-- مستنقع الوحل / داهى ولد محمد لكويرى

خميس, 2015-05-07 18:05

يولد التقاء حركات التمرد في مالى و شمال افريقيا, وتزايد الخوف الاقليمي و الدولي من انتشار الأسلحة وتهريب السلع غير المشروعة عبر الحدود الوطنية ,فضلا عن النشاط الارهابي بقيادة تنظيم القاعدة في بلاد الغرب الأسلامى اهتماما شديدا 

تبرز منطقة عبر الصحراء وعلى غرار معظم جيرانها تعاني موريتانيا من الفقر و التوترات العرقية و السياسية و الحوكمة الفاسدة و يتجلى الارتباط الواضح بين عدم الاستقرار وضعف المؤسسات و التغلغل المحدود للدولة في المجتمع .واقع الدولة يشير الى عدم الاستقرار المؤسسي و الحرمان الأقتصادى وضعف الثقة الاجتماعية باعتبارها عوامل الخطر الرئيسية و التي تسهم في زعزعة الأمن و الاستقرار .و نظرا الى موقع الدولة الأستراتيجى بين المغرب العربي و افريقيا جنوب الصحراء الكبرى ,فمشاكل عدم الاستقرار المتفشية و المتعددة الأوجه التي تواجهها الدولة أصبح من الطبيعى أن تكون موريتانيا موضع تركيز وكالات التنمية الدولية و برامج الإتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب ,وتشدد المنظمات الدولية الغير حكومية العاملة غي موريتانيا على أنه لايمكن أن تكون هنالك تنمية اقتصادية من دون أمن و استقرار , فبالنسبة الى مسؤولى الدفاع و المخططين الإستراتيجيين العسكريين جليا لهم أن موريتانيا تجسد المخاطر التي تشكلها الدول التي تتمتع بقدرات ضعيفة على الأمن الأقليمى و تلك حالة تبين كيف تتقاطع عوامل عدم الاستقرار الداخلي مع التأثيرات الخارجية و يتعزز ذلك في سياق عملية تعرض البلد الى زعزعة الاستقرار بالإضافة الى افقار شعوبها,وعادة ما تكون الحكومات الضعيفة فاسدة و يسهل اختراقها من قبل جماعات الجريمة المنظمة مما يؤدي الى تقويض جهودها في بناء هياكل عملية لحكومتها فتخلق فجوة كحلقة مفرغة في قدرة الدولة الضعيفة أصلا. وتعتبر المناطق الغير خاضعة للسلطة و تلك التي يتعذر ضبطها و التي تعاني من سوء الإدارة أرضا خصبة لجماعات الجريمة المنظمة و الإرهاب ,ويكون الرابط بين الدولة والجريمة المنظمة و الإرهاب أيضا الجيران الذين يشاركون في الصراع العنيف حيث تزدهر الجريمة المنظمة و المجتمعات المختلة وظيفيا و انفجار النمو السكاني على الحدود جميع هذه العوامل تطرح مشكلة بالنسبة الى موريتانيا ,
تصبح مكافحة الجريمة المنظمة مسعى غير مجد طالما أنه لا تتم معالجة عواملها المساعدة و الرئيسة أي ( الفساد) ولن يكتب النجاح لوقف تيار تطرف الشباب و الساخطين أيضا ما لم يتم التصدي لمصادرة خيبة الأمل و الإحباط لديهم. وحيثما زادت الهوة بين توقعات الشباب و قدرة أو رغبة الدولة بالوفاء بوعودها كلما أزداد خطر أن يتطلع الشباب الغاضبون أصلا الى الجهات الأخرى للحصول على متطلباتهم الأساسية .
التحليل هنا يدعم الافتراض القائل ان مخاطر الصراع الأجتماعى وعدم الاستقرار تزداد حيث تكون الدولة و مؤسساتها الاجتماعية الغير راغبة أو غير قادرة على تلبية الاحتياجات الأساسية لمواطنيها.لذلك فان تعزيز قدرة الدولة على المواكبة هو بيت القصيد و حجر الزاوية , لتحسين الظروف الاقتصادية و الاجتماعية لمواطنيها ورفع جسر الثقة بين الشعب و المؤسسات الوطنية ,ولكي تبتعد موريتانيا عن حالة الضعف التي تعاني منها تحتاج موريتانيا الى دعم مبادرات مكافحة الفساد وتمكينها من أجل أداء وظائف (التدقيق والمراجعة) وإضفاء طابع الاستقلالية عليها ومنحها ميزانيات أكبر لتسيير مهامها ووضع ضوابط فعالة للحماية من الاحتيال و مصادرة الأراضى وسوء المعاملة من قبل حكام المقاطعات و الوكالات الاقليمية التي تقدم خدمات وبرامج للمناطق الريفية, وكما يمثل سوء ادارة تمليك الاراضي في المناطق الحضرية مشكلة رئيسية ومصدرا للصراع المجتمعى,وثمة حاجة ملحة الى تعزيز المشاركة السياسية و الحقوق الثقافية وبذل جهود لسياسة مماثلة لزيادة تمثيل (الزنوج و الحراطين) في مؤسسات الدولة والتحسين من حالتهم الاقتصادية وقد وضعت الحكومة برامج لمعالجة التهميش الذي يتعرضون له لأكن الموارد التي كانت مخصصة ضعيفة و الآليات غير فعالة,هذه الخطوات ضرورية لردم الهوة الثقافية و العرقية و التحرك نحو مجتمع أكثر شمولا و مساواة وكذلك دعم الجهود الخجولة التي تبذلها الحكومة لمعالجة فجوة التعليم في البلاد. فقصور المخصصات المالية و النقص في فرص الحصول على التعليم الجيد والممتاز يؤثر بشكل غير متناسب على المواطنين الفقراء و المهمشين بالفعل ,قد يؤدي ذلك الى اذكاء مشاعر الغضب لديهم على النظام القائم , خصوصا عندما يقترن انخفاض مستوى التعليم بالدوافع الأخرى للتطرف ,فانه يمكن أن يصبح عاملا هاما في تطرف الشباب ,وثمة أدلة تجريبية كافية على أن توفير التعليم العادل و الممتاز يقلل من مخاطر الشروخ و الصراع المجتمعى,فيجب تعزيز الإصلاحات في قطاع التعليم وإضفاء الطابع المهني على الأجهزة الإدارية و الأمنية و تعزيز العدالة الاجتماعية و تحسين مستوى المؤسسة القضائية و استقلاليتها ,ويتطلب مثل هذا التغيير ارادة قوية لقيادة وطنية مسئولة وناضجة تسهر على محاربة الفساد وتحسين الإدارة و ضبط النفقات العامة و ترشيد الموارد بناء على معايير دقيقة وتسلسل في الاجراآت الأكثر وضوحا وشفافية وتعميق الديمقراطية وتعزيز قواعد المشتريات و تلك التي تتحكم في صراعات المصالح ,قد تكون الرهانات كبيرة نظرا لتغلغل مجموعة قوية من العوامل التي تعارض وتقاوم لتقويض أي اصلاحات جوهرية .

بقلم : داهي ولد لكويري