ملاحظات على هامش مهرجان شنقيط

جمعة, 2015-01-02 20:45

سنة حميدة  تلك التي كرستها وزيرة الثقافة السابقة السيسي بنت الشيخ ولد بيده  وهي سنة الاحتفاء السنوي بالمدن التاريخية عن طريق التناوب التلقائي؛ وهاهي النسخة الجديدة من هذا المهرجان التراثي السنوي علي الأبواب  في مدينة  شنقيط التاريخية التي تسمت بها هذه البلاد يوما قبل أن تتغير الأسماء.

لكن تجدد الموعد لهذه الاحتفالية  يثير الجدل بين النخبة الثقافية  والمهتمين بالتراث حول الجدوائية التراثية لهذه المهرجانات مع الطابع الكرنفالي الذي صممت به والحرب الشرسة في السر والعلن حول العوائد المادية للرؤوس الكبيرة المعنية بالتنظيم والإشراف بعيدا عن الأهداف الاستراتجية والتنموية والثقافية الكبري التي تم رسمها مع انطلاقة النسخة الأولي.

إن المحافظة علي التراث المشترك للشعوب يتطلب ذاكرة حضارية حاضنة وجامعة تفتش في الماضي وتستعين بالحاضر وتهيئ للمستقبل وكل هذه الأمور تظل بعيدة المنال في ظل  البرو باغند الإعلامية والصخب المهول الذي يصاحب الانطلاقة السنوية لهذا الموعد التراثي وذالك لذر رماد في العيون ولتجنب الجوهر التراثي الذي من أجله أصلا تم إنشاء هذه المدن والعناية بها.

 وإطلالة من وحي التاريخ _للتذكير فقط _فإن  برمجة العناية بالمدن التاريخية تمت بعد نداء أطلقه من مدينة شنقيط المدير العام لمنظمة اليونسكو  مختار امبو سنة 1981.

بعدها قامت بعثة من اليونسكو  سنة 1992بزيارة لهذه المدن طالبت علي إثرها بإنشاء مؤسسة  وطنية تعني بالمخزون الحضاري والإرث التراثي لهذه المدن وهو ماوافقت عليها الحكومة الموريتانية بعد ذالك بإصدار مقرر من وزير الثقافة يدعو لتسجيل هذه المدن وحفظ تراثها والاهتمام بالجوانب التنموية لساكنتها ومتطلبات استقرارها.

وفي يوم 5 دجمبر 1996 في مدينة مريدا بالمكسيك تم تسجيل المدن التاريخية الموريتانية في التراث الإنساني لليونسكو وذالك بحضور أول مديرعام للمؤسسة الوطنية لحماية المدن التاريخية حينها.

فهل تم يوما استعراض هذه المسيرة التاريخية ولو علي سبيل الاستطراد المنهجي خلال النسخ المتتالية لمهرجان المدن القديمة.

وهل إحياء التراث أو العناية به تعني غير الإنسان وأسلوب الحياة والممارسة وهو ما يستوجب الشراكة مع الناس فيما يراد لهم ومايعاد إنتاجه بواسطتهم

هل تمت مراجعة النسخ السابقة للاستفادة من الدروس المستقاة منها وتقويمها وتقييمها وتقديم البدائل والاقتراحات المفيدة لتقديم الأحسن والأجود والمفيد لهذه المدن وساكنتها

هل تمت الاستعانة بالخبراء الميدانيين في مجال التراث والمهتمين به ممن كانوا شهودا علي الولادة العسيرة لهذه المدن

 من المستفيد من تنظيم هذه النسخ المتتالية من المهرجان سوي حفنة المستشارين والملحقين والدائرة الضيقة واللصيقة بالوزيرة وأعوانها من المسئولين عن تنظيم التظاهرة علي مستوي المدن القديمة

ما هي مساهمات المؤسسات المعنية بالثقافة والتراث علي مستوي الثقافة أم يكفيها الحضور الرمزي والمشاركة باستهلاك ميزانيات ضخمة كي تكون شهود زور علي هذه الكرنفالية المقتية.

إننا ندعو بشكل جدي إلي توقيف هذا العبث التراثي ومراجعة هذا النشاط الثقافي والتراثي السنوي بشكل شفاف وتقويم مسيرته وإيداعه ليد أمينة تنتشل مدننا التاريخية وتعيد لها ألقها الحضاري و إشعاعها الثقافي الذي أخمدت جذوته أيادي العابثين.