الجار سابگ الدار

سبت, 2018-06-09 13:02

إسلمو ولد سيدي أحمد 

كاتب وخبير لغوي وباحث في مجال الدراسات المعجمية والمصطلحية
 

قرأتُ ذات مرة هذا النص على قناة "الموريتانية"، وقد لفت نظري أنه تحريف للمَثل المعروف:

"الجار قبل الدار". 

 

يبدو أنّ أحدهم قد اختار هذا العنوان لحلقة من عمل مسرحيّ، ظنًّا منه أنّ "سَابِگْ" أفضل من: قَبْلَ !، للفت نظر المشاهد وحثه على المتابعة. 

من المؤسِف أنّ بعضهم يظنون، ربما بحسن نية-وهم مخطئون في ذلك-أنّ لَفْتَ نظر المستهلك وترغيبَه في اقتناء بضاعة أو متابعة عمل فنيّ، يقتضي-لغير ضرورة- إقحام كلمة عامّيّة أو أجنبية في الكلام أو في النص المَكتوب.

ولا أستبعد، في هذا الإطار أن نقرأ مستقبَلًا: "الرفيق سابگ الطريق"، بدل: "الرفيق قبل الطريق"، أو: "الجار آفان الدار"، أي: avant. و"الرفيق آفان الطريق" !

وبصرف النظر عن دعوتنا إلى استعمال اللغة العربية الفصحى، بدل العامية أو اللغة الأجنبية، فإنّ: "الجار قبل الدار"، أوضح-للبيظان ولغيرهم ممّن يفهمون العربية- وأفضل بكثير-وبكل المعايير-من: "الجار سابگ الدار".

ثم إنه من المتعارَف عليه، أنّ المَثَلَ لا يجوز تغيير صيغته ولا ترتيب كلماته ولا تصويب خطإ في بنيته الأصليّة.

وعلى سبيل المثال، فإن المثل: "جاءوا على بكرة أبيهم"، أي جَمِعًا، لا يجوز أن يعدّل إلى: "جاءوا على ناقة أبيهم"، أو: "على بكرة أبيهم جاءوا".

والمثل: "الصَّيْفَ ضيّعتِ اللبنَ"، أي ضيعت الفرصة السانحة في وقتها، لا يجوز تعديله بحيثنقول: "ضيَّعنا اللبنَ في الصيْف"، أو نحو ذلك. 

والمثل: "مُكرَه أخاك لا بطل" الذي يُضرَب لمن يُجبَر على القيام بعمل وليس أهلًا له ولا شجاعة له عليه، لا يجوز أن يصبح: "مكره أخوك لا بطل". مع أنّ هذه الصيغة أفضل من الناحية النحوية. 

نرجو من محبي لغتنا العربية الجميلة، أن يتجنبوا-قدر المستطاع-هذه الأساليب المستهجَنة، لما تحمله من دعاية مجّانية للعامية، ولما تُلحِقه من ضرر بالغ باللسان العربي المبين. 

وفي خدمة لغة القرآن الكريم، لغة الأدب والعلم والمعرفة والمحبة والسلام، فليتنافس المتنافسون.