موسم الامطار بنواكشوط: غياب للصرف الصحي ...ومدينة عائمة ؟!

سبت, 2014-08-23 09:02

يفرح الموريتانيون بهطول المطر ويعتبرونه فأل خير وبركة، لكن سكان مدينة نواكشوط استثناء من هذا الفأل الحسن حيث ينظرون للأمطار على أنها نذير شؤم بما تسببه لهم من  مشاكل.

فما إن تتهاطل أبسط كميات من المطر على نواكشوط حتى تتحول الشوارع إلى بحيرات ومستنقعات يصعب معها التحرك حتى بالسيارات التي عادة ما يشتكي أصحابها من إفساد مياه الأمطار لمحركاتها.

ليس هذا فقط بل وتتسبب تلك البرك والمستنقعات في تلويث المدينة بالباعوض والروائح الكريهة وتشل حركة المرور فيها حتى في الممرات والزوايا الضيقة.

عن هذه الوضعية جعلت سكان العاصمة نواكشوط يتسابقون في غالبيتهم لهجر المدينة طيلة فصل الخريف حتى يتفادوا مثل هذا المأزق الصعب الذي يعود بالأساس إلى غياب وجود شبكة صرف صحي عصرية بالعاصمة.

في التحقيق التالي نتوقف مع غياب الصرف الصحي بنواكشوط ..المشاكل الأسباب والحلول

 

وضعية مشينة ..وكارثية

 

استطلعنا آراء بعض سكان العاصمة الذين يقيمون فيها في فصل الخريف "سقوط الأمطار" وكانت آراؤهم تعبر عن حجم الوضعية:

أحمد سائق تاكسي قال عندما تسقط أبسط كمية من المطر يتحتم علي المغامرة بالسير في سيارتي المتواضعة في برك المياه والمستنقعات للبحث عن رزقي حالي كحال أصحابي من سائقي سيارات الأجرة الذين لا مورد رزق لهم غير العمل اليومي وكثيرا ما تسببت مياه الأمطار في أعطال بالغة لسيارتي.

سيدي موظف عندما تتهاطل الأمطار يتحول وسط المدينة حيث أعمل إلى برك مائية يجب تجنبها ولذلك نقضي وقتا أطول في سياراتنا للبحث عن طرق فرعية في منعرجات ضيقة توصلنا لوسط المدينة حفاظا على سياراتنا ناهيك عن أن وسط المدينة،ناهيك عن أن مناظر البرك والمستنقعات بوسط المدينة خاصة منظر مشين.

عيشة ولاله بائعات بسوق الخضار أكدن أنهن يضطررن في كثير من الأحيان للعبور على عربات حمير للوصول إلى مكان عملهن بسوق الميناء حيث لا تستطيع السيارات عبور تلك البرك المائية الكثيرة وأضفن عندما تتهاطل الأمطار تقل حركة السيارات وتصبح الوسيلة الوحيدة للتنقل حتى بين المنازل في بعض الأحيان هي عربات الحمير .. إن الأمطار في نواكشوط كارثية ويجب على الدولة التصدي لهذا الوضع الخطير- حسب رأيهن- .

عثمان طبيب قال إن سقوط الأمطار في نواكشوط إضافة لما يخلفه من عرقلة المرور وسوء النظر بالعاصمة حيث المستنقعات والبرك المائية فغن يتسبب الكثير من الأمراض كالملاريا والحساسية وأمراض الجلد نظرا لكثرة الروائح الكريهة والباب الناقل للجراثيم وتعفن المياه واختلاطها بالقمامة بالعاصمة.

 

أرقام ...لها دلالة

 

20% من مساحة العاصمة به  شبكة صرف صحي

طول شبكة الصرف الصحي القديمة 30 كلم

الشبكة الجديدة 100 كلم (طور الانشاء للمجاري)

الشبكة الكاملة طولها 400 كلم

مساحة العاصة 400 كلم مربع

تكلفة شبكتي الصرف الصحي (للمجاري وصرف مياه الامطار)199 مليون دولار

شبكة صرف مياه الامطار طولها 54 كلم

شبكة صرف المجاري  طولها 300 كلم

 

الصرف الصحي ..وسائل بدائية

 

في مواجهة مياه الأمطار يتولى مكتب الصرف الصحي تشغيل شبكة قديمة وضعيفة للصرف الصحي بنواكشوط ويقوم المكتب بترميم أعطابها وربطها بملتقيات الطرق الهامة بالمدية لتساعد على صرف مياه الأمطار.

كما يقوم بربط 21 ملتقى طرق موجودة في وسط المدينة بشبكة الصرف الصحي القديمة لأنها تمثل نقاط ركود المياه المطرية وتعزيز قدرات المكتب باقتناء عدد مهم من شاحنات شفط مياه المجاري ومن المضخات (الشاحنات المائية المنظفة للمراحيض).

وتعاني مناطق بوسط العاصمة في غير موسم الأمطار من طفح المجاري الذي يخلف بركا من مياه الصرف الصحي تلوث البيئة وتضر بالصحة ، ولم يساهم تدشين مياه آفطوط في التخفيف من المشكل بقدر ما أدى إلى إغراق شوارع في بعض أحياء المدينة بسبب قوة الضخ وتلف أنابيب الشبكة.

ويقول المتابعون إن فوضوية بناء العاصمة نواكشوط وضعف مستوى التحضر والارتجالية في بنائها وتسارع وتيرة نموها الديمغرافي وغياب خطط تنموية حقيقية للبنية التحتية بالمدينة وضعف الوعي لدى ساكنيها ولدى المسؤولين كانت من أهم أسباب غياب بناء شبكة صرف صحي عصرية.

 

تخوفات من تلوث المياه

 

يطرح غياب شبكة للصرف الصحي للأمطار وللمجاري مشكلة كبرى حادة وهي الخوف من تلوث المياه الصالحة للشرب بمياه الأمطار الراكدة من جهة وبمياه المجاري الخطيرة من جهة أخرى

وقد سجلت في السنوات الأخيرة الكثير من الأمراض ناتجة عن تلوث مياه العاصمة بحسب الأطباء.

المهندس في مكتب الصرف الصحي بنواكشوط، مولاي ولد كواد، يري أن أكثر عوامل تلوث مياه العاصمة تكمن في ثلاثة أسباب رئيسية هي: طريقة بناء مجاري الصرف الصحي التقليدية في منازل المدينة. بالإضافة إلي خطر التلوث عن طريق خزانات البنزين والمواد الكيميائية الملوثة الأخرى وعمليات الربط غير الشرعي بشبكة أنابيب المياه التي تزود العاصمة من قبل المزارعين في ضواحي المدينة قبل وصولها إلي مركز الخزان الرئيس في نواكشوط.

والسبب الأول للتلوث يأتي من مجاري الصرف الصحي المنزلية التقليدية التي يقوم سكان العاصمة ببنائها في ظل غياب كلي لشبكة للصرف الصحي في نواكشوط، ويتمثل خطر هذه المجاري في قربها عادة من أنابيب مياه الشرب الأمر الذي يؤدي إلي تسرب الجراثيم والميكروبات الضارة إلي هذه الأخيرة . ويعتبر هذا الخطر هو الأكثر احتمالا نظرا لعدم تغطية شبكة أنابيب مياه الشرب لأغلب أجزاء العاصمة الموريتانية، إذ مازال السكان في غالبية أحيائها يعتمدون علي الصهاريج وعربات الحمير في التزود بالماء، وعلي خزانات مائية منزلية في تخزينه تجاور في العادة المجاري التقليدية للمنازل مما يزيد من خطورة الوضع

ويشرح ولد كواد السبب الثاني بقوله إن أصحاب المزارع الواقعة قرب أنابيب المياه عند مدخل العاصمة يقومون بإجراء عمليات ربط بأنابيب المياه بصورة غير شرعية وبدائية الأمر الذي قد ينتج تلوث مياه الشرب.

وينبه للسبب الثالث حيث انه يجب القيام بنقل جميع محطات البنزين الواقعة بالقرب من مناطق جلب المياه للعاصمة (أفطوط الساحلي وإديني)نظرا لخطورة تسرب هذا النوع من المواد إلي باطن الأرض حيث منابع مياه البحيرة الجوفية المغذية لنواكشوط، في حال تعرض احدي محطات تخزين الوقود أو شاحنات نقله إلي حادث في تلك المنطقة.

الرأي الحكومي:حلول على المديين القريب والبعيد

 

وقع وزير المياه والصرف الصحي (سابقا) محمد الامين ولد آبي في فبراير 2010 والسيدة ماينغ ينغ  المديرة المساعدة لشركة جزوبا كروب انترناشيونال كوبوريشن الصينية على اتفاقية تتولى بموجبها الشركة الصينية المتخصصة في الاشغال تنفيذ المرحلة الاولى من مخطط الصرف الصحي لمدينة نواكشوط.

وسيتم تنفيذ المرحلة الاولى من المخطط الممولة في اطار التعاون بين موريتانيا والصين بغلاف مالي قدره 199 مليون دولار ويغطي الجزأ الاول من المشروع اربع مقاطعات من العاصمة الموريتانية هي (تفرغ زينه، لكصر، الميناء والسبخه ) وقد تم اختيارهما وفقا للحاجة الملحة لخدمات الصرف الصحي بعد ا ن ادت الامطار التي تهاطلت في الصيف الماضي الي خسائر كبيرة في تلك المناطق.

وكان التوسع العمراني الفوضوي للعاصمة الموريتانية قد حرم احياء كثيرة من الخدمات الاساسية للماء والكهرباء والصرف الصحي وتأمل الحكومة الموريتانية ان تستكمل خدمة الصرف الصحي لكامل احياء العاصمة خلال خمس سنوات ضمن مشروع لاعادة المخطط العمراني لمدينة يعيش بها اليوم ثلث سكان موريتانيا

وقد بدات أشغال مشروع مخطط الصرف الصحي للعاصمة خلال 2010 وتمتد على مدى ثلاث سنوات ونصف.

من جهته قال حمزة ولد أعمر مدير الصرف الصحي في نواكشوط "كعدة ميادين للصرف الصحي والقطاعات التي تناست في الفترة الماضية اتسعت الرقعة بدون توسعة شبكة الصرف الصحي ونحن في مرحلة بداية تنفيذ المشروع الذي سيرى النور في القريب العاجل".

ويواصل العاملون في محطة التكرير الصحي في المحطات القديمة عملهم الإعتيادي يقوم عناصر الحماية المدنية وقوى الأمن بشفط المياه في الأحياء الشعبية لمنع انتشار الأوبئة والأمراض،كما تقوم فرق من وزارة الصحة برش الأشحار ومحلات البرك والمستنقعات و أماكن ازالة القمامة لقتل البعوض وتنقية أجواء المدينة من مسببات الأمراض.

 

أنباءأطلس