روبرت فورد: أمريكا تخسر الحرب في سوريا بعجزها عن تقليص قبضة “الدولة الاسلامية”

اثنين, 2015-03-23 21:42

واشنطن ـ محمد ماضي:

رغم مرور أكثر من شهر على طلب الرئيس أوباما تفويضا من الكونجرس باستخدام القوة العسكرية الأمريكية ضد تنظيم داعش، لم ينجح حتى في حشد تأييد أعضاء حزبه الديمقراطي للموافقة على ذلك التفويض لأنهم يخشون من أن يسفر منح تفويض مفتوح إلى توريط الولايات المتحدة في حرب جديدة في الشرق الأوسط، مع أن أوباما يعتمد على تدريب عدة آلاف من المقاتلين المنتمين للمعارضة السورية المعتدلة ليكونوا جنود المشاة ضد مقاتلي التنظيم الإرهابي على أن تساندهم الولايات المتحدة بضربات جوية.

 تصريحات السفير روبرت فورد جاءت في مقابلة مع  swissinfo.ch في واشنطن وفيما يلي النص:

ـ إدارة أوباما اعتمدت نفس التكتيك في تحرير تل العرب (كوباني) السورية بالإعتماد على قوات البشمركة الكردية على الأرض والهجمات الجوية الأمريكية.. ولكن هل يمكن أن تفوز الولايات المتحدة بهذه الإستراتيجية وتقتلع مقاتلي تنظيم داعش من الأراضي السورية؟

ـ هذه الإستراتيجية لن يُكتب لها النجاح، فعلى الرغم من تواصل الضربات الجوية لدول التحالف ضد أهداف ما يسمي بالدولة الإسلامية فإنها لا تزال تحتفظ بعمق استراتيجي لها في سوريا يُساند وجودها على مساحة شاسعة من الأراضي العراقية، وعلى الجانب الآخر عجزت إدارة أوباما عن طرح آلية مقبولة لتحقيق تسوية سياسية عن طريق الحوار في سوريا فيما ركز نظام الأسد هجماته على مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة الذين يقاتلون داعش في شمال وشرق البلاد بدلا من أن يحاول الخلاص من نفوذ داعش المتنامي على الأراضي السورية ولذك أرى أن الولايات المتحدة تخسر الحرب في سوريا بعجزها عن تقليص قبضة داعش وفشلها في توفير تسوية سياسية للأزمة الكبري في سوريا.

 

ـ  وكيف يمكن للولايات المتحدة تصحيح الوضع؟ وما هي التغييرات الواجب تبنيها لتغيير الإستراتيجية التي تراها فاشلة؟

ـ  يجب أن تقرر إدارة أوباما ما إذا كانت تريد اقتلاع تنظيم داعش من سوريا أم مجرد احتواء التنظيم في العراق فإذا قررت أن هدفها الإستراتيجي هو إزالة داعش من سوريا فعليها أن تستعد لتقديم مساعدات ضخمة لمقاتلي المعارضة السورية المعتدلة وتوسيع نطاق الهجمات الجوية الأمريكية داخل سوريا وإقامة منطقة حظر للطيران في شرقي سوريا لتوفير الحماية للمقاتلين السوريين في نضالهم ضد تنظيم داعش والحيلولة دون استهدافهم بهجمات نظام الأسد والتفاوض مع المعارضة السورية والحلفاء في دول الجوار حول شكل الصفقة السياسية التي يمكن أن تكون مقبولة لكل الأطراف لتسوية الأزمة السورية.

 

ـ باستثناء فكرة إنشاء منطقة حظر للطيران التي رفضتها إدارة أوباما، ما الجديد الذي يُمكن أن يطرأ على أسلوب مساعدة الولايات المتحدة لمقاتلي المعارضة السورية المعتدلة التي تعاني من الإنقسام وتتلاعب بها القوي الإقليمية؟

ـ  مجرد زيادة المساعدات بشكل ضخم لن يكفي. فالمطلوب تشكيل قيادة موحدة لقوات المعارضة السورية غير الجهادية تكون مهمتها تلقي المساعدات الخارجية وتسليح مقاتليها وتدريبهم وبحيث يتم استبعاد أي مجموعات قتالية من المعارضة لا تنفذ أوامر تلك القيادة، وأن تقطع المعارضة السورية كل علاقاتها مع جبهة النصرة، وأن تعمل المعارضة السورية المعتدلة على إزالة مخاوف الأقليات العلوية والمسيحية وغيرها وتوفير الحماية لها لتتخلى عن مساندة نظام الأسد. وأن تقبل القيادة الموحدة التفاوض من أجل التوافق على تسوية سياسية لإنهاء الصراع بدون فرض شرط مُسبق بضرورة تنحي الأسد وأن تضم قيادة المعارضة ممثلين عن كافة الأقليات السورية ورجال الأعمال بحيث يمكن ممارسة أقصى درجات الضغط على الأسد وتسهيل التوصل لحل سياسي.

 

ـ  ولكن الولايات المتحدة هي التي أصرت على ضرورة تنحي الأسد وأخفقت في إطلاق مبادرة لتشكيل حكومة وحدة وطنية كخطوة أولي على طريق التوصل لتسوية سياسية؟

ـ  الولايات المتحدة ترى أنه من الأفضل أن يتنحى الأسد باعتباره فاقدا للشرعية ولكن أي مفاوضات لن يُكتب لها النجاح بدون أن يشارك فيها ممثلون عن طرفي القتال لأنه في نهاية المطاف فإن من يحملون السلاح هم الذين يتعيّن موافقتهم على وقف إطلاق النار، وبالتالي يلزم أن تجمع المفاوضات بين ممثلين عن نظام الأسد وممثلين عن المعارضة السورية.

 

ـ وماذا عن مقاتلي داعش الذين يحملون السلاح ويسيطرون على مساحة كبيرة من سوريا؟ هل سيكفي تدريب خمسة آلاف مقاتل من المعارضة السورية المعتدلة كل عام لاجتثاثهم من الأراضي السورية؟

ـ تدريب خمسة آلاف كل عام بالتأكيد لا يكفي نظرا لأن المساحة التي تسيطر عليها قوات داعش في سوريا تصل إلى مساحة دولة مثل بلجيكا ولذلك فإنه حتى تدريب عشرة آلاف مقاتل سوري لن يكون كافيا إلا بمساندة جوية مكثفة ومضاعفة أعداد المقاتلين المدربين إلى عشرات الالآف ولكن إدارة أوباما لم تقرر ذلك حتى الآن.

 

ـ وهل يمكن أن يؤدي نجاح الرئيس أوباما في الحصول على موافقة الكونغرس على التفويض له باستخدام القوة المسلحة ضد تنظيم داعش إلى إرسال قوات أمريكية إلى سوريا؟

ـ  لا أعتقد ذلك لأن غالبية الشعب الأمريكي تعارض بقوة إرسال إي جنود أمريكيين إلى سوريا أو العراق وكل ما لدى الولايات المتحدة حاليا هو حوالي 2500 جندي أمريكي في العراق يقدمون خدمات التدريب والاستشارات العسكرية وليس المشاركة في عمليات قتالية لأن الأمريكيين يخشون بشكل عام من التورط في حرب جديدة في الشرق الأوسط.

 

ـ إذا قد يكون الحل تشكيل قوة عربية مشتركة كتلك التى دعا إلى تشكيلها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؟

ـ سيكون من الصعب جدا تشكيل مثل تلك القوة لأننا لم نشهد لسنوات طويلة استعدادا عربيا لتشكيل قوةعربية مشتركة، بالإضافة إلى أن كل دولة من دول الجوار العربية لها أجندتها الخاصة فيما يتعلق بكل من سوريا والعراق.

 

ـ وهل وجدت لدى إدارة الرئيس أوباما استعدادا لمراجعة استراتيجيتها في التعامل مع الأزمة السورية وتصحيح الأخطاء التي وقعت فيها؟

ـ  ما تركز عليه إدارة أوباما الآن كأولوية هو مواجهة سيطرة تنظيم داعش على مساحة كبيرة من العراق بما في ذلك الموصل ثاني أكبر المدن العراقية لذلك ليس هناك استعداد حاليا لتغيير إدارة أوباما موقفها من التعامل مع الأزمة السورية. وما لم تقرر واشنطن تقديم مساعدات ضخمة لقيادة موحدة للمعارضة السورية وتوسع مساندتها الجوية فمن الأفضل لها أن تتخلي عن هدف تقليص تنظيم داعش في سوريا.

رأي اليوم

 

  •