موريتانيا: المعارضة تتجمع اليوم في تحالف كبير لإفشال الاستفتاء الدستوري

جمعة, 2017-07-07 00:46

أعلنت المعارضة الموريتانية أمس أنها ستتجمع مساء اليوم الجمعة في تحالف ينسق بين العديد القوى المعارضة من أجل إفشال ما سمته «الاستفتاء اللادستوري الذي يحضر له النظام». ويجري هذا التجمع بينما تحشد الحكومة أنصارها على نطاق واسع في مدن وقرى الداخل، كما يجري هذا التنسيق المقاطع للاستفتاء في ظل انشقاق حزب الحركة من أجل التأسيس وحزب اللقاء المحسوب على الرئيس الراحل علي ولد محمد فال، عن الصف المعارض والتحاقهما بصف المشاركة لكن بالتصويت بـ «لا» في هذا الاقتراع المثير.

ومن بين القوى المعارضة التي قررت التنسيق في التحالف الذي سيولد اليوم لإفشال الاستفتاء، كل من المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة (يضم أربعة عشر حزبا معارضا وكبريات الهيئات النقابية وعددا من الشخصيات المرجعية المستقلة)، وحزب تكتل القوى الديمقراطية بزعامة أحمد ولد داداه، وحزب الصواب (البعث الموريتاني)، وحزب الوطن، وحزب التناوب الديموقراطي، وجبهة قوى التغيير (زنوج موريتانيا)، ومبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية (أرقاء سابقون)، وفضاء «محال تغيير الدستور»، وقوى سياسية أخرى.وأكدت مصادر المعارضة «أن الأنشطة المناهضة للدستور ستطبعها الحيوية والتنوع وستشمل مناطق متعددة في العاصمة وعلى مستوى مدن الداخل».

وأكد محمد جميل منصور رئيس حزب التجمع والرئيس الدوري لمنتدى المعارضة «أن هذه التعديلات التي يسعى النظام لفرضها مرفوضة من عدة وجوه ، فمصدرها حوار غير توافقي غاب عنه طيف واسع من القوى الوطنية من ضمنها من كان من المحاورين السابقين والأمور الوطنية الكبيرة وفي مقدمتها تعديل الدستور تحتاج توافقا واسعا وتفاهما شاملا ، ومضمونها يتركز على تشويه العلم الوطني ويقوي من السلطة التنفيذية التي سيلغى من أجلها مجلس الشيوخ ، الغرفة التي لا يستطيع الرئيس حلها وتلغى محكمة العدل السامية المؤهلة لمحاكمة الرئيس ووزرائه، ومسارها جاء مخالفا لترتيبات الدستور المحددة لطرق تعديله في المواد 99 و100 و101 التي تبين على وجه الحصرية مسار التعديل الدستوري السليم، وكلفتها ( مليارات الأوقية ) فوق الطاقة والأولى صرفها في أولويات الناس معاشا أو صحة أو تعليما أو …..، وأثرها شرخ وطني نرى معالمه واضحة في شرائح واسعة من الناس».

وأضاف «أما الطرق المتبعة لإنجاحها فقد أظهرت إفلاسا واضحا حيث يضغط على الموظفين ويبتزون، وتجيش الوزارات والادارات والشركات والمؤسسات التعليمية والإعلامية وتربط المصالح والحقوق والامتيازات بالسير في ركاب مخالفة الدستور بالتصويت على هذه التعديلات المنكرة، إذن هذه التعديلات مرفوضة في مصدرها وفي مضمونها وفي مسارها وفي كلفتها وفي أثرها وفي وسائلها، إذن فالحل في الرفض الصارم والمقاطعة النشطة».

وبالتوازي مع هذه التطورات وفيما تواصل قوى الأغلبية الحاكمة مهرجات وتجمعات لحشد المصوتين لتعديل الدستور، نشر عدد من الكتاب والمحللين الموريتانيين مقالات تحذر من مخاطر مراجعة الدستور.وفي مقال تحت عنوان « استفتاء عبثي وخطير»، أكد حاميدو آن الكاتب لدى صحيفة «لموند آفريك»، أمس «أن الرئيس الموريتاني يوظف، في أحد أفقر بلدان العالم، المال العام في اقتراع حول إصلاحات مؤسسية تجميلية من بينها إلغاء مجلس الشيوخ وتغيير العلم، وفكرة الرئيس هي إضافة شريطين أحمرين إلى العلم الحالي تعبيرا عن “دم المقاومين الذي سال والدم الذي على الأجيال القادمة الاستعداد لإراقته من أجل وطنهم”.

وأضاف «في موريتانيا إصرار ولد عبد العزيز على هذه الانتخابات غير مجدٍ وخطير، فبينما كان ينبغي للرئيس أن يكون حامي الوحدة الوطنية، نراه يساهم في تقسيم الموريتانيين حول تفاصيل تافهة، حتى أن الجزء الأهم من المعارضة الموريتانية دعا لمقاطعة الاستفتاء الذي لا يحوي أي قيمة مضافة لهذا البلد الفقير الذي يواجه تحديات سياسية واجتماعية كبرى».

وفي تحليل تحت عنوان «حتى لا تقع المعارضة في الفخ»، كتب المدون البارز محمد الأمين ولد الفاضل «أن السلطة الحاكمة ستحاول عن طريق عملائها في الإعلام والمعارضة أن تشعل حربا شرسة بين المعارضة المقاطعة للاستفتاء ومن قرر المشاركة، ولا من اللازم التنبيه على أهمية أن يتجنب الحزبان المعارضان المشاركان في الاستفتاء أي انتقاد لموقف المعارضة المقاطعة، بل عليهما أن يثمنا ذلك الموقف كلما أتيحت لهما الفرصة لذلك، كما أنه على المعارضة المقاطعة في المقابل وعلى المدونين بشكل خاص أن يركزوا على عبثية الاستفتاء وعلى أهمية المقاطعة، ولكن دون التركيز على ذكر وتخصيص الحزبين المعارضين اللذين قررا المشاركة».

ودعا الكاتب القيادي في المعارضة «إلى تكامل في الأدوار بين أغلبية المعارضة المقاطعة وأقليتها المشاركة لأنه سيمكن المعارضة من القول بأنها قد قاطعت الاستفتاء، وذلك لأن أغلبيتها الكبيرة قد قاطعت، كما أنه سيمكنها من كشف وتوثيق ما يمكن كشفه وتوثيقه من عمليات التزوير التي ستحدث في الاستفتاء المقبل إن تم تنظيمه، وهنا تكون المعارضة قد ضربت عصفورين بحجر واحد، وتكون بذلك قد جمعت بين إيجابيات المقاطعة وإيجابيات المشاركة».

هذا وتتزامن إجراءات إجازة تعديلات الدستور عبر الاستفتاء الشعبي المقرر يوم الخامس آب/أغسطس المقبل، مع أجواء سياسية متأزمة ومشحونة، تتميز على الخصوص برفض أوساط المعارضة المتشددة المساس بالدستور خارج الإجماع. وكانت الحكومة الموريتانية قد أعلنت مستهل نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي عن إجازتها لمشروع قانون دستوري يتضمن مراجعة دستور 20 تموز/ يوليو 1991 والنصوص المعدلة له في ثالث مراجعة له.

وتشمل التعديلات 12 مادة تأتي في مقدمتها المواد المتعلقة بالعلم الوطني الذي ستدخل تحسينات على 30 في المئة من مساحته والاحتفاظ بـ 70 في المئة منه، إضافة لإلغاء غرفة مجلس الشيوخ، وتغيير كلمات النشيد الوطني.وأكدت الحكومة «أن هذه المراجعة عادية جداً حيث أنها تدخل ضمن تقليد يتعلق بالمراجعة الدورية للدستور، لأن الدولة محكومة بدستور 20 تموز/ يوليو 1991 وقد تمت مراجعته مرتين في 2006 و2012».

القدس العربي