موريتانيا: تحضيرات لمؤتمر استكمال تمويل القوة العسكرية لدول الساحل

جمعة, 2018-02-16 00:59

 أنهى انخيل لوسادا المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة الساحل أمس زيارة لموريتانيا تباحث خلالها مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وعدد من معاونيه حول التحضيرات الجارية على قدم وساق للمؤتمر الدولي حول استكمال تمويل القوة المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس.

وأكد في تصريحات صحافية «أن مباحثاته مع الرئيس الموريتاني تركزت على اللقاء حول المؤتمر المزمع تنظيمه في 24 شباط / فبراير الجاري في بروكسيل بين مجموعة الخمس في الساحل والاتحاد الأوروبي».
وأوضح «أن الرئيس أكد له مشاركته شخصيا في هذا المؤتمر الذي يتوقف على نجاحه استكمال تمويل هذه القوة التي يعول عليها الاتحاد الأوروبي كثيرا في دحر الإرهاب وقطع خطوط الهجرة السرية نحو أوروبا ومحاربة الجرائم عابرة الحدود».
وقال: «ناقشت مع الرئيس الموريتاني سبل البدء الفعلي لعمل القوة المشتركة في الساحل، كما استعرضت معه في ضوء ذلك، الوضعية السياسية العامة في شبه المنطقة بما فيها الوضع في مالي».
وأكد لوسادا «أنه لاحظ في مباحثاته في نواكشوط الانعكاس الإيجابي الكبير الذي سيعطيه نشر القوة المشتركة، للاستقرار وللأمن في منطقة الساحل بعامة ولموريتانيا بشكل خاص».
ويجتمع رؤساء موريتانيا ومالي وبوركينافاسو والنيجر والتشاد يوم السبت بعد المقبل في بروكسل مع شركائهم الأوروبيين لاستكمال تعبئة الموارد المالية اللازمة لدخول القوة العسكرية المشتركة لدول الساحل في مرحلة الانتشار وانطلاق العلميات.
وبلغ مجموع المساهمات المالية المعلن عنها لحد الساعة 394 مليون أورو، وينتظر أن يتمخض مؤتمر بروكسل عن تعبئة 156 مليون أورو إضافية لاستكمال الكلفة الإجمالية لانطلاقة العمليات التي تبلغ 450 مليون أورو. وسيمكن هذا التمويل القوة العسكرية المشتركة من بدء الانتشار وإطلاق عملياتها الميدانية التي جمعت الدول الخمس للقيام بها 5000 جندي وضابط صف وضابط.
وكان رؤساء مجموعة دول الساحل الخمس قد ركزوا جلسات قمتهم التي عقدوها قبل أيام في نيامي عاصمة النيجر، على مسألة تمويل نشاطات القوة العسكرية المشتركة التابعة للمجموعة.
وأطلقت المجموعة قوتها العسكرية المشتركة مستهل السنة الماضية لمواجهة المجموعات الجهادية المسلحة في منطقة الساحل، ومن المنتظر أن تبدأ هذه القوة عملياتها خلال شهر آذار/مارس المقبل.
وبحث الرؤساء خلال قمتهم الأخيرة طرق الحصول على التمويلات التكميلية اللازمة لانطلاقة قوية لعمليات القوة العسكرية التي سيتولاها خمسة آلاف جندي ينتمون لبلدان المجموعة الخمس وهي موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينافاسو والتشاد.
وتبذل مجموعة دول الساحل وهي من أفقر دول العالم منذ مدة، جهودا كبيرة لاستكمال التمويل الضروري لبدء العمليات، حيث التزم كل بلد من بلدان المجموعة بتقديم مساهمة التمويل قدرها عشرة ملايين أورو، والتزم الاتحاد الأوروبي بتقديم 50 مليون أورو، كما التزمت فرنسا بتقديم ثمانية ملايين أورو لهذه القوة معظمها على شكل تجهيزات عسكرية، وتعهدت العربية السعودية بتقديم 100 مليون دولار، والتزمت الولايات المتحدة هي الأخرى بتقديم عون مالي ثنائي لكل من دول المجموعة بمبلغ إجمالي قدره 60 مليون دولار.
وضاعفت المجموعات الجهادية المسلحة مؤخرا من عملياتها في مالي بعد أن فرقها التدخل العسكري الفرنسي عام 2013، ويلاحظ ازدياد نشاط هذه المجموعات حاليا وسط وشمال مالي، رغم حضور قوات حفظ السلام الأممية التي يبلغ تعداد عناصرها 12 ألف جندي، ورغم وجود أربعة جندي فرنسي ضمن قوة برخان الفرنسية.
ووسعت المجموعات المسلحة من نشاطاتها خلال عام 2017 في وسط وجنوب مالي، وعلى حدود مالي مع النيجر وبوركينافاسو التي عانت مؤخرا من عمليات الجهاديين المسلحين.
وتتوفر قوة مجموعة الساحل العسكرية المشتركة على مقر عام ببلدة سافاري بمالي، وقد نفذت حتى الآن ثلاث عمليات في مالي والنيجر وبوركينافاسو بتنسيق مع القوة العسكرية الفرنسية.
وتعتبر هذه القوة المشتركة التي تتشكل من خمسة آلاف رجل والتي يوجد مقرها في مالي، آخر رصاصة في مواجهة المجموعات الإرهابية المسلحة التي فشلت القوات الأممية والقوات الفرنسية في دحرها.
وقد شكلت الألوية السبعة المؤسسة لهذه القوة التي يقودها الجنرال المالي ديدييه داكو، كما شكلت وحداتها، فيما ينتظر استكمال وصول الخمسة آلاف جندي وضابط المكونة لها.
ويطرح عائق كبير آخر يتعلق بالمدة التي سيستغرقها انتداب هذه القوة: فهل مدة الانتداب ستكون أشهرا أم سنوات أم ماذا؟
ويرتبط الجواب على هذا السؤال الهام بحسم مسألة التمويل التي سيتحدد على أساسها مستقبل هذه القوة الهامة.
ويأتي تشكيل هذه القوة بعد تجارب فاشلة في هذا المجال، بينها لجنة قيادة الأركان العملياتية التي شكلت في تمانراست بالجزائر عام 2010 تحت قيادة الجزائر وعضوية موريتانيا والنيجر ومالي والتي لم يعد يوجد منها اليوم سوى الاسم.
ويستلزم هذا أن يستخلص قادة مجموعة الساحل الخمس الدروس من إخفاق التجارب التنسيقية العسكرية الماضية.
ويظل الأمر المؤكد في كل هذا هو أن الجانب العسكري وحده لا يكفي في القضاء على الإرهاب المعشش منذ عقود في منطقة الساحل، وهو ما يؤكده فشل عملية برخان الفرنسية التي حلت فاتح آب / أغسطس 2014 محل عملية «سرفال» التي أطلقت مستهل عام 2013 في مالي، وكذا فشل قوة «منوسما» الأممية؛ فالشمال المالي لم يعرف الهدوء بعد فالأوضاع على حالها أو أشد.
وهناك أمر آخر يستدعي القلق على التجربة العسكرية الساحلية الجديدة وهو غياب الجزائر عن هذه المجموعة التي ظلت المشرف الرئيسي على العمليات العسكرية المضادة للإرهاب في الشريط الساحلي الصحراوي.

القدس العربي