ترسيخا لرمزية العلم

أربعاء, 2017-11-29 14:50

محمد محفوظ العبادي _ الدبلوماسي والإطار بوزارة الخارجية

يختزل هذا النسيج الصغير الحجم، وطننا الممتد والمترامي الأطراف، بسمائه وجباله، ورماله وأوديته، وشطآنه وضفافه. 
كما تستظل به كل شرائحنا الاجتماعية، بأعراقها ولهجاتها المختلفة.
وبهذا العلم تتجسد كل ثرواتنا وأموالنا ومنقولاتنا.
وبه ترقد أرواح أبطالنا وشهدائنا.
إنه مستودع حسي لكل معاني الوطن، فهو رمز سيادتنا، ودليل وحدتنا ووجودنا. 
لذلك أثناء مراسم رفعه، كأنما تُستحضر كل هذه القيم والمعاني.
فلتحية العلم، يتسمر جميع من في ساحته بمكانه، مُهطعين إليه، شاخصين بأبصارهم نحوه. فتختلج النفوس مع ارتفاعه، وتُذرف الدموع، وتكاد الأنفاس تنقطع مع سماع ألحان ونغمات نشيده. 
وفي سوح الوغى، ترى الجنود وقد مزقتهم القنابل، وأكل الرصاص أجسادهم، معتصمين براية الوطن، حافين بها، وملتفين حولها، يُدافعون عنها بكل شراسة وقوة، ويذودون عنها بمهجهم وأرواحهم. 
أما في الغربة، فحينما نرى علمنا الوطني يُرفرف خفاقا -على سفاراتنا أو على إحدى المنظمات أو الهيآت الدولية - تتملكنا روح من الفخر والاعتزاز بالانتماء لدولتنا، تُنسينا الاغتراب، وتجعلنا كأنما نستظل بسماء الوطن.
إن كل هذه الهيبة التي تتلبسنا، والمشاعر التي تعترينا، مردهم إلى الاحترام الكبير والرمزية العميقة والعظيمة التي يحتلها العلم بنفوسنا.
لذلك فأيا كان نسيجه: ثوبا قشيبا أو خرقة بالية، بألوان زاهية أو باهتة، فإن علمنا الوطني يجب أن يبقى - فوق التجاذب والاختلاف- رمزا مقدسا، من واجبنا جميعا تعظيمه، وصونه، والدفاع عنه، كما أن من واجبنا ترسيخ رمزيته، وذلك برفعه، والالتفاف حوله، مع مراعاة عدم الإساءة إليه، أو القبول بإهانته تحت أي ظرف.

الدبلوماسي والإطار بوزارة الخارجية / محمد محفوظ العبادي