خيارات موريتانيا الثلاثة

أحد, 2014-11-09 08:29

بعد حالة طويلة من الهدوء و الركود فى أتخاذ أى خطوة قد تكلفها الكثير سواء فى علاقاتها الفاترة مع السلطة الحاكمة أو فى أعين المؤيدين لهم، أعدت اللجنة التى تضم أبرز المعارضين و منظري السياسة و رموز من قوى و احزاب المعارضة الموريتانية وثيقة كخطوة فاصلة للتقدم بها الى الهيئة القيادية لمنتدى المعارضة الموحد و بتلك الوثيقة رؤية و تحليل شامل حسب ما ذكره رموز المعارضة و من أشرفو على أعدادها عن الوضع و الموقف الاقتصادى و السياسى و الاجتماعى للدولة، و اعداد مذكرة يتم فيه شرح جميع نقاط القوى و الضعف لدى النظام الحاكم بالاضافة الى ورقة تفصيلية أخرى بها تحليل لجميع نقاط القوى و الضعف أيضا لصفوف المعارضة الموريتانية، و ربما يكون ذلك الشئ الجديد على دول منطقتنا و القارة الافريقية و هو تحليل المعارضة لنقاط قوتها و ضعفها بذلك الاسلوب الجيد الذى يطيح للجميع سواء من كان داخل دائرة المعارضة أو خارجها رؤية الواقع بأيجابياته و سلبياته دون أى مبالغة أو تهوين .

 

و أبرز ما جاء فى الوثيقة من مخاطر لتهديد أستقرار الدولة كان يخص تهديد الوحدة الوطنية واستمرار سياسات التهميش التي لا تراعي التعدد و التنوع الثقافي و الاجتماعي، و التمادي الرسمي في تجاهل مخاطر ممارسات الاسترقاق، و عمليات الفساد و النهب و الاستحواذ على موارد و مقدرات الدولة من طرف فرد أو مجموعة بعينها، و العمل على تدجين مؤسسات الدولة، و تحجيم دورها و نفوذها التى ينص عليها القانون . كما ذكرت أيضا الوثيقة مدى خطورة تدهور التعليم و الصحة و العدالة، كما أشارات على محاولات التلاعب بالانتخابات .

كما تضمنت الوثيقة خطة عمل ستنتهجها الاحزاب و القوى المعارضة في المرحلة القادمة، تقوم أساسا على النضال السلمي لتغيير أوضاع الدولة عبر دفع نظام الرئيس " محمد ولد عبد العزيز " نحو القبول بحوار جاد معهم بضمانات حقيقية حتى لا تصبح كالمحاولات السابقة التى لم تثمر عن اى شئ .

و بعد ذكر المعارضة الموريتانية فى وثيقتها لجميع تلك النقط من تحليل شامل لوضع البلاد ثم ذكر نقاط القوى و الضعف لكلا من أداء السلطة الحاكمة أو حجم المعارضة بالشارع الموريتانى، و الوضع للرأى العام و الشارع السياسى بنواكشوط،  بنيت على أساس تلك النقاط رؤية المعارضة فى مصير البلاد و مستقبلها السياسى و الاقتصادى و الاجتماعى، و أكدت من خلالها أن أمام موريتانيا ثلاثة خيارات لا رابع لها و هم القبول بحوار جاد يجمع بين النظام و القوى المعارضة بضمانات حقيقية، أو الإنزلاق نحو الدولة الفاشلة، أو الإنغماس من جديد في الإنقلابات العسكرية التى عرف بها تاريخ موريتانيا .

و من الملاحظ بعد تلك الخطوة التى أقبلت عليها المعارضة الموريتانية و سط أجواء و حالة غير عادية من الزخم و الحراك السياسى بالمنطقة، و فى ظل تحركات تشابهة تحركات جميع القوى المعارضة بمختلف دول المنطقة و القارة الافريقية أنه يعيب على المعارضة فى جميع تلك الدول عدم ربط جمعها للمعلومات ثم تحليلها و أستقراء ما سيحدث فى المستقبل بالاوضاع الخارجية و ما يحدث من متغيرات السياسية الدولية سواء أن كان هذا على مستوى الاقليمى أو المستوى الدولى، بجانب ما يحيط بكل دولة و تأثيره على وضع البلاد سواء أقتصاديا أو سياسية او أجتماعيا و خاصة أمنيا، فمازالت أغلب أن لم يكون جميع القوى المعارضة بالقارة السمراء عيونها محصورة فى الاوضاع الداخلية لدولها فقط دون النظر الى الاحداث العالمية التى يكون لها مردود على نظام و طبيعة علاقات كل دولة بالعالم الخارجى أو حتى شكل أطارها الداخلى، و عن التغير المباشر الذى يحدث فى شكل و خريطة العالم مع بداية و نهاية كل حرب سواء كانت باردة أو عسكرية مباشرة أو حروب أقتصادية أو فكرية ... الخ

بالفعل اليوم المعارضة الموريتانية أتخذت خطوة هامة فى مسار أى قوى تريد أحداث تغيير، و أيقنت بعد فترة ليست بالقصيرة مدى تقصيرها و حجمها و نقاط القوى و الضعف لديها و لدى السلطة الحاكمة أيضا بعد حالة من الركود و خطوات متخبطة و مترددة كثيرة، و لكن برغم غياب الرؤية الشاملة و أغفال عقل المعارضة عن ما يحدث من متغيرات بالسياسة الدولية التى تحدثت عنها و هى السمة المشتركة فى جميع قوى المعارضة بدول الشرق الاوسط و أفريقيا و هى التى ترجح دائما كافة الانظمة الحالية سواء الملكية أو العسكرية، الا أن المعارضة لا تعرف بعد ما هى الخطوة القادمة برغم ذكرهم جملة أتباع النضال السلمى ( و يبدو من تلك الكلمة أنهم بدأو يستنشقو هواء الربيع العبري ) و فى اى مربع ستضع المعارضة قدمها غدا، و أن لم يدركو ذلك سيظلو فى مربع رد الفعل، و غالبا ما يكون ذلك المربع على رقعة شطرنج السياسة هو مربع الخسارة و الذى يموت عليه الملك .

 

الكاتب و المحلل السياسى بمركز التيار الحر للدراسات الاستراتيجية و السياسية

[email protected]