إسألوا موريتانيا عن غينيا الإستوائية!

جمعة, 2014-11-14 20:14

عادل الداودي - البطولة ([email protected])

كما كان مُتوقعاً، وبعد انسحاب معظم الدول التي عارضت على طلب التأجيل وأشعلت النار فيما بعد في وجدان رئيس الاتحاد الأفريقي (الكاف) عيسى حياتو بسبب رفضها التنظيم، تم الإعلان عن منح حق استضافة كان 2015 .

 

ولم ينتظر الكاف سوى ثلاثة أيام للإعلان الرسمي عن الدولة المستضيفة، وذلك بعدما راسل العديد من الاتحادات الأفريقية سعياً لإيجاد البديل، حيث أدار الجميع ظهره للكاف متنصّلين عن تنظيم "كأس إبولا 2015”.

 

ووجد الاتحاد الأفريقي نفسه في موقف حرج بالتشبت بتنظيم البطولة في موعدها المحدّد وفي بلد لا يبعد عن بؤرة تفشي إبولا إلا بالقليل، حيث لا يفصله عنها سوى خليج غينيا.. ويا للعجب!

 

وتعد غينيا الإستوائية من أصغر الدول في القارة السمراء، وسبق لها تنظيم كأس أمم أفريقيا عام 2012 مناصفةً مع الغابون، ولغتها الرسمية هي الإسبانية، كما أنها تُعاني من الفقر الشديد، حيث يصل الدخل اليومي للفرد الواحد دولاراً فقط!

 

وما قد تمتاز به غينيا الإستوائية عن باقي الدول وسط غرب أفريقيا هي الاستقرار الأمني، حيث ينتشر الجيش والشرطة في جميع مناطقها، لكنها تُعاني من قلة البنيات التحتية ووسائل التنقل، كما أنها تمتلك مطارين دوليين فقط.

 

حتى أن خطوط الطيران الأوروبية منعت إجراء رحلات إلى غينيا الإستوائية منذ سنوات باستثناء الخطوط الفرنسية.. والخوف كله من وباء إبولا رغم عدم تسجيل أي حالة إصابة بشكل رسمي حتى اللحظة.

 

قد لا يصح التقليل من شأن غينيا الإستوائية في استضافة الحدث القاري للمرة الثانية في تاريخها، غير أن اتحادها الكروي لم يخرج بعد من ظلمات التسيير العشوائي وانعدام الاحترافية، حيث تسبّب في إقصاء منتخبه من الدور الأول من تصفيات كان 2015.

 

تعود فصول هذا الإقصاء إلى مواجهة في الدور التمهيدي، حيث تفوقت غينيا الإستوائية في مباراتي الذهاب والإياب 3-1، غير أن الاتحاد المحلي للعبة ارتكب خطأً فادحاً بإشراك لاعب غير مؤهل حسب لوائح الفيفا وهو لاعب من جنسية كاميرونية.

 

هذا الخطأ دفع الكاف إلى إقصاء غينيا الإستوائية من التصفيات ومنح بطاقة العبور للمنتخب الموريتاني، والذي تعرض لشتى أنواع الترهيب أثناء مباراة العودة، حيث عانى في البداية قبل الحصول على تأشيرات للاعبيه لدخول الأراضي الغينية، ولولا تدخل الاتحاد الأفريقي لحدثت فضيحة كُبرى في تاريخ القارة السمراء.

 

ودون ذكر تفاصيل فندق الإقامة ووسائل النقل التي تم توفيرها للبعثة الموريتانية والتي لا يمكن وصفها إلا بـ"العار"، شهد يوم المباراة أحداث غير رياضية تستحق الوقوف عندها طويلاً، لمعرفة أي بلد سيستضيف كان 2015 عوض المغرب!

 

إن الحقائق لا يمكن إخفاؤها إلى الأبد والكاف سقط في المحضور مجدداً، إذ أن منتخب المُرابطين عانى الويلات أثناء زيارته لغينيا الإستوائية، حيث عمد المسؤولون للحلول دون بث المباراة على الأقمار الإصطناعية تجنباً لفضح الأحداث التي ستشهدها.

 

فقد تم طرد مدرب حراس منتخب موريتانيا وتم الاعتداء عليه جسدياً من طرف رجال الأمن الحاضرين في الملعب وسط اندهاش بعثة الزوار، كما أن الطاقم التحكيمي الكيني الذي أُسندت إليه إدارة المباراة، تعمد بشكل واضح التأثير على سير أجواء اللقاء لصالح أصحاب الأرض وهذا ليس بجديد عن الكرة الأفريقية!

 

بل وعند انتهاء المباراة، أصدر الاتحاد الموريتاني لكرة القدم بياناً يستنكر فيه بشدة ما حدث، وأكد أن رئيسه السيد يحيى ولد أحمد قد تعرض أيضاً للضرب دون دخوله في أي اشتباك.. ففي أفريقيا فقط “العصا للزوار والنصر لأصحاب الدار”!

 

إذاً، من سيأتي عليه الدور بعد موريتانيا؟ ففي القارة السمراء لا شيء يعلو على قانون الغاب.. والمشكل الآن لا يمكن فقط في إبولا بل في التنظيم والتجهيزات والاحترافية، وكل هذه العوامل لا يمكن التماسها في غينيا الإستوائية.

 

أما من الناحية الجماهيرية، فبات من المؤكد أن كان 2015 ستكون واحدة من أسوأ البطولات في تاريخ أفريقيا بحكم غياب وسائل المواصالات وقلة الرحلات الجوية، بالإضافة إلى عدم اتساع الملاعب لأكثر من 15 ألف متفرج ما عدا الملعب الوطني الواقع في مدينة بيتا والذي يتسع لـ37 متألف فرج.

 

فهل يُعقل أن يُنظم كان 2015 في ملاعب صغيرة جداً ولا تتوفر على أبسط شروط التنظيم؟ فملعب بانتيرز في مالابو يتسع لـ15 ألف متفرج ولا تتوفر فيه أدنى معايير إجراء مباريات من حجم "الكان"، كما تتراوح سعة باقي الملاعب التي ستحتضن البطولة ما بين 5 و6 آلاف متفرج فقط!

 

لكن، الآن سيتأكد المغاربة من شيء واحد دون الرجوع للمسؤولين وانتقاد موقفهم من التأجيل دون تقديم حجج قوية.. وهذا الشيء يعني أن نجاح كأس أفريقيا سيبقى مرهوناً بالتنظيم الهاوي والملاعب التي في حجم صندوق البطاطا، والبث المهترئ للمباريات!!