متى ينطلق الحوار؟

خميس, 2015-05-07 21:20

ينتظر الشارع  الوطني بفارغ الصبر جلوس الأطراف السياسية في البلد علي طاولة الحوار،في لقائه مع الصحافة مساء أول أمس  علق الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ساخرا بشكل ضمني من ممهدات الحوار التي تقدمت بها  المنتدي الوطني للديمقراطية والوحدة،مؤكدا"على قبول جميع الشروط في البداية، لكنه في النهاية لن يتم تمرير إلا ما يصلح مستقبل البلاد وفق تعبيره.

وأورد أمثلة مما يشاع عن مطالب بعض الأطراف في الحوار المقبل، قائلا إنها غير ممكنة كاشتراط حل كتيبة الأمن الرئاسي وتعيين أحد ما لقيادة الدولة.

فيما أوضح المنتدى الوطني للديمقراطية و الوحدة المعارض  في مؤتمر صحفي عقده زوال اليوم"  أنه  لم يطالب بحل كتيبة الأمن الرئاسي، و إنما طالب بدمجها كوحدة تابعة لأركان الجيش الموريتاني في إطار هيكلة تضمن عدم تدخل العسكر في أمور السلطة..".

و قال المنتدي "إن التاريخ حافل بتدخل الحرس الرئاسي في الانقلابات و موريتانيا مثال على ذلك و لدينا مثالان آخران الأول في اليمن حيث أنشا علي عبد الله صالح حرسه الرئاسي المؤلف من 21 وحدة عسكرية فيما يعادل نصف الجيش و بعد سقوطه تحولت هذه الكتيبة إلى التبعية له و أصبحت وقودا للحرب الأهلية التي يعيشها اليمن الشقيق أما المثال الثاني فهو بوركينافاسو..".

بالمقابل تقدمت الحكومة الموريتانية قبل عدة أسابيع بوثيقة لأحزاب المعارضة من أجل عرض وجهة نظرها حول موضوع الحوار السياسي لتجاوز الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ عدة سنوات.

وقد تضمنت الوثيقة التي تقدمت بها الحكومة كأرضية للنقاش 15 نقطة من أهمها: بناء الثقة بين السلطة والمعارضة، وتنظيم انتخابات برلمانية وبلدية توافقية، ومنع تدخل الجيش في الأنشطة السياسية، ومواضيع محاربة الفساد، والشفافية في تسيير المال العام.

وأجري مولاي ولد محمد الأغظف الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية في موريتانيا- منذ عودته إلي مهامه الرسمية  من جديد- اتصالات مباشرة مع عدد من رؤساء الأحزاب السياسية المعارضة، وذلك في إطار مساع تبذلها الحكومة لتنظيم "حوار وطني شامل"، ينهي 7 سنوات من القطيعة السياسية بين النظام الموريتاني والمعارضة الراديكالية أو التقليدية.

وجرت تلك الاتصالات بين قيادات الحكومة الموريتانية والمعارضة في سرية تامة، ووصفت بأنها "لقاءات تمهيدية" من شأنها أن تساهم في إحداث تقارب في وجهات النظر بين الطرفين، وتحديد المحاور التي سيتناولها الحوار، خاصة في ظل إصرار الحكومة على تنظيم هذا الحوار خلال العام الحالي.

كما جرت خلال السنوات الأخيرة عدة محاولات لإطلاق حوار سياسي بين النظام والمعارضة "التقليدية"، باءت بالفشل أو لم يكتب لها النجاح، وتوقفت عند الجلسات التمهيدية بسبب ما يقول مراقبون إنها "أزمة ثقة حادة" بين النظام وأجزاء  من المعارضة،فالمعاهدة سبق أن دخلت في حوار مع النظام في العام 2011 .

فيما اقترح الرئيس الدوري لكتلة "المعاهدة"مسعود ولد بلخير، في وثيقة أصدرها يناير الماضي، أن يمر الحوار المرتقب بأربع مراحل، تبدأ بإعادة بناء الثقة بين النظام والمعارضة، وذلك من خلال لقاءات مباشرة بين الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، وعدد من قيادات المعارضة، ومن أبرزهم الرئيس الدوري لمنتدى المعارضة أحمد ولد داداه.

وقال ولد بلخير في وثيقته إنه لبناء الثقة بين الطرفين، لا بد أن "تلتزم المعارضة بعدم انتهاج أساليب غير سلمية للوصول إلى الحكم، مقابل تعهد ولد عبد العزيز بعدم المساس بعدد الولايتين الرئاسيتين المحددة في الدستور، وأن يتعهد رئيس الجمهورية بالامتناع عن الترشح لمأمورية ثالثة، وألا يحاول فرض من سيخلفه في الرئاسة".

بيد أن منتدي  المعارضة تحفظ على بعض نقاط مسودة الحوار المقدمة من طرف الحكومة، خاصة النقطة المتعلقة بتعديل السن القانوني للترشح باعتبار ذلك يمس بالدستور الموريتاني، الذي يجب أن يتم الإبقاء عليه بحاله، حسب بيان أصدره المنتدى قبل أشهر.

وكانت أطياف واسعة من المعارضة الموريتانية  قد قاطعت الانتخابات الرئاسية التي جرت في يونيو المنصرم، احتجاجا على رفض السلطات الاستجابة لبعض الشروط المتعلقة بالإشراف السياسي عليها، وحياد الجيش والأجهزة الأمنية، وإعادة النظر في مهام وعمل الوكالة المسؤولة عن الوثائق المدنية، والمجلس الدستوري الذي يعد الحكم في قضايا الانتخابات.

وقد سبق أن قاطعت منسقية المعارضة(منتدي المعارضة) الحوار المنظم عام 2011، ونظمت مظاهرات شعبية عام 2012، طالبت خلالها برحيل نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز.

وقال مراقبون للشأن "إن الهدف الأساسي من  حوار نظام هو تفرقة وشرذمة المعارضة الموريتانية ،ليرميها كما رمي المعاهدة من قبلها  متبعا سياسة فرقة تسد"،مضيفا"أن حوار الرئيس الموريتاني  محمد ولد عبد العزيز مضيعة للوقت ، وأنه ليس رجل حوارات ،فقاقد شئ لا يعطيه، فهو منقلب على الشرعية".

وقال آخرون "إن نتائج الحوار لن تحمل في طياتها تغييرات جوهرية تتعلق بتطوير المكتسبات الديمقراطية للبلاد، مشيرين" إلى أن مآرب النظام من الحوار قد تكون فقط لتسكين حالة الاضطراب السياسي والاجتماعي التي تعيشها البلاد منذ فترة"،مستبعدين "أن يقدم النظام تنازلات كبيرة للمعارضة الموريتانية "كالسماح لها بالمشاركة في حكومة وطنية لإدارة البلاد وضمان حياد المؤسسة العسكرية من الحياة السياسية"، معتبرين" أن تنازلات النظام ستقتصر على الجزء البسيط من مطالب المعارضة" حسب قولهم.

و يرى آخرون  "أن النظام مقبل على إرساء تحولات سياسية واجتماعية كبيرة من خلال الحوار المنتظر،و أن جدية النظام في الحوار السياسي تتضح من خلال قبوله لنقاش كافة القضايا العالقة دون "شروط مسبقة"، حسب قولهم.

مهما يكن من أمر فإن الرأي العام الوطني ينتظر جلوس الأطراف السياسية على طاولة الحوار،فمتى ينطلق الحوار؟

بقلم: عبد الرزاق سيدي محمد