رئاسة ولد محم للحزب الحاكم: حكامة سياسية جديدة لمأمورية جديدة

اثنين, 2014-09-08 13:43

عبد الله ولد محمدو/

لم يكن مستغربا أن يتبوأ المحامي اللامع الأستاذ سيدي محمد ولد محم رئاسة حزب الإتحاد من أجل الجمهورية، فالرجل كان ومازال محط ثقة الرئيس، وأحد السابقين للتأييد الذين أيدوه في أيام ما قبل الكرسي الرئاسي، وكان من بين مؤطري تحرك نواب التغيير،

الذي كان بداية النهاية لنظام الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، وكان فاعلا في حملات شرعنة النظام محليا ودوليا، وفي كل الحملات السياسية اللاحقة واجتاز بنجاح امتحان النزول إلى الميدان بحثا عن تزكية صناديق الإقتراع، وتم انتخابه نائبا برلمانيا عن دائرة أطار، قبل أن يعين وزيرا للإتصال ناطقا باسم الحكومة، ومحاورا مع المعارضة باسم النظام الذي كلفه رأسه بقيادة حملة الرئاسيات على مستوى ولاية الحوض الشرقي... ثم تلاحقت الأحداث وتصاعد صراع تموقعات القيادة على مستوى الحزب الحاكم ونثر الرئيس محمد ولد عبد العزيز كنانته على مهل وأنضج اختياره على نار هادئة فوجد ولد محم أصلبها عودا وأكثرها ملاءمة لقيادة الحزب في المرحلة الحالية، فوضعه على رأسه في لفتة تحمل أكثر من رسالة وأكثر من دلالة، فولد محم رغم شبابه الظاهر سياسي مخضرم دغدغ الفكر القومي العربي في كل أوجهه والفكر السياسي الإسلامي في منحاه الحداثي، ووصل إلى رؤية حداثية لا شرقية ولا غربية، ولكنها أيضا لا جهوية ولا قبلية ولا فئوية ولا طائفية.
لذلك يحمل تسنمه لرئاسة الحزب الحاكم في مطلع مأمورية ثانية قد تكون الأخيرة أكثر من دلالة، فقد يكون من مهام ولد محم إعادة هيكلة الحزب الحاكم وتحويله من ودادية قبلية جهوية فئوية إلى قوة سياسية نوعية تدعم جهود الإصلاح والتغيير وتسند جهود الحكامة الرشيدة التي يجنح الرئيس الموريتاني ما وسعه ذلك لتجسيدها في ممارسة حكم عملية... كذلك يعول على ولد محم  في بلورة خطاب سياسي إعلامي حزبي جامع جاذب للقوى الصاعدة موالاة كانت أو معارضة أوبين بين.
ويتوقع المراقبون أن يباشر ولد محم بتوجيه من محمد ولد عبد العزيز مجهودا هيكليا لفك الإرتباط قدر المستطاع بين الحكومة والحزب من منطلق أن الحكومة تعمل لتحقيق الممكن، والحزب بنخبه وقواه يخطط وينظر لتحقيق ما يجب أن يكون، وقد لا يطلب منه الدفاع عن ممارسات ممجوجة شعبيا لبعض المسؤولين بقدر ما ينتظر منه الدفاع عن خيارات جوهرية كتقوية اللحمة الوطنية، ومحاربة الفساد وبناء دولة مواطنة حقة تقود البلاد نحو بر أمان لا يمكن إلا أن يكون تعدديا.
في جميع الأحوال سيظل نجاح ولد محم مرهونا بالإرادة السياسية للرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي من خلال تعيين ولد محم حاول إصابة العديد من العصافير السياسية بحجر واحد اختاره هذه المرة من حجارة آدرار المطعمة برمال آوكار المميزة محليا، وطبعا لكل ذلك ما قبله وسيكون له ما بعده.

            عبد الله محمدو 

[email protected]