الاكتئاب ونوعية الغذاء تهدد حياة المصابين بالقولون العصبي

خميس, 2017-05-25 14:04

عمان- القولون العصبي مشكلة صحية عالمية واسعة الانتشار؛ حيث تبلغ نسبة المصابين به 10-15 شخصا من بين كل 100 شخص، لذا يعد هذا المرض ضمن قائمة أمراض العصر الحالي التي تزايدت وانتشرت، والتي تسبب المعاناة لدى كثير من الناس ولفترات طويلة، يرمز له الأطباء باختصار "IBS"، ويعد من الحالات كثيرة التردد على العيادة النفسية، ورغم أن مرض القولون العصبي لا يهدد حياة المصاب بشكل مباشر، إلا أنه يؤثر بشكل كبير في نوعية الحياة التي يحياها الإنسان.

ويعد القولون أو الأمعاء الغليظة أحد الأجزاء المهمة في الجهاز الهضمي، ويمتد من نهاية الأمعاء الدقيقة وحتى المستقيم، ويتكون من الأجزاء التالية:

• القولون الصاعد في المنطقة اليمنى من البطن.

• القولون المستعرض في أعلى البطن.

• القولون النازل في المنطقة اليسرى من البطن منتهيا بالمستقيم.

وتتمثل أهمية وفائدة القولون في حفظ الطعام الذي يصل إليه لعدة أيام، وفيه يتم امتصاص الماء والأملاح الأخرى الموجودة في الطعام، ثم تدفع العضلات الطولية والمستعرضة التي تحيط بالقولون ما تبقى على شكل براز إلى خارج الجسم أثناء عملية التغوط.

مرض القولون العصبي

تكمن المشكلة التي تحدث في حالة القولون العصبي في حركة عضلات الجهاز الهضمي، لاسيما تلك المحيطة بالقولون (الأمعاء الغليظة)؛ إذ يعتريها الخلل، فتكون حركتها غير منتظمة، فإما أن تكون سريعة جدا في حالة الإسهال فيخرج البراز مائيا سائلا، أو بطيئة جدا كما في حالة الإمساك فيخرج البراز صلبا متيبسا؛ لأن الطعام يكون قد أخذ وقتا طويلا في القولون وامتصت منه نسبة كبيرة من الماء.

ويمكن، مما سبق، تعريف مرض القولون العصبي بأنه عبارة عن حدوث اضطراب في عمل القولون بسبب عصبي غالبا، ما يؤدي إلى انقباضات قوية ومتكررة لعضلات القولون تنتج عنها آلام شديدة في المنطقة السفلية من البطن، مصحوبة بانتفاخ في البطن، واضطراب في عملية الإخراج فيحدث إمساك متكرر أو إسهال متكرر مع وجود بعض الإفرازات البيضاء مع الخروج واحتباس للريح، وقد يشكو المريض من الحموضة والحرارة في المعدة وآلام متنوعة في جسمه عامة.

وتشير متلازمة القولون العصبي إلى وجود خلل وظيفي مؤقت لكنه متكرر في الجهاز الهضمي ولا تشير إلى مرض عضوي، ولا تتطور هذه المتلازمة إلى أي مرض عضوي آخر أو خبيث؛ كالسرطان.

أهم الأعراض والعلامات للإصابة بالقولون العصبي

• الألم المتكرر والمزمن في منطقة أسفل البطن؛ سواء في الناحية اليمنى أو اليسرى منه، فيشعر المريض بوجود تقلصات أو حرقة في البطن تزول بالتبرز، ومن الملاحظ أن نوبات الألم هذه تحدث عندما يكون المريض مستيقظا فقط فلا تحدث أبدا أثناء النوم، وتزداد هذه النوبات إذا تعرض المريض لضغوط نفسية في منزله أو عمله، أو تناول أنواعا معينة من الطعام، إلا أنه إذا تخلص من الفضلات أو الغازات تخف حدة هذه الآلام، ومن الجدير ذكره أنه ليس للألم المزمن الذي يستمر لأكثر من ستة أشهر ولا يزول بعد عملية التبرز علاقة بالقولون العصبي.

• زيادة عدد مرات التبرز والتبول مع تغير في طبيعة ‏‏البراز؛ شكلا وحجما ولونا، وخروج مخاط مع البراز، كذلك يشعر المريض بأن الفضلات لم تخرج كلها، لذلك لا يشعر بالراحة بعد خروجه من الحمام.

• أما بالنسبة للتبول فيزداد، مع حرقة عند خروجه، وإحساس بعدم القدرة على التحكم به عند امتلاء المثانة.

• انتفاخ في البطن، خصوصا بعد تناول الوجبات لدرجة أن المرأة المصابة تظهر وكأنها حامل، مع وجود‏ ‏غازات أخرى كثيرة تخرج عبر الفم والشرج، وحموضة في المعدة يصاحبها إسهال أو إمساك‏.

• غثيان من دون قيء، وإرهاق وإجهاد وتعب عام.

• ألم وعسر عند حدوث الطمث.

• صداع وحرقة بالصدر وألم أسفل الظهر وآلام شبيهة بوخز الإبر في عضلات الصدر والكتفين والرجلين.

• الإحساس بالشبع وعدم الرغبة في الأكل، حتى بعد مضيّ وقت طويل من دون طعام.

والجدير بالذكر أنه ليس بالضرورة أن تتواجد كل هذه الأعراض التي عند جميع المرضى، فقد يظهر معظمها على مريض ما، ويظهر بعضها على آخر، فلكل نمطه الخاص، والطبيب وحده هو الذي يستطيع تشخيص المرض بعد إجراء الفحوصات الطبية اللازمة.

الأسباب المؤدية للإصابة بالقولون العصبي

• التدخين، إذ يسهم التدخين في الإصابة بالقولون العصبي بدرجة كبيرة.

• تناول المشروبات الكحولية والمسكرات.

• حساسية القولون تجاه أنواع معينة من المأكولات فيتهيج نتيجة لذلك، وتختلف هذه الحساسية من شخص إلى آخر، ومن هذه المأكولات الخضراوات غير المطبوخة؛ كالخيار، الفجل، الفول، العدس، الفلافل، الشطة الحارة، القهوة، كذلك اللبن ومنتجاته بسبب نقص إفراز الأنزيم الخاص بعملية هضم اللبن.

• القلق والاكتئاب، والضغوط النفسية؛ سواء العارضة أو المستمرة، التي يتعرض لها الإنسان من ضغوط الاختبارات المدرسية أو الطلاق أو موت الأحبة.

• وجود خلل في حركة الأمعاء الغليظة، ما يسبب تقلصات في جدار القولون، فيشعر المريض بالألم وعدم الراحة.

• العدوى، فقد وجد أن حوالي 20 % من مرضى القولون العصبي سبقت لهم الإصابة بنزلات معوية قبل ظهور أعراض القولون العصبي عليهم.

• قد تبدأ أعراض الإصابة بالقولون العصبي بالظهور بعد حدوث التهابات أو عمل جراحة في الجهاز الهضمي.

• قد يتهيج القولون العصبي من دون مسببات ولا مقدمات واضحة تثيره.

كيف تؤدي الأسباب النفسية للإصابة بالقولون العصبي؟

تعد الأمعاء الدقيقة والغليظة (القولون) من أكبر الأعضاء في جسم الإنسان؛ حيث يصل طولهما معا إلى 10 أقدام من العضلات الملساء، ويتحكم في حركتها المستمرة الجهاز العصبي الذاتي، وفي حالة مرضى القولون العصبي، يحدث اضطراب في هذه الحركة التلقائية للأمعاء، ما يؤثر على سير محتوياتها من الطعام، ويحدث هذا الاضطراب نتيجة التعرض للضغوط النفسية كما في حالات القلق أو الخوف أو مواقف الحزن الشديد، التي تؤثر بدورها على الجهاز العصبي، فتتأثر أعصاب القولون التي تقوم بوظائفها خمسة ملايين من الخلايا العصبية الموجودة في جدار الأمعاء وتتصل مباشرة بالجهاز العصبي، وقد يصاب أكثر من شخص في الأسرة الواحدة بهذه الحالة نتيجة التعرض للضغوط نفسها، كما في حالة فقدان أحد الوالدين أو المشاكل العائلية.

العلاج

بعد معرفة أن القولون العصبي ليس مشكلة عضوية في الجهاز الهضمي، وإنما هو اعتلال وظيفي مؤقت فيه، ناتج عن عدد من الأسباب إذا تخلص المرء منها تخلص من آلامه، وإذا كانت معظم الأمراض يحتاج علاجها إلى دواء معين، فإن الإرشادات والنصائح في القولون العصبي تأخذ الحيز الأكبر، وعلاج القولون العصبي يختلف من مريض إلى آخر، ويعتمد على حدة الحالة وشدتها، إضافة إلى طبيعة كل إنسان ومقدار تحمله للأعراض.

ومن أفضل النصائح المجربة في هذا الموضوع ما يلي:

• تجنب التوتر النفسي قدر الإمكان؛ فالمريض بحاجة أولا إلى معرفة الأسباب المؤدية إلى توتره وقلقه، ثم معرفة طرق التخلص مما يشعر به، ولا بأس من مراجعة الطبيب النفسي للمساعدة على الاسترخاء.

• ترك التدخين وتناول المشروبات الكحولية.

• ممارسة الرياضة بشكل منتظم.

• أخذ قدر كاف من النوم أثناء الليل.

العلاج الدوائي للقولون العصبي

قد يصرف الطبيب المتخصص بعض الأدوية التي تساعد على تنظيم حركة عضلات الجهاز الهضمي، وأهمها:

• الأدوية المستخدمة لتخفيف الآلام المصاحبة مثل؛ آلام البطن أو الانتفاخات والغازات، وتؤخذ هذه الأدوية بعد استشارة الطبيب الاختصاصي.

• الألياف الطبيعية: المستخلصة من النباتات الطبيعية، والتي تساعد على عملية الهضم، وتنظيم حركة الأمعاء، ويحتاج الإنسان العادي إلى تناول ما مقداره 25-35 غم يوميا من هذه الألياف.

• الأدوية المسهلة التي يصفها الطبيب، والتي تنظم حركة القولون في حالات الإمساك الشديد.

• الأدوية القابضة التي تستخدم في حالات الإسهال المتكرر.

• هناك بعض المرضى لا يستجيبون لهذه العلاجات؛ لأن سبب المرض لديهم نفسي، فهؤلاء يحتاجون إلى مساندة سيكولوجية، لذلك لا بد من استشارة الطبيب النفسي لوصف الأدوية الخاصة للسيطرة على التوتر، أو الأدوية المضادة للاكتئاب النفسي على حسب الحالة.