صحيفة مغربية تكتب عن السقوط المدوى لشباط بسبب الاساءة لموريتانيا

جمعة, 2017-09-22 16:32

شكلت واقعة موريتانيا النقطة التي أفاضت الكأس في أزمة حميد شباط، ليس على مستوى علاقة حزبه بالتحالف الحكومي فقط، إذ عمقت عزلته وصعبت من مهمة العودة إلى حكومة العثماني، بل أيضا داخل حزبه، بعد اشتداد الصراع في البيت الاستقلالي، حول الزعامة، بعد أن لاحت في الأفق، سقوط أوراق شجرة شباط، بسبب الخريف الاستقلالي، والذي دشنه “فاليسا” الاستقلال، بالسقوط المدوي في انتخابات البلدية التي أسقطته من منصب عمدة العاصمة العلمية.
وإذا كان انسحاب الاستقلال من حكومة بنكيران قد أثار الكثير من الجدل، بسبب السيناريوهات التي كانت تتحكم في صنع خريطة ما بعد الانتخابات التشريعية، فإن شباط كان في اتخاذ قرار الانسحاب من الحكومة مسنودا بقرار من المجلس الوطني للحزب، ولم يكن يظن في يوم من الأيام، أن ورقة شباط قد انتهت وظيفتها، مع فشل “البام” في تبوؤ الرتبة الأولى في الانتخابات، وعودة العدالة والتنمية إلى تصدر الانتخابات التشريعية، ليجد الحزب نفسه في أزمة مع “البام” والاتحاد الاشتراكي من جهة، واشتداد الفيتو من قبل التجمع الوطني للأحرار، ورفضه المطلق لمحاولات عودة الاستقلال إلى الحكومة من جهة ثانية.
وشكلت خرجات شباط بشأن موريتانيا الفرصة الأخيرة لتوجيه الضربة القاضية للزعيم الاستقلالي، وإخراجه من السباق نحو الحكومة، بل وبداية تحضير الحزب لمرحلة ما بعد شباط.
ووضع الأمين العام، بسبب خرجاته السياسية غير المحسوبة وتصريحاته النارية، المشحونة بلغة الزعيم النقابي، حزبه في ورطة سياسية، وصلت شظاياها إلى أعلى مراكز الدولة، وكلفت تدخلا من قبل المؤسسة الملكية ورئاسة الحكومة في محاولة لوقف تداعيات تصريحاته بشأن الجارة الجنوبية، وتهدئة الأجواء في الأوساط الموريتانية، وجدت في الأزمة فرصة للتصعيد ضد المغرب، علما أن العلاقات بين البلدين تمر خلال السنوات الأخيرة، بأزمة عميقة، عنوانها الأبرز غياب سفير لنواكشوط بالرباط، منذ أزيد من خمس سنوات، وتوتر في الحدود بسبب أزمة الكركرات، ورفع العلم الموريتاني فوق الكويرة. وفتحت تصريحات شباط جبهة جديدة من الاصطفافات داخل الحزب، وانفضت القيادات من حول الزعيم، لتتكتل في جماعات ضغط، من أجل حمله على الانسحاب في هدوء، لكن العمدة السابق لفاس لم يفهم الرسالة، ولم يتقبل إعلان الهزيمة بشرف، ليقود عملية تعبئة وحشد الأتباع، لكن مخطط إبعاده كان أقوى، بعد التفاف أغلبية القيادة وبرلمانيي الحزب الزعيم الجديد، والذي أعلن ترشيحه مبكرا للخلافة، وانخرط في لقاءات لحشد العدة لإعادة بناء حزب الاستقلال ومؤسساته للمرحلة المقبلة.
ولم يجد شباط الدعم حتى من قبل حلفاء الأمس، الذين اصطفوا في الجبهة الأخرى التي يقودها عزيز أخنوش، زعيم التجمع، ولم يشفع له عفو بنكيران ولا دعمه له، في تجاوز تبعات واقعة موريتانيا، التي وجد فيها خصومه فرصة لتبرير رفض مشاركته في الحكومة، فقد سارع الحركة الشعبية من جانبه إلى إصدار بلاغ عبر من خلاله عن استغرابه لتصريحات حميد شباط، واصفا إياها بأنها بدون جدوى ما دامت تفتقد لحقيقة تقييم الجهود الرامية إلى تثبيت الروابط الأخوية التي تجمع المغرب بالقارة الإفريقية وفق التوجيهات الملكية.
ووجد التقدم والاشتراكية، الحزب الحليف للاستقلال والعدالة والتنمية على عهد بنكيران، نفسه في وضعية حرج للدفاع عن موقف شباط، لأن الأمر تسبب هذه المرة في أزمة دبلوماسية مع بلد مغاربي، تطلبت تدخلا ملكيا لتخفيف حدتها، وهي النقطة التي أفاضت الكأس، وزعزعت شباط من منصب الأمانة العامة، كما أبعدته عن التحكم في القرار الحزبي والإعلامي والتنظيمي للحزب، في إشارات تحمل مقدمات السقوط المريع المتعدد لزعيم حزب علال الفاسي.
برحو بوزياني

صحيفة الصباح المغربية لمطالعة الاصل اضغط هنا