حماس تغيرت سياسيا وفرضت احترامها عسكريا

أحد, 2014-08-10 20:07

كثيرة هي المؤشرات التي قد تقود للاعتقاد بأن حركة المقاومة الإسلامية حماس قد تغيرت، سياسياً وعسكرياً، قبل وخلال العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، منها حكومة الوفاق الوطني سياسياً، ومنها الصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية على الأرض ونوعية المقاومة عسكرياً، وهو الأمر الذي سألت فيه «القدس العربي» منظمة التحرير الفلسطينية، ومحللين ومواطنين في الضفة الغربية.
وقال تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن هناك تحولات فعلاً في الاتجاه السياسي، تجري داخل حركة المقاومة الإسلامية حماس، باتجاه الإقتراب أكثر من منظمة التحرير الفلسطينية، والاستعداد للإنضواء تحت إطارها، وهذا يبدو واضحاً من سلوك الحركة، كما هو الحال من خلال اللقاءات التي تعقد مع الحركة، وطبعاً لهذا أسبابه.
وأضاف «من ناحيتنا في منظمة التحرير فمن مصلحة حركة حماس أن تكون ضمن المنظمة، فهذا يقدم لها ضمانات سياسية كثيرة، إنها جزء من فصائل الشعب الفلسطيني، وليست حركة موازية للمنظمة، ونأمل أن يرتقي هذا التطور في الجانب السياسي، إلى درجة الاستعداد والدخول الفعلي في إطار المنظمة، باعتبارها فصيلا رئيسيا من الفصائل الفلسطينية».
وأكد «أن هذا الأمر يبحث الآن في سياق الهيئة التي توافقنا عليها منذ سنوات، وهي الإطار القيادي المؤقت، والذي تشارك فيه حركة حماس والجهاد الإسلامي، وإذا ما التأم هذا الإطار، ويجب أن يلتئم سريعاً، فإن هذا الموضوع رئيسي ومطروح للنقاش، لاتخاذ التدابير والترتيبات اللازمة، ريثما تنعقد الانتخابات الخاصة بالمجلس الوطني الفلسطيني، لتثبيت الحال من وضع انتقالي، باتجاه الديمومة وانضام كافة الفصائل في إطار منظمة التحرير».
ويعتقد خالد، فيما يتعلق بالشق العسكري، أن ليس هناك في الأداء العسكري ما يمكن أن نسميه تطوراً عما اعتدناه في منظمة التحرير الفلسطينية منذ نشأتها، وكان يمارس على أيدي الفصائل الفلسطينية في منظمة التحرير في لبنانوغيرها من الدول، وهذا بكل تأكيد لا يضع قيدا على انضواء الجميع في إطار منظمة التحرير، فنحن جميعاً تحـت الاحـــتلال الإســـرائيلي، ونقاوم بكل الأشكال والأســـاليب والوسائل المتاحة، وهذا حق مكفول دولياً، وهـــو جزء من تاريخ المقاومة الفلسطينية.
المحلل السياسي عمر حلمي الغول، قال أنه لا يعتقد بوجود أي تغيير لا من الجانب الفكري السياسي، ولا العسكري بالمعنى الاستراتيجي للكلمة، فقادة حركة حماس يعلنون صباح مساء، أنهم جزء من تنظيم الإخوان المسلمين، وبالتالي خطهم واضح تماماً.
وهو يرى أن عودة حركة حماس إلى الحاضنة الشرعية الفلسطينية، إنما كانت عودة الضرورة، كون الخيارات التي كانت متاحة، وجملة الأزمات التي عصفت بالحركة، فرضت عليها هذه العودة باتجاه منظمة التحرير الفلسطينية، مع التمني بأن تستقل حماس عن برنامج ورؤية تنظيم الإخوان المسلمين.
أما على الجانب العسكري، فهناك مستويان اثنان يجب التفريق بينهما بحسب الغول، الأول هو القيادي والبرنامج الخاص به، والثاني هو هؤلاء الأبطال الذين يقاومون الاحتلال، وهؤلاء لهم حسابات مختلفة تماماً عن المستوى القيادي السياسي، خاصة من الناحية العقائدية والدينية التي تربطهم بالمقاومة.
وختم حديثه بالقول أن برنامج الإخوان المسلمين كما هو بالنسبة لحركة حماس، وهو من حيث البعد الاستراتيجي، خارج الحسابات الوطنية، وخارج المشروع الوطني الفلسطيني إلى حد بعيد.
واستطلعت «القدس العربي» رأي بعض المواطنين الفلسطينيين، حيث يقول محمد عطايا من رام الله، أنه من الواضح أن هناك تغييرا فعليا، فعلى الصعيد العسكري أثبت خلال العدوان العسكري الإسرائيلي، على قطاع غزة، خلال الأيام الماضية، أن لدى حركة حماس قوة عسكرية منظمة، ومدربة، ولديها قدرات متقدمة، فاقت توقعات الكثيرين.
أما فيما يتعلق بالجانب السياسي، فإننا نستطيع أن نقرأ أن هناك تغيرا، نأمل أن يستمر في الاتجاه الإيجابي، ونربط هذا التغيير باتفاق المصالحة الفلسطينية، وتشكيل حكومة الوفاق، وموقف حماس بالإنضمام الى الجهد السياسي الفلسطيني الموحد لوقف العدوان على غزة، نأمل كمواطنين فلسطينيين أن تعتنق كل الفصائل خيار الوحدة الفلسطينية، والالتصاق بالجماهير والنضال معها، لتحقيق الأماني الوطنية. 
ويرى طبيب الأسنان، بشير بنورة من بيت لحم، أنه بكل تأكيد لا خلاف على التغير العسكري لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، فقد فرضت الكتائب احترامها على الأرض، بعد كل ما أظهرته من أسلحة جديدة، وعمليات نوعية لم تشهدها فلسطين من قبل، سواء المتمثلة في الكوماندوز البحري، أو بوصول الصواريخ إلى كافة المدن الإسرائيلية من شمالها إلى جنوبها، ووقف حركة الطيران في مطار اللد الدولي «بن غوريون».
لكن على الصعيد السياسي، «أنا أحب العودة للتاريخ دائماً، وما يقوله التاريخ، أنه ومن زمن الخلافة الإسلامية، كانت الحركات الإسلامية تسعى للوصول إلى السلطة، لا أكثر ولا أقل، وبالتالي لا أعتقد بوجود تغيير في السياسة العامة لحركة حماس، خاصة وأن خطها السياسي مختلف عن البقية كفصيل مقاوم، والسلطة الفلسطينية عكس ذلك تماماً، وبالتالي فإنه وفي أول موقف جدي، قد تختلف حماس مع السلطة الفلسطينية من جديد، وذلك لا يعني عودة الإنقسام، وإنما خلاف واضح في الرؤية».
وبغض النظر عن اختلافات وجهات النظر، فيما يتعلق بالشقين السياسي والعسكري لحركة حماس، سواء أنها جزء من تنظيم الإخوان المسلمين في فلسطين، أو أنها ابتعدت عنهم وعادت للاتجاه إلى المشروع الفلسطيني فقط، فأن حكومة الوفاق الوطني وانضمام حماس إليها، تعتبر مؤشرا لا يمكن تجاهله، كما هو الحال فيما يتعلق بالوفد الفلسطيني الموحد الذي ذهب إلىالقاهرة ليفاوض الجانب الإسرائيلي على مطالب الفلسطينيين بعد العدوان على غزة.
كما أن ما حققه الجانب العسكري للمقاومة الفلسطينية، أعاد الكثير من الكرامة التي تبعثرت منذ زمن بعيد، خاصة مع اتجاه السلطة الفلسطينية نحو المفاوضات السياسية مع الجانب الإسرائيلي لأكثر من عشرين عاماً وفشلت، حتى أن البعض أثار قضية «التصنيع العسكري الفلسطيني» كخيار اقتصادي مهم في المستقبل.
لكن وفي كل الأحوال، ما تحمله الأيام المقبلة، هو ما سيثبت صحة أو خطأ كل هذه التوقعات والتحليلات حول حركة حماس، ووجودها داخل منظمة التحرير الفلسطينية، وتطويرها إلى اتجاهات أخرى.

فادي أبو سعدى