خطاب رئيس الجمهورية: رسائل مشفرة تحتاج من يفك شفرتها (تحليل)

أحد, 2021-11-28 14:24

رغم أن خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى  61 لعيد الاستقلال الوطني لم يحمل زيادة في رواتب الموظفين، والتي أكدتها الشائعات الإعلامية منذ فترة، وتعلقت بها الأمل لدى الكثير من العمال، وهو ما ولد خيبة في نفوس هؤلاء، ما منعهم من تدبر ما حمله الخطاب، الذي اتسم بالواقعية والابتعاد عن الوعود البراقة التي ربما كانت سمة بارزة في الخطابات الرسمية في السابق، وبعث برسائل مشفرة

فلم يحجب استعراض الحصيلة السنوية عن رئيس  الجمهورية رؤية الإخفاقات من خلال الاعتراف " بأن وتيرة تنفيذ بعض المشاريع غير مرضية...و أن ثمة نواقص وصعوبات على بعض المستويات"، مبينا إدراكهم لها، وأنهم عاكفون على تصحيحها.

والوقوف عند هذه الفقرة وقراءة لما بين سطورها، توضح أن الأيام القادمة ستحمل جديدا في ثنايا تصحيح تلك الاختلالات، وما يترتب عليها من إصلاحات جوهرية، تقتضى معاقبة من أشرفوا على تلك المشاريع نتيجة تقاعسهم في تنفيذها.

 

وقد أكد ذلك أكثر تركيز رئيس الجمهورية على المضي قدما "على إرساء حكامة رشيدة، و محاربة كل أشكال الفساد. فالفساد، بطبيعته، مقوض لدعائم التنمية، بهدره موارد الدولة، وتعطيله المشاريع عن تحقيق أهدافها، وإخلاله بالعدالة التوزيعية للثروة، وهتكه قواعد دولة القانون، بما يضعف ثقة الأفراد فيها، ويصيب النسيج الاجتماعي في الصميم". وهو مطلب أساسي للجميع، بل إنه البوصلة للحكم على نجاح النظام في معركته التنموية".

 

 وردا على المشككين في تلك الجهود أكد رئيس الجمهورية "تكثيف نشاط أجهزة الرقابة والتفتيش، بنشر فرقها في كل المؤسسات العمومية والقطاعات الوزارية".  مبرزا أن  التقارير الصادرة عنها  سيترتب عنها فورا كل ما تقتضيه. وهي عبارة واضحة  تبين أن هذه التقارير لن ترمى في أدراج المكاتب، بل سيأخذ بها في إطار المحاسبة ومكافحة الفساد الذي أظهر رئيس الجمهورية إنعكاسه السلبي على  تنمية البلاد.

 

مؤكدا في نفس الوقت  "التركيز على إصلاح الإدارة، فلم يعد من المقبول إلا ان تكون إدارتنا أقرب إلى المواطن وأكثر إصغاء له وأسرع في الرد عليه وحل مشاكله".

 

وفي ظل تشكيك البعض في تنظيم التشاور المرتقب أكد رئيس الجمهورية أن "التحضير الجاري لإطلاق تشاور وطني جامع، لا إقصاء فيه لأحد، ولا حظر فيه لموضوع، لمؤشر على أن سنة الانفتاح والتداول المسؤول، بدأت تترسخ تدريجيا، في بلادنا، كنهج أساس للتعاطي مع الشأن العام".

فالخطاب حمل بالجملة ردا على تساؤلات الكثير من المراقبين والمشككين في إدراك رئيس الجمهورية لما يدور في البلد، وتقاعسه في الحملة على الفساد وتدوير المفسدين، حيث بين الرئيس المضي في محاربة الفساد بشكل صارم ومحاسبة كل من قصر  في تنفيذ عمله، والعمل بتقارير الهيئات الرقابية التي باشرت عملها في كل المرافق العمومية. والتأكيد على أن التشاور مستمر ومفتوح لمناقشة جميع الموضوعات.

وكخلاصة فإن الخطاب أوضح أن الرئيس غير راض عن ما تم، وأنه مقبل على اتخاذ عدة إجراءات من أجل التطبيق الصحيح لبرنامجه الانتخابي، وستكشف الأيام القادمة عن التفكيك الحقيقي للرسائل المشفرة التي حملها خطاب الذكرى 61 لاستقلالنا الوطني.