طريق ممثليه (المادة الثانية من الدستور)».
واعتبر في خلاصة فتواه «أن المادة 38 من الدستور حددت مبدأ عاماً وحقاً مطلقاً لرئيس الجمهورية في استشارة الشعب في كل مسألة تكتسي أهمية وطنية؛ ولكن هذا الحق يمارس وفقاً لإجراءات وضوابط صارمة توازي حساسية وخطورة تعديل الدستور حددتها المواد 99-101، وبالتالي فالنصان متكاملان بامتياز لتعلق أحدهما بالموضوع وتعلق الأخر بالشكل؛ ولا ينبغي أن يكون هناك تعارض بينهما».
وضمن تفاعلات المشهد السياسي الداخلي، خرج مسعود ولد بلخير رئيس البرلمان السابق الذي يرأس حزب التحالف الشعبي من صمته حيث أعلن أمس في مقابلة مع أسبوعية «لوكلام» الصادرة بالفرنسية عن «دعمه لاستشارة الشعب الذي يظل الفيصل في أي شيء»، حسب قوله، مؤكداً «أن الديموقراطيات العريقة متمسكة باستشارة الشعب في القضايا السياسية الكبرى لأن الشعب هو صاحب المشروعية». 
وأضاف «إنني مرتاح تماماً شأني شأن كل ديمقراطي وكل وطني، لقرار الرئيس التوجه نحو الاستفتاء وذلك لسببين أولهما أن الاستفتاء سيغلق الباب أمام إقرار التعديلات من خلال المؤتمر البرلماني الذي اختارته الأغلبية عكسا لمخرجات الحوار السياسي، والسبب الثاني هو أن الاستفتاء سيحل المشكلة فللرئيس الحق دائما في استشارة الشعب حول القضايا التي يراها ضرورية». 
وحول سؤال يتعلق بكلفة تنظيم الاستفتاء المقدرة بستة مليارات أوقية (19 مليون أورو)، قال ولد بلخير الذي يرأس حالياً المجلس الاقتصادي والاجتماعي، خلال لقائي الأول بالرئيس أكد لي أنه لا توجد مشكلة في تمويل تنظيم الاستفتاء سوى أنه فضل إقرار التعديلات عبر مؤتمر البرلمان ترشيدا للمال العام وهذا يدل على أن تمويل الاستفتاء موجود اعتماداً على ميزانية الدولة».
وبخصوص موقفه من دعوة المعارضة الراديكالية لحوار جديد بدل التوجه للاستفتاء، قال ولد بلخير الذي يرأس حزباً مصطفاً في معارضة الوسط، «إن الرئيس رد على المعارضة برفضه الرجوع لتنظيم أي حور جديد».

عبد الله مولود

نواكشوط – «القدس العربي»