الصالونات الثقافية: مساحة شباب موريتانيا للتعبير عن نقدهم للمجتمع

سبت, 2017-05-20 02:33

من المختار محمد يحيى: انتشرت مؤخراً ظاهرة الصالونات الثقافية والفكرية، في موريتانيا، وسط إقبال المثقفين والناشطين الاجتماعيين، لكنها اختلفت إلى حد كبير عن التجارب السابقة في العالم العربي.

فبدل أن تكون مقتصرة على الأكاديميين والباحثين كبار السن، أخذ الشباب زمام الأمور وحولوها إلى منصة للتعبير عن آرائهم وتوجهاتهم. باتت هذه الصالونات طاولة لطرح أفكار الشباب النقدية للواقع، وللمجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية أيضا.
وحسب الشاعر الموريتاني، سيدي ولد أمجاد، «الصالونات الأدبية ظاهرة ثقافية حديثة في العديد من المجتمعات الراقية، وهي بشكل من الأشكال كانت معروفة في عصور تاريخية قديمة، وخاصة في الحضارة العربية الإسلامية».
وأضاف لـ «القدس العربي»، أن الصالونات الأدبية، «شاعت مع بداية عصر التنوير وظهور الثورة الفرنسية، وأخذ هذا الحراك الثقافي الجديد طريقه إلى المجتمعات العربية المعاصرة في الشرق من خلال نخبة من المثقفين والمفكرين الذين جعلوا من بيوتهم فضاء مفتوحا للأدب وحوارات الفكر والثقافة، وفي هذا السياق اشتهرت أسماء لامعة مثل صالون مي زيادة وصالون العقاد وطه حسين وأحمد حسن الزيات وغيرهم».
وحول غرابة فكرة الصالون الثقافي لدى الموريتانيين، قال: «في أحاديث سوق العاصمة والتاكسي والشارع العام، لا يوحي مصطلح الصالون في الذهنية الشعبية والمتلقي العادي بإغراء ثقافي أو تميز فكري معين».
ويعتبر أن أول صالون في موريتانيا هو «تجربة فريدة من نوعها تمثلت في صالون الولي محمذن ولد محمودن الأدبي والثقافي في العاصمة نواكشوط»، مؤكدا أنه «تأسس عام 1986 وظل باستمرار قبلة لنخبة متميزة من المثقفين والأدباء وأطر البلد ، يتطارحون في دائرته الخاصة الكثير من قضايا الأدب والثقافة والفنون».
صالون محمذن ولد محمودن الأدبي والثقافي، تميز، حسب ولد أمجاد، بتقاليد صارمة، فـ»لم يكن مفتوحا أمام العامة سوى نخبة قليلة من رجال الثقافة كما كان أيضاً بعيدا عن دائرة الضوء معزولا عن وسائل الإعلام لسنوات عديدة لحساسية المواضيع وحدة النقاش والجدال الذي يدور في أجوائه والذي كاد أن يصل أحيانا إلى اشتباكات مباشرة بين بعض الأعضاء لا تنجم عنها أية أضرار لله الحمد ، ربما ببركة الولي وقوله اللين كالبلسم الشافي لمواضع الداء».
جمعية «فرقة شروق» المسرحية أطلقت صالونا ثقافيا، لمناقشة قضايا المسرح ، والفن بشكل عام، وكذلك، قضايا الثقافة والتراث.
وطبقاً لرئيس الجمعية المخرج المسرحي، إبراهيم ولد سمير، فإن «الفن الحقيقي هو ذلك الذي يتيح لك التفكير في عوالم واسعة، بفكر نقدي منفتح وحر، توفرها الصالونات الثقافية».
وأشاد ولد سمير، بتجربة الصالون الثقافي لجمعيته، معتبراً أن «جلساته كانت مثمرة حيث جمعت بين الحديث التخصصي، واستضافة فنانين ومختصين من مجالات أخرى، للاستفادة من طرحهم ورأيهم للمجال الآخر»، مضيفاً : «كان تجربة هامة في توسيع مدارك ممارسي الفن المسرحي في جمعية فرقة شروق».
كذلك، أسست مجموعة من المدونين الموريتانيين «صالون المدونين» الذي ناقش قضايا شغلت صفحات التواصل الاجتماعي، ونالت اهتمام رواده.
وتقول إحدى أعضاء الصالون فاطمة علال،»القدس العربي» إن «الصالون يهدف إلى نقاش القضايا التي يتم تداولها باهتمام من قبل المدونين الشباب، بهدف تحويلها من عالم الافتراض إلى العالم الواقعي، لكي تجد طريقها الفعلي للتأثير، وتغيير المجتمع نحو الأفضل».
مجموعة أخرى من الفاعلين في المجتمع المدني والصحافيين، والحقوقيين، والمثقفين وأكثرهم من الشباب، قرروا الانتظام في تجمع تحت اسم «الصالون الوطني لحوار الثقافات»، هدفه النقاش الساعي إلى الانفلات والخروج من التابوهات المغلقة والمصارحة الوطنية، والتقارب بين الثقافات المختلفة ذات اللغات المتنوعة للمجتمع الموريتاني».
وتبين ندى المنى، رئيسة اللجنة الاجتماعية في الصالون، لـ «القدس العربي»: أن «الحوار بين الثقافات حول الحلقة المفقودة هذه الأيام، إذ أن النقاش دائما يكون في البنيات العليا في كنف السياسيين والشخصيات البارزة، ويبقى ذلك منقوصا ما لم يتم الحوار في المستوى الشعبي وبين المثقفين لبناء جسر تواصل ثقافي يقوم على فلسفة أن الاختلاف والتنوع مصدر قوة وثراء».

القدس العربي