من أيام بعثة بلدية توجنين

جمعة, 2017-04-21 17:08

عبد الله أمانة الله

استقبلت بارتياح كغيري من المواطنين نبأ تنظيم بلدية توجنين لاستشارات طبية لصالح الفقراء والمحتاجين، بالتعاون مع بعثة مختصة بأمراض الأعين.

وبعد أربعة أيام من عمل البعثة أطل عمدة البلدية عبر إحدى القنوات الإعلامية المحلية بحديث شجي وأرقام قياسية تسيل اللعاب وصورة براقة..، في فجر اليوم الموالي وقبل يوم واحد من موعد انهاء عمل البعثة جئت المركز الصحي بالمقاطعة حيث عين المكان.

جئت حوالي السادسة والنصف صباحا، وجدت أمامي بعض المواطنين ممن جاؤوا قبل صلاة الفجر، ووجدتهم أعدوا ﻻئحة تنظيمية ترتبهم حسب اﻷول فاﻷول سجلت فيها أختي التي جئت بها، وواصلنا التسجيل بتنظيم الجميع وأنا مرتاح له لما أرى فيه من عدل وإنصاف.
الثامنة ودقائق بدأ المعنيون يأتون شيئا فشيا، وما إن اكتمل حضورهم حتى كان أول مشهد بدأوا به: طرد الناس على طريقة إخراج حيوانات من الحظيرة " أحدهم يصفق بيده ويقول أش أش أش"، مشهد غير مريح وهو مدعاة للقلق..، ولتفادي الطرد في غمرة هذا المشهد، انزويت وخرجت طواعية لعل الأمر تنظيمي أكثر منه استهزاء بفقراء ومساكين ما جاء بهم إلى الحاجة، ولعل أحسنهم حالا جاء رغبة في خبرة فريق من المختصين ربما يملك معدات طبية أفضل ..
بعد قليل جاء من قال إنه مسؤول التنظيم "مع تحفظي الشخصى على كلمة مسؤول"

سلمناه اللائحة التي زاد عدد المسجلين فيها على 100 شخص ما بين من حضر الساعة الرابعة فجرا حسب من وجدتهم أمامي وآخر المسجلين حوالي الثامنة صباحا..

ألغى "المسؤول" اللائحة وقال إنه سيعمل حسب اجتهاده وكيف يريد، حديث على عجل  لم يكن بميسور من القول، حمل في طياته الكثير من الإهانة والاستهزاء..

ارتفع صوتي احتجاجا على تقديم متأخرين وتأخير متقدمين.. ولاني الرجل ظهره فهو سيد الغابة..
وخلال كلامي استدعاني أحد المنظمين الآخرين وسألني هل أريد رقما للدخول فقلت له ﻻ، أنا لا أناضل ولا أتكلم من أجل نفسي فقط، فالكشف الخاص للعينين ما بين 3000 إلى 6000 أوقية في العيادات الخاصة، وهو مجاني عند مؤسسة بوعماتو الخيرية يوميا، ما أريده فقط هو أن لا يظلم هؤلاء الشيوخ العاجزين والنساء الضعيفات حاملات الأطفال الرضع احترموا لنا التنظيم والنظام فرفض، كما رفضت أنا عرضهم.

حينها وهنا مربط الفرس في الأمر: انقسم الناس حولي إلى ثلاثة فئات، بعضهم قال لي خذ البطاقة وادخل فهذه " ليست دولة " وأنت حين تخاصم الآن من سيستمع إليك ولمن ستشكو؟ ولعلها الكلمة أو الشحنة التي كنت أحتاج لأتمسك أكثر برأيي، وهذه هي الكارثة العظمى أن المواطن لا يحترم نفسه، ولا يعتبر دولته، من كثرة ما ما تمرن وتعرض له ما جعله يرضوخ للظلم الذي يمارس عليه يوميا..

شخصين أو ثلاثة حاولوا مساندتي على خوف من المنظم وملئه، والبقية سكتوا عدا بعض من المستفيدين من عدم التنظيم واللوائح الجديدة بطبيعة الحال سفهوا أمري وحاولوا إسكاتي جاهدين.
وفي النهاية دخل عدد يسير جدا وطردت البقية على كثرة عددهم بعد أن تم التقاط العديد من الصور الفوتو اغرافية ومقاطع الفيديو وسجلت لوائح بأرقام هائلة من البشر..

ليس امتعاضي على البلدية وتنظيمها ولا على البعثة وعملها..، بقدر ما أنا ساخط على مواطنين يخاف كل واحد منهم من ظله ويطمع فيه..، ويرضى أن يذل ويهان.. وبطبيعة الحال هكذا ستكون عاقبة أمره يعود بخفي حنين..، رؤوس تكاد تتفجر من الصداع لبكور أهلها قبل احتساء كؤوس الشاي الصباحية.

وأعين لم تزد على أن رأت من الذل والمهانة ما لم تر من قبل.. وما المشهد في الدولة  بمنأى عنا..