مجرد فكرة... محمد فال ولد بلال

جمعة, 2014-09-19 11:35

لا شك في أنّنا كمجتمع نحتاجُ إلى الاعتدال والوسطيّة في الخطاب و الحكم على الأشياء،  نحتاجُ إلى الموضوعية و التوازن حتّى لا تبقى الأمور عندنا محكومة بثنائية إطلاقية غريبة: إما أن تكون فائقة في الجمال و الكمال، و إما أن تكون غاية في الرّداءة و الابتذال...وكذا الشخص في تصورنا: إمّا أن يكون بطلا مقدسا، و إمّا أنْ يكون خائنا و عميلا، لا حّل وسط بينهما.

وبهذا المنطق الفاسد نجدُ أنفسنا دائما في إحدى حالتين: إمّا حالة "تمجيد للذّات"، و إمّا حالة "جلد لها"...و بالتالي، منقسمين ما بين "ممجّد" و "جلاّد"! و هذه مصيبة حقيقية! مُصيبة تشيرُ إلى ثقافة المبالغة في القول السائدة في مجتمع بدوي يقدس فن الكلام و البلاغة و الأدب على حساب الدقّة و العلم...و لذلك، من الصعب جدا أنْ نسمع خطابا أو جملة في أي مجال من المجالات تخلو من: "مائة بالمائة"، "مائتين بالمائة"، "إلى أقصى حد"، "لأول مرّة"، "غير مسبوق"، "تماما"، "نهائيا"، "إلى الأبد"، "النيّر"، "المستنير"، "الفاشل"، "العاجز"، "الطامع"، إلخ... و في الواقع، ما هذا كله إلاّ مظهر من مظاهر الأزمة الفكرية العميقة التي نتخبّطُ فيها بسبب اعتيادنا على أسلوبين خاطئين هما: تضخيم الكلام من جهة، و الركون إلى اليقين من جهة أخرى...تضخيم الكلام يكون بالمبالغة و التهويل بهدف الإثارة و شدّ الاهتمام. و أمّا الركون إلى اليقين، فيكون بتقديم تلك الجمل التقريرية الحادّة و الأحكام القطعية الصارمة المعروفة بهدف التأثير و التأكيد على "الجدية" و "الصدق"... و لكن، يبقى الأكثر إقناعًا و الأفضل من هذا و ذاك...هو نهج الاعتدال و التوازن و الوسطية و احترام عقول الناس و "نسبيّة" الأشياء...و الله ولي التوفيق -

 

وزير الخارجية الاسبق