ثقب الفساد الأسود في إدارة الجمارك

اثنين, 2020-07-13 09:25

بقلم.. أحمد ولد ابوب.. كاتب موريتاني مقيم في الرباط

البحث جار عن متطوع من أهل الخير والبر والمعروف، يقوم -نيابة عن المجتمع- بمهمة وطنية جليلة ونبيلة، نظرا لأولويتها القصوى للدولة، في عاجل أمرها وآجله، ألا وهي إيصال أمانة خاصة إلى المدير العام للجمارك الموريتانية، الجنرال الداه ولد المامي، تعلمه بأن نظام الفساد، ومنظومة قانون الغاب، التي طالما استند إليها، وهو يقود أطول أذرعها، لأكثر من عقد من الزمن، قد انتهى أجلها ومهلتها، وأزفت آزفتها، فارتحل أهلها غير مأسوف عليهم، وإلى غير رجعة بإذن الله.

فأصابع الاتهام تشير إلى الجنرال بإدمان التقلب في مخاضة الفساد، ظهرا لبطن، مدة اثنتي عشرة سنة، وأنه تمرس، مثل منظومته، بفنون الظلم والحيف والغبن والميز والرشاوى، وبالتالي فلا مقام لمثله، بيننا، وقد ارتحلت منظومة الغلول، من نظرائه، ثم ساقوا أمامهم الجمل بما حمل، فبأي مشيئة يواصل، بعدهم، تربعه على بوابة الدخل القومي الأغزر مردودا، وقد تحول، طيلة عقد من الزمن، إلى إقطاع مشاع لعناصر تلك المنظومة الآسنة، فليرحل معها، وليسلك نفس الطريق بلا دليل، إلى سوء مصير عرابه المحتوم.

اخبروا الجنرال القابض على بوابة الجمارك المنكوبة، إن شلة المفسدين التي يزكم فسادها الأنوف هذه الأيام ، قد فارقتنا، بحمد الله، غير مأسوف عليها، وان فريقا وطنيا مؤمنا بمثل الحق وقيم العدل، قد استلم زمام القافلة، وبإرادة المواطنين واختيارهم؛ وهو لديهم محل أمل محفوف بالمرجحات والمؤكدات، في أن لا يخلف الناس عهده برفع المظالم عنهم، ووعده بإقامة مجتمع العدل لهم، وإتاحة الفرص المتكافئة، واستنقاذ ما يمكن إنقاذه؛ ولا يتحقق ذلك بالإبقاء على أي مفسد ظاهر الفساد، تراوده أوهام الخلود حيث ألف الاستجابة لسعار البطن، ونداء الجيب وأوار الهوى ووسوسة الشيطان.

 

الآلاف من ضحايا الرجل، يحدوهم الأمل وهم يرتقبون سماع خبر إقالة من في نظرهم رمزا لديناصور الفساد والغلول؛ ولخبر كهذا هو أبلغ أثرا بين ضحايا الرجل ومن تجرعوا مظالمه، من أثر عارض ممطر، أصاب أرضا جرزا، فعادت إليها به الحياة، وعم الناس البشر والهناء.

صحيح أن قطاعا واسعا- في نظر الضحايا- من ذباب موائد الغلول  ولعقة  أقدام الفاسدين، ستنزل بهم قارعة، جزاء وفاقا، على ما اقترفوا من آثام؛ ومن هؤلاء مقربون نفذوا، بمباركة الجنرال المدير، وبآمر منه، عمليات التصريف المباشر (Enlevement Direct) للواردات بالآلاف من الميناء، وبلا تبعات أصلا، او بتبعات رمزية، غير مسجلة يتكفل بأمرها النسيان.

ومنهم -حسب هؤلاء- واضعو ومنفذو سيناريوهات جهنمية تجمع بين التحايل على حق الخزانة من الضرائب على الواردات وابتزاز المورد، بإجباره على استلام تصريح بتسديد نسبة ضئيلة من الضريبة، للخزانة العامة، فيما يدفع مبالغ فلكية للمدير وأكلة الغلول المحرمة من حوله، وهي عملية تمثل الغالب الأعم في تعامل الجنرال المدير، مع الواردات التي لا تحصن مستوردها توصية من اقصر، أو خصوصية قرابة بفلان أو علان، من كبراء العشرية العجفاء، تلك التي انقطع نفسها، فانتهى ذكرها، إلا في بعض البؤر العميقة، ومنها إدارة الجمارك المبتلاة.

سترتبك خطط أولئك المفسدين جميعا، عندما يرحمنا الله، فيزيح عن كواهلنا عتاة المفسدين؛ ونتفرج عليهم وقد علا صراخهم وعويلهم، فدعوا ويلا، ودعوا ثبورا كثيرا؛ يومئذ تعم البهجة المواطنين الذين آمنوا بحق الوطن وضرورة التغيير، وساهموا في إحداثه بالطرق المدنية الحضارية، وتناأوا عن الشبه، واكتفوا بالدعوة لوقف العبث بالمقدرات الوطنية، ولإسناد المسؤوليات عنها إلى الأحق، وهو الأتقى والأنقى والأرقى... !!