ملامسة الواقع

أحد, 2018-06-03 16:02

بقلم : عبد الفتاح ولد اعبيدن

حضرت الليلة إفطارا جماعيا نظمه حزب تواصل ، و حضرته شخصيات عديدة من كلا الضفتين ، وما بينهما من إعلاميين من مختلف الأذواق و المعايير . رغم قلة قنينات الماء على طاولات الإفطار و كثرة الحلويات فى المقابل و تهالك بعض مفروشات فندق حليمة وتواضع خدمات حماماته ، للأسف، إلا أن تواصل استطاع جمع كافة الأطراف على طاولة إفطاره الشيق الأخوي المريح . حتى أن زعيم إيرا و حزب الصواب ، لم يغيبا البتة عن هذا الإفطار، رغم ما يتردد من ٱراء حول مشروع الشراكة السياسية بينهما ، حيث يراه البعض محاولة من طرف حزب الصواب لتحريك حزبهم الراكد ، ضمن محاولة صعبة لترشيد التطرف أو تبييضه ، و ذلك الأخير أخطر ربما من تبييض أموال المخدرات أو غيرها من المحظورات ، على رأي البعض . لكن هذا الأسلوب السياسي التواصلي يميل إلى تكريس التقارب رغم الاختلاف . إننا بحاجة أكثر إلى روح التسامح و الحوار و التعايش الايجابي، مهما تكن مستويات التعابد فى الرأي و التوجه . عندما رأيت الأخ بيرام كنت قاعدا فقمت وحييته قائلا *مان متوافقين يغير إخوت * . و لعل الجانب الأكثر غيابا فى ممارسة أو ملامسة الشأن العام ، ترجيح أسلوب التخندق الحزبي و السياسي المصلحي الضيق على أسلوب خدمة الدولة .

إن بعض كبريات المؤسسات الإعلامية الفرنسية مثلا تضع فى الحسبان أولا مصلحة الدولة الفرنسية قبل دواعى الإثارة الإعلامية و التشبث بمسار مناوأة و معارضة الجهة السياسية الحاكمة المتغلبة . عندما هرب نظام جاك شيراك النقيب إعل ول الداه كانت إذاعة فرنسا الدولية على علم بالأمر قبل تنفيذه ، لكنها لم تفش سر دولة فرنسا . موريتانيا مقبلة على احتمال واسع للتلاعب مرة ثانية بالدستور الموريتاني، للإسف البالغ ، و ليس من الحكمة التوجه يوما ما للعنف ، لمحاولة مستحيلة ، لرد هذا التوجه المحتمل فحسب ، الهادف لتكريس مأمورية ثالثة ، غير دستورية و غير أخلاقية ، على راي البعض، لكن البدائل السلمية متعددة ، بعيدا عن المواجهة المحتملة . و عموما من يخدم الدولة عن طريق الموالاة أو المعارضة أو الحياد فله الحق ، لكن فليعلم أن المقصود خدمة الوطن و ليس جهة أو قبيلة أو فئة أو رموز سياسيين فى حيز ضيق .إن دولة موربتانيا مغبونة ، فى أغلب نشاطاتنا السياسية و الاعلامية بوجه أخص .

و من الأمثل و المفترض أدبيا أن يكون أصحاب و حملة الأقلام و الشأن العام هم الأحرص على ملامسة المواضيع الوطنية الجامعة بأسلوب يعلى الصالح العام على الاهتمامات الأنانية الإقصائية . طابور الموالاة طويل و بطيئ احيانا و صف المعارضة أعف ، لكن بشروط ، منها أن تكون المعارضة من أجل الوطن بحق و بالحكمة . و عموما لا مشاحة فى الإصطلاح ، كما يقال . فلا مشكلة فى العمل السياسي فى إحدى الضفتين، دون تزكية مجانية لمسار أحدهما. فالهدف واحد باذن الله، هو خدمة موريتانيا مسلمة موحدة متراحمة، شعارها العدل و الإنصاف للجميع .