دولة رحالة، دولة سوقية/ أحمد ولد الشيخ

أربعاء, 2017-07-26 08:52

منذ بضعة أيام، لا تزال قضية جديدة، تدعى تسجيلات واتساب Whatsapp المنسوبة إلى السيناتور محمد ولد غده، قضية تشبه فيلم من فئة المسلسلات ب، تتصدر عناوين الصحف، رغم أحداث حملة الاستفتاء التي أطلقها ولد عبد العزيز نفسه. 

إن السيناتور، المعارض الشرس للنظام الحاكم، والذي صودرت هواتفه في مايو الماضي من قبل الدرك في روصو، بعد حادث سيارة، قد سمع مناقشاته تعرض أمام الملأ. لقد أخذت أجهزة المخابرات الوقت الكافي للتلاعب بتلك الهواتف لتستخرج منها المحادثات التي يثير فيها الرجل على وجه الخصوص التمرد في مجلس الشيوخ ورفض التعديلات الدستورية من قبل الغرفة العليا من البرلمان. وهذا شيء عادي جدا بالنسبة لرجل سياسي ملتزم بعمق بقضية و يشحذ أسلحته ويعبئ مؤيديه و يسعى إلى حشد أكبر عدد ممكن من أنصار قضيته. وأي ضير في جمع الأموال لتأييد الزملاء و دعم أحزاب المعارضة أو مساعدة زميلـ(ة) له في ظروف معينة؟ بالأمس كان ولد عبد العزيز جنرالا يخضع لواجب التحفظ. أو لم يحرض بنفسه و يدعم (من خلال اللجوء إلى الآخرين) كتيبة من البرلمانيين لينغص علي الرئيس الوحيد المنتخب ديمقراطيا في تاريخنا الجمهوري ؟ من أين حصل على الأموال للحفاظ على تماسك فيلقه السياسي؟ هل يسعه لوم أي شخص على استخدام الأسلحة التي استعملها هو نفسه؟ إن الحرب هي الحرب…

يتم نشر هذه التسريبات قطرة قطرة و لا تقدم أي شيء جديد جوهري، ربما باستثناء كون ولد غده قد لعب دورا رئيسيا فيرفض مجلس الشيوخ للتعديلات الدستورية، و يسعى نشرها في الواقع إلى تحقيق هدف مزدوج: إلهاء الرأي العام و إظهار له أن دوافع أعضاء مجلس الشيوخ لم تكن نزيهة كما يزعمون. ولكن للعملة وجهان. فمن خلال انتهاك سرية المراسلات، وضع النظام نفسه في  موقف حرج . أفلا ينص هذا الدستور، الذي يريد  تعديله و يعبئ له الوزراء و كبار المسؤولين و الإدارة و الجيش وجميع وسائل الدولة، في مادته 13 على ما يلي: “تضمن الدولة شرف المواطن وحياته الخاصة وحرمة شخصه ومسكنه و مراسلاته”؟ ما فائدة الدستور إذا كان المرء يدوسه في أول فرصة، و فوق ذلك، يعلن جريمته جهارا نهارا؟

بما ذا تفيد القوانين إذا كان الناس الذين من المفترض أن يفرضوا تطبيقها يخرقونها و يفلتون من العقاب؟  ما ذا نسمي دولة  تدمر حرمة الشخص و منزله و مراسلاته بدلا من ضمانها و لا تخفي ذلك؟ دولة سوقية بكل بساطة. دولة لا ترد أمام أي شيء لإهانة معارضيها و كشف مراسلاتهم و البحث عن أي ذريعة لسجنهم.