المعادلة السياسية الخاطئة ... / تدوينة

سبت, 2018-01-06 22:27

من صفحة الكاتب الصحفي  محمد عالي عبادى

"إن التقلبـات الوزاريـة الكثيـرة التـي تعمـد بعـض أنظمـة الحكـم إلى إجرائهـا ربما تشيـر إلى حالـة مـن عـدم الاستقرار في النظـام السياسـي، إذ يـرى البعـض أنـها إمـا ناتـجة عـن صراعـات بيـن أجنحـة سياسـية داخـل النظـام السياسـي، أو نتيجـة ما يـدور في النظـام السياسـي مــن صراعـات ومسـاومات، كمـا قـد تشـيـر إلي عجـز الأخير عن اختيـار العناصـر المناسـبة لشـغل المناصـب السياسـية."
كلها حالات مرضية تصيب النظام السياسي أيا كان، وهي حالات عشناها ونعيشها في النظام السياسي الموريتاني، بحيث أصبحت من أبجديات التغيير السياسي عندنا، وقد تكون سيكولوجية البداوة التي تسكن في داخل كل منا والتي تهوى عدم الاستقرار والارتحال من وضع إلى وضع مغاير ساعدت على تكريس تلك الحالة، فنحن نتعلق بتغيير الأشخاص أكثر من تعلقنا بتغيير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلد، فالعلاقات الفردية للأشخاص وما يترتب عنها من منافع خاصة، ربما يكون الدفاع عنها أكبر من الدفاع عن الوطن.
وقد كرس الكثير من رجال السلطة في بلادنا مع الأسف تلك المعادلة الخاطئة، بحيث أصبح الكلام عن القطاعات يرتبط بالمسير العام لها، في الوقت الذي كان من المفروض أن يكون هناك فصل بين القطاع ومن يدير القطاع نفسه، حتي يكون للنقد معنى ووقع من أجل الاصلاح..
فقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: (رحم الله من أهدى إلي عيوبي) وكان يسأل سلمان عن عيوبه، فلما قدم عليه قال: ما الذي بلغك عني مما تكرهه.
قال: أعفني يا أمير المؤمنين فألح عليه، فقال: بلغني أنك جمعت بين إدامين على مائدة وأن لك حلتين حلة بالنهار وحلة بالليل. قال: وهل بلغك غير هذا ؟ قال: لا، قال: أما هذان فقد كفيتهما.
فإذا انطلقنا من هذه القاعدة، تجاوزنا في اعتقادي الكثير من العقبات، بحيث ندرك أن الأخطاء ليست نهاية كل شيء، النهاية الحقيقية هي ارتكاب الأخطاء وعدم الإقرار بها والعمل على إصلاحها.
فنحن بحاجة لنخبة تتجاوز إطارها الضيق إلى التفكير في هذا الوطن ومعالجة إختلالاته البنيوية، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، بحيث يجد فيه كل مواطن نفسه بغض النظر عن انتمائه السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي..
ولا أعتقد أن تغيير الوزير الأول أو رئيس الحزب، يمكن أن يحل المشكلات البنيوية للدولة، بقدرما يبقــى النظــام علــى حالــه لفتــرة طويلــة بينمــا هــو يتــآكل مــن الداخــل.. فلا بد من حلول جذرية، أعمق وأكبر.