هجمات المسلحين السنة في العراق تسلط الضوء على نفط الجنوب

اثنين, 2014-08-04 22:57

 تزداد أهمية حقول النفط في المنطقة الجنوبية الأكثر أمنا فيالعراق، في ظل هجمات المسلحين السُنّة التي تساهم في الحيلولة دون تحقيق حلم بغداد بمضاهاة طاقة إنتاج النفط السعودية، لكن الجنوب أيضا لم يكن في مأمن تام من الهجمات.
وتواجه بغداد صعوبات لإحتواء هجمات مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على بعض المنشآت النفطية، حينما إجتاح مناطق في شمال غرب العراق في يونيو/حزيران، وهو ما شجع الأكراد في إقليمهم الشمالي شبه المستقل على السيطرة على حقول النفط الكبيرة في كركوك.
ولم يتأثر إنتاج النفط في جنوب العراق بشكل يذكر حيث يبلغ نحو 3.15 مليون برميل يوميا.
وقالت مصادر نفطية وأمنية ان البصرة، العاصمة النفطية في الجنوب، شهدت هذا العام أعمال عنف أقل من مدن عراقية اُخرى، لكن عددا قليلا من تفجيرات السيارات الملغومة ومحاولات الإغتيال وعمليات خطف العمال الأجانب وقعت هناك على مدى الأشهر الأخيرة.
ولم يتضح من وراء تلك الهجمات حيث يصعب غالبا التمييز بين هجمات المسلحين المتشددين والجرائم.
وتشير السوابق التاريخية إلى عدم إمكانية إستبعاد أي احتمال. ففي عام 2011 تعرضت خطوط أنابيب النفط في الجنوب لتفجيرات أدت إلى تعطل الإنتاج من حقل الرميلة أكبر حقل نفطي في العراق مرتين على الأقل.
وقال ثامر الغضبان، كبير مستشاري الطاقة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، ان الاُمور تسير حاليا وفق ما هو مخطط لها، إذ لم يتأثر إنتاج الجنوب، ولا تزال أهداف إنتاج البلاد قائمة.
وقال الغضبان في مكالمة هاتفية «لم نعد النظر بشكل جدي في أهداف الأجل الطويل. لم تتم أي مراجعة حتى الآن. نأمل بطرح حلول سياسية قريبا كي لا نعيد النظر في أهداف الأمد البعيد».
وعلى مدى السنوات القليلة المنصرمة دفعت البُنية التحتية الضعيفة والمشكلات الفنية بغداد إلى تقليص طموحاتها في الوصول إلى طاقة إنتاجية قدرها 12 مليون برميل يوميا من النفط بحلول عام 2020، وهو مستوى لا تتجاوزه سوى السعودية بطاقة إنتاجية تبلغ 12.5 مليون برميل يوميا.
ويقول خبراء ومحللون في قطاع النفط انه حتى المستوي الجديد المستهدف للطاقة الإنتاجية للعراق على الأمد البعيد، والبالغ 8.4 مليون برميل يوميا، يعكس إفراطا في التفاؤل.
ولا تزال منشآت تصدير النفط الجنوبية في منأى عن الإضطرابات حيث بلغ متوسط الصادرات من الجنوب 2.442 مليون برميل يوميا في يوليو/تموز مقتربا من مستوى قياسي مرتفع.
وقال الغضبان ان خط الأنابيب الشمالي الذي يمتد من كركوك إلى ميناء جيهان التركي كان ينقل عادة 300-400 ألف برميل يوميا من الخام قبل توقف الضخ بسبب تفجيرات في فبراير/شباط.
وأضاف «تأثرت كركوك ومناطق أخرى بالوضع الأمني ولا شك أن ذلك سيكون له تأثير» على إنتاج العراق في الأمد القصير.
كان العراق قال في وقت سابق إنه يهدف لزيادة إنتاجه النفطي إلى 3.7 مليون برميل يوميا في 2014، وهو رقم يُستثنى منه النفط الكردي في ظل النزاع القانوني والدبلوماسي بين بغداد وحكومة إقليم كردستان على مبيعات النفط وصادراته.
وأقر الغضبان بأن من المستبعد حاليا أن يصل العراق إلى معدل الإنتاج المستهدف لعام 2014، لكنه لم يذكر أي بيانات معدلة.
ويرى بعض الخبراء في قطاع النفط أن مستوى الإنتاج البالغ 3.4 مليون برميل يوميا هو الأكثر ترجيحا هذا العام. وقال «بانك اُوف أمريكا/ميريل لينش» في مذكرة بحثية في يونيو/حزيران ان من غير المرجح على الإطلاق أن ينمو إنتاج العراق النفطي هذا العام.
ويبدو من المستبعد أن تتعرض المنشآت النفطية في الجنوب لهجمات كبيرة. وقال لؤي الخطيب، وهو زميل زائر في مركز «بروكنغز» الدوحة، إنه سيكون من الصعب على المسلحين السنة التسلل إلى الجنوب الذي يهيمن عليه الشيعة. وتابع «يستطيعون إرسال إنتحاريين في رحلة ذهاب بلا عودة، لكن لا يوجد من يستضيفهم هناك مقارنة مع المناطق التي يسيطرون عليها في غرب العراق».
وقال جبار السعدي، رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة البصرة، ان العراق شدد إجراءات الأمن ونشر مزيدا من القوات حول منشآت النفط الجنوبية.
ومن المحتمل أيضا تأجيل مشروعات جديدة لزيادة إنتاج العراق من النفط وطاقته التصديرية والتكريرية لأشهر أو أعوام، أو إلغاؤها كلية مع إحجام الشركات الأجنبية عن الإقبال على مزيد من المخاطر الإستثمارية.
وكان رئيس شركة نفط الجنوب العراقية التي تديرها الدولة قال في يونيو/حزيران تان «إكسون موبيل» أجرت عملية «إجلاء كبرى» لموظفيها من العراق بينما رحلت «بي.بي» 20 في المئة من عامليها.
وأطلق متشددون إسلاميون حملة على موقع تويتر للتواصل الإجتماعي وصفوا فيها شركات عاملة في العراق مثل «إكسون موبيل» و»رويال داتش شل» بأنها «هدف مشروع لكل مسلم».
وفي مايو/أيار حذرت السفارة الأمريكية ومسؤولون بريطانيون رعاياهم في البصرة خاصة العاملين في قطاع النفط من إحتمال تعرضهم للخطف على أيدي جماعات متشددة.
وقال مسؤول نفطي كبير لا يزال يعمل في العراق «لم يتأثر إنتاج وتصدير النفط من البصرة فهما بعيدان في الجنوب. لكن السؤال الآن يتمثل في ما الذي سيحدث بعد ذلك؟».
كانت بغداد تخطط لإنشاء خط أنابيب إستراتيجي لنقل النفط من حقولها في البصرة عبر تركيا وسوريا، وخط آخر عبر الأردن. لكن من غير المرجح تنفيذ تلك المشروعات قريبا.
وقالت وكالة الطاقة الدولية الشهر الماضي ان الصراع الطائفي الذي طال أمده ربما يهز ثقة المستثمرين ويضعف النمو في العراق على الأمد البعيد.
وسيتوقف إنتاج العراق الفعلي من النفط بحلول عام 2020 أيضا على الطلب العالمي، وإحتمال خضوعه لقيود منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على حصص الإنتاج والتي تعفى منها بغداد حاليا.