الاختطافات في افريقيا ..... ظاهرة مقلقة وتجارة مربحة

ثلاثاء, 2015-01-27 13:28

افريقيا  في طريقها للحصول على لقب “قارة الاختطافات” وانتزاعه من قارة آسيا .. مختطفون وشركات متخصّصة في التفاوض مع المختطفين، وتفاصيل أخرى لافتة تحكم عالم جريمة تحوّل إلى تجارة مزدهرة ومربحة للغاية، وفقا لدراسة صادرة عن مركز متخصّص في تقييم مخاطر الاختطاف. ظاهرة أضحت تدقّ ناقوس الخطر وتهدّد بتفاقمها في صورة عدم التصدّي لها بطرق جذرية، وفقا للدراسة التي صدرت الشهر الجاري وتضمنت تقييما للظاهرة في العام الماضي.
لم تكن مهمة رجل الدين المسيحي في إفريقيا الوسطى “كوبين لامايا” التي استمرّت على مدى يومين، يسيرة بالمرّة، حيث كان عليه التفاوض من أجل الإفراج عن رهينتين، هما قس من إفريقيا الوسطى وناشطة إنسانية فرنسية، مع العناصر “الخارجة عن السيطرة” لميليشيات “أنتي بالاكا” المسيحية. “لامايا” أكّد أنّ “الوضع كان معقّدا للغاية وعلى قدر من الحساسية، لذلك لم نذكر شيئا عن المفاوضات، فالصمت هو أيضا جزء من استراتيجية التفاوض، وما يريحنا اليوم هو الإفراج عن الرهائن” الذي تم بالفعل الأسبوع الماضي.
غير أنّه، وعقب يوم واحد من إطلاق سراح الرهينتين، تم اختطاف أحد الوزراء في حكومة إفريقيا الوسطى، لتترجم توسّع ظاهرة الاختطافات، والتي أضحت بدورها تمهّد وتؤسّس لتجارة مزدهرة، من شمالي كيفو في جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى شمالي مالي، مرورا بنيجيريا ومنطقة أقصى الشمال الكاميروني. ووفقا للتقريرالصادر عن “مكتب “إدارة المخاطر”، المتخصّص في إدارة وتقييم المخاطر بما فيها عمليات الاختطاف، ومقره لندن، فقد “انتقلت عمليات الاختطاف من آسيا إلى إفريقيا”.
وحسب التقرير، فقد تضاعف عدد الأشخاص المختطفين في إفريقيا ثلاث مرات، بين عامي 2004 و2014. وتقع نيجيريا على رأس قائمة الدول الأكثر خطرا تليها في ذلك مالي والنيجر وكينيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. أمّا اختطاف الـ 237 تلميذة في شهر أبريل/ نيسان 2014 من قبل مقاتلين مسلحين من جماعة “بوكو حرام” في نيجيريا، فتعدّ من أبرز عمليات الاختطاف التي شهدتها القارة الافريقية على مدى عقود.
وذكر الخبير لدى الفرع الإفريقي لشركة “آون”، وهي شركة دولية متخصصة في مجال التأمين على الاختطاف وطلب الفدية، “داني اتريدج” في مذكرة له على موقع الشركة الرسمي على الأنترنيت، أن “الأحداث الأخيرة في نيجيريا (…) تلفت الانتباه إلى العلاقة بين عمليات الاختطاف وتمويل الإرهاب، في حين انخفضت عمليات الاختطاف ذات العلاقة بالقرصنة في الصومال لتتفشّى، في المقابل، في غرب إفريقيا”.
ووفقا لدراسة أجرتها شركة “هيسكوكس″ الدولية الرائدة في مجال التأمين على الاختطاف وطلب الفدية، فإنّ الصينيين هم المستهدفون الأوائل من قبل الخاطفين، يليهم الفرنسيون والألمان. ففي مايو/ أيار الماضي، اختطف 10 مدنيين صينيين، عقب هجوم استهدف أقصى شمال الكاميرون من قبل عناصر يشتبه في انتمائهم لمجموعة “بوكو حرام”، قبل أن يتم تحريرهم في شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه.
ونظرا لطبيعة عمليات التفاوض بين المختطفين وأطراف الوساطة أو عائلات الضحايا، فإنّه  لا توجد إحصاءات موثوقة عن عمليات احتجاز الرهائن وكيفية دفع الفديات. وحسب شركة الاستخبارات الخاصة “ستراتفور”، يتم دفع حوالي 100 مليون دولار لجماعات مثل “تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي” في مالي و”بوكو حرام” في نيجيريا و”الشباب” في كينيا. هو ما يسمح لهم أساسا بشراء الأسلحة.
غير أنّ الخاطفين لا يستفيدون لوحدهم من هذه الظاهرة، بل إنّ مكاتب الاستشارات مثل “إدارة المخاطر” أو “كونترول ريسك”، تقدم مجموعة من الخدمات لتقييم المخاطر المتعلّقة بعمليات الاختطاف وكذلك خدمات للتفاوض مع الخاطفين.  كما توفّر بعض شركات التأمين الأخرى عقود تأمين على الاختطاف وطلب الفدية بالنسبة للأجانب الذين يعيشون في مناطق معرضة للخطر، إضافة إلى خدمات أخرى تتراوح بين الحماية والتفاوض. ووفقا لـ”هيسكوكس″، فإنّه يتم دفع 310 مليون دولار سنويا بموجب هذا النوع من التأمين.
وبالنسبة للدول الإفريقية كما في بقية العالم، فإنّ القضية الرئيسية تتمثّل في الخضوع أو عدم الخضوع لمطالب الخاطفين. ففي شهر يناير/ كانون الثاني 2014، طلب مجلس الأمن الدولي من الدول الأعضاء الامتناع عن دفع أيّ فدية لإطلاق سراح الرهائن بموجب القرار 2133، الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع في وقت لاحق من الشهر نفسه.
رغم ذلك، أعلن وزير العدل المالي “محمد علي باتيلي”، في ديسمبر/ كانون الأول 2014، الإفراج عن أربعة سجناء مقابل تحرير المواطن الفرنسي “سيرج لازارفيك”، والذي أطلق سراحه بعد 3 سنوات في الأسر في أيدي “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” المتمركز شمالي البلاد. 

القدس العربي 

فتحي الجبالي