التوجه غرباً.. تهديدات تنظيم القاعدة المحتملة في أفريقيا

خميس, 2018-03-22 14:04

في مارس 2018, أعلنت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة للقاعدة والكائنة في دولة مالي مسئوليتها عن الهجوم الذي أسفر عن مقتل 16 شخصًا في واجادوجو, عاصمة بوركينا فاسو. أظهر الهجوم أنه على الرغم من أن تنظيم الدولة الإسلامية خسر قطاعات كبيرة من الأراضي, لم يقترب تهديد الجهادية العالمية من الانتهاء. على وجه التحديد, يمر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بتغييرات جوهرية، ومن المرجح أن يعاود الظهور في النهاية كتهديد أول للأمن الإقليمي من غرب أفريقيا إلى مصر.

تاريخ القاعدة في بلاد المغرب
تعود جذور تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي إلى الحرب الأهلية الجزائرية. في عام 1998, تسببت الأعداد المتزايدة للإصابات المدنية في إبعاد الكثير من أعضاء الجماعة الإسلامية المسلحة, مما أدى إلى انشقاق الأعضاء المعتدلين وتشكيل الجماعة السلفية للدعوة والقتال, التي تعهدت بمهاجمة أهداف حكومية فقط، دفعت إجراءات مكافحة الإرهاب الجزائرية كلا الجماعتين إلى حالة من الاضطراب والفوضى, إلا أن أجزاء من الجماعة السلفية للدعوة والقتال ظلت كما هي. في 2004, أصبح عبد المالك درودكال زعيم الجماعة وفي 11 سبتمبر 2006, بايع بن لادن وأعاد تسمية الجماعة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
حظي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بنجاح قصير في 2007 إلى أن ردت الدولة الجزائرية بحملة مضادة شاملة ومتجددة والتي شملت فرض رقابة مشددة على المساجد, وعمليات شرطية واسعة النطاق, ومبادرات عفو عن المنشقين. نتيجة لذلك, مرت الجماعة بعدة انقسامات وتغييرات, أبرزها كان انفصال الكتائب الساحلية التي شكلت جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا في 2011.
في ديسمبر 2012, غادر القيادي البارز في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي, مختار بلمختار, التنظيم وشكل كتائب الملثمين, التي تعاونت فيما بعد مع جماعة أنصار الدين المالية وجماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا لدعم ثورة الطوارق في مالي. عقب سلسلة من الانتصارات في شمال مالي, طرد الحلفاء الإسلامويون (أنصار الدين وجماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا) طردوا الانفصاليين الطوارق وارتكبوا خطأ لا يمكن الرجوع عنه. أثناء تشجيعهم لجماعة أنصار الدين, شن الإسلاميون هجومًا على جنوب مالي, مما حفز انقلابًا عسكريًا في باكو ودعوة لاحقة للمساعدة العسكرية من فرنسا. هزم التدخل الفرنسي اللاحق جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا سريعًا وأجبر الجماعة على التراجع إلى مناطق ريفية في شمال مالي وموريتانيا. في مايو 2013, اندمجت جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا مع كتائب الملثمين التابعة لبلمختار ليشكلا جماعة المرابطين.
مركزية تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي
إن الطبيعة المتطورة باستمرار لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تثبت أنه عمل كتنظيم نقابي, يوحد الخلايا المختلفة التي تعمل بصورة مستقلة تحت اسم واحد. يتعاون أعضاؤه في موضوعات متنوعة مثل الإرهاب, والتجنيد, وتهريب المخدرات والإتجار في السلاح. 
كان تأسيس جماعة المرابطين في مايو 2013 علامة على بداية عملية تحويل هذه النقابة للمركزية, والتي اشتدت في 2015 عندما اتحد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مع جماعة المرابطين فرعه السابق. يزعم أن زعيم القاعدة, أيمن الظواهري, أمر بانقسام إقليمي بين قادته, ظنًا أنهما سيبقيان تحت أمرة القاعدة. أصبح درودكال مسئولًا عن الجزائر, ومختار بلمختار مسئولًا عن ليبيا, وجمال عكاشة مسئولًا عن غرب أفريقيا. ومؤخرًا, تواصلت عملية التحويل للمركزية يوم 2 مارس 2017, عندما اندمجت كتائب الساحل التابعة للقاعدة مع جماعتي أنصار الدين والمرابطين ليشكلوا جماعة نصرة الإسلام والمسلمين, بقيادة الأمير السابق لجماعة أنصار الدين إياد آغ غالي. بايع إياد آغ غالي الظواهري وأكمل عملية الاندماج.
التمويل والبقاء
أظهر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قدرة ملحوظة على التكيف على مدار العشرين سنة الماضية. بينما توارى التنظيم عن الأنظار في الجزائر وتراجع إلى منطقة القبائل الجبلية, نظم عدة هجمات في ليبيا وحاول الاتحاد مع جماعة أنصار الإسلام في مصر. يتعاون تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مع القبائل المحلية في المناطق الصحراوية غير المأهولة. إن العلاقات الشخصية بين قائد الكتيبة والقيادة المركزية تساعد في ضمان الولاء للتنظيم الكلي.
يُقال إن الجماعة تجمع الأموال من خلال فرض الحماية, والسرقة, والإتجار في السلاح, وغسيل الأموال وتسهيل تهريب المخدرات من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا -على الرغم من إنه يجدر بنا تذكر أن التقارير السابقة عن تورط القاعدة في تهريب المخدرات كانت مبالغا فيها في أكثر الأحيان. في حين أنه لا خلاف على أن تنظيم القاعدة ينتفع من طرق تهريب المخدرات- عبر أراضي الصحراء الكبرى غير المحكومة, إلا أن دولة مالي الفاسدة متورطة في هذه الأعمال أكثر من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. إن تلقيب بلمختار بألقاب مثل "السيد مارلبورو" هي على الأرجح محاولات من حكومة مالي للتقليل من شأن تهديد القاعدة وتصنيفه كعصابة من المجرمين. 
في حين أنه من الصعب قياس درجة تورط القاعدة في التهريب والإتجار, إلا أنها تزيد ومن المحتمل أن تصبح في المستقبل مصدرًا للدخل يفوق الخطف في الأهمية. 
التطورات الأخيرة
بينما اعتمدت الجماعة بشدة على الخطف مقابل الفدية كمصدر للدخل في الماضي, أصبحت فاعلًا محليًا راسخًا في شمال مالي, والنيجر وليبيا والذي يفرض ضرائب ويجني أرباحًا ضخمة من شبكات التهريب. إن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يشبه إلى حد كبير كيانا على غرار المافيا بنفوذ متزايد على المجتمعات المحلية, وتدفق نقدي ثابت وقدرة على التخطيط.
هذا التطور مرتبط على الأرجح بعملية التحول للمركزية الجارية. عقب عودة مختار, القيادي الكبير في التنظيم, بدأت قيادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في مركزة الهياكل القيادية للجماعة. كان هذا رد فعل لتدفق مقاتلين أجانب مدربين جيدًا من الشام, والذي مثّل فرصة كبرى للجماعة حتى في الوقت الذي يفرض فيه خطرًا محتملًا على تماسك الجماعة. تأكد هذا الافتراض عندما قتلت القوات الخاصة التونسية بلال القبي, الذراع الأيمن لزعيم التنظيم الحالي عبد المالك درودكال, يوم 20 يناير 2018. يبدو أن القبي تم إرساله لإعادة توحيد الجماعات المنشقة عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في تونس والاستفادة من عودة الجهاديين.
بينما بقى قيادي كبير في الجزائر لتنظيم أنشطة الجماعة هناك, إلا أن الدولة الجزائرية بجيشها المتمرس مكانًا أصعب بكثير للعمل من تونس ما بعد الثورة بحدودها المفتوحة مع ليبيا. في 2017, اعتقلت الشرطة التونسية 1,456 مشتبه به لهم علاقات بالقاعدة, مؤكدين التواجد الجديد لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في شمال أفريقيا وتحديدًا في تونس وليبيا.
من المستبعد أن يستهدف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تونس بهجماته, ومن المرجح أكثر أنه سيستخدمها كملجأ يخطط ويعمل من خلاله. هذا يعني أنه من المحتمل أن تضرب الجماعة في منطقة الساحل وليبيا وحتى مصر. إن هياكل القيادة المركزية وتدفق النقد الثابت سوف يضيف للقدرات التشغيلية للجماعة ويجعلها أكبر تهديد أمني في شمال وغرب أفريقيا.
المصدر - جلوبال ريسك إنسايتس
https://globalriskinsights.com/…/aqim-staying-power-north-…/
ترجمة - آية سيد