لا بد لتجديد الطبقة السياسية من وريث شرعي

اثنين, 2017-06-05 12:49

افتتاحية حزب الصواب الاثنين 05/06/2017

(التنشئة السياسية)

أسوء مدخل ل ( تجديد الطبقة السياسية) هو التهكم على السياسة والسياسيين وتعويم حقلهما إلى درجة وضع اليسار واليمين في سلة واحدة، ومخاطبة الموالاة جنبا إلى جنب مع المعارضة في تحميل المسؤولية السياسية لما يدور في البلاد من أخطاء وكوارث، وما يرافق هذه الحركة ويستبطن مكنونات أصحابها من سعي إلى الترويج للهموم الذاتية والانطواء على النفس والاهتمام بشؤون الجسد ورفع شعار ( حدّ حدْ راصِ) وهي أمور في أدنى حالتها إساءة متعمدة للحقيقة ومنطق الأشياء، ومدخلا لإفساد التنشئة السياسية السليمة، اللازمة لاستمرار الأجيال في تحمل مسؤولياتها الوطنية، لكون التنشئة السياسية هي تفاعل يتم بموجبه تكوين الطبقات الجديدة وتزويدها بالمهارات والوعي اللازمين لما ينتظرها القيام به وتحمله من مسؤوليات وادوار على الساحة الوطنية. مسؤولية يخلفها كل جيل للجيل الذي يليه في سيرورة متواصلة يقتضي منطقها أن كل جيل راهن هو المؤهل لمواجهة ما يستجد من أحداث ووقائع كونية، وملاءمتها مع واقع بلده وحقائق مجتمعه، والجيل يتألف من اشخاص لهم نفس الأعمار عاشوا تجربة تاريخية واحدة في ظل مجتمع واحد، وليست هناك حدود زمنية صارمة، وإنما المعتبر هو حجم التحولات الذهنية والنفسية والوجدانية التي اشترك هؤلاء في مواجهتها.

وإذا أضيف إلى هذا الجهد المنظم الساعي في مراميه الواضحة إلى تتفيه العمل في الشأن العام في أذهان طبقات عديدة من خيرة شبابنا وثنيها عن ممارسة مسؤولياتها الوطنية من خلال المؤسسات السياسية الموجودة والانخراط في هموم وقضايا البلد، إذا أضيف إليه ـ خطر تماهي الشباب مع رموز العصر التي لم تعد تبرز له من خلال الالتزام بمذهب فكري أو ثقافي ولا من خلال موقف سياسي ولا عبر التحمس لخط إيديولوجي معين وإنما يبرز وينبثق جل تماهيه اليوم مع المحيط والمجتمع عبر الوجوه الوسائطية التي غمرت حياته وأحكمت سيطرتها علي تفكيره في البيت والشارع وحتى في فضاءات الراحة والاستجمام ونعني شبكات التواصل ومجتمع المعلوماتية الذي تقدم فيه غالبا الوقائع بوعي زائف يهتم بالصورة والشكل والثرثرة اليومية والتقلبات المستمرة للموضة ومتابعة أحداثا دون معنى تعتمد الترفيه السطحي وتدوير المعلومات والأخبار التي هي في حقيقتها أكاذيب ناقصة، أو انصاف حقائق يضيع المبحر فيها وتستنزف وقته دون حصوله على طائل، عكس ما كان سيجنيه لو خصص بعضا من الوقت المبذول فيها صحبة الوسيلة المضمونة الوحيدة لرفع مؤشر الوعي والمعرفة وهو الكتاب.

فلا تجديد للطبقة السياسية إلا من خلال وريث شرعي يمتلك المواصفات اللازمة لإزاحة الطبقة الحالية أو سد الفراغ الذي تخلفه، وتلك مشروطة بممارسة الفعل السياسي الملتزم نفسه المؤطر برؤية وقناعة يدافع عنهما بنزاهة فكرية، هي الدليل الوحيد أن صاحبها يمتلك رؤية يبحث عن تطبيقها ويسعى لمشاركة غيره في جعلها خيارا مجتمعيا.

الدعوة لغير ذلك ليست إلا تشجيعا لشبابنا كي يصير قطعانا حائرة تتسلق في كل اتجاه بحثا عن منافع شخصية، باسم مبادرة حينا أو تحت يافظات القبيلة والعشيرة والجهة والمنطقة...