حي لمغيطي، نواكشوط : حين يصبح الماء أغلى السلع..

أربعاء, 2015-06-03 12:37

رحلة البحث عن الماء الصالح للشرب هي هاجس ساكنة لمغيطي عموما فبعد نهاية كل يوم يبدأ يوم آخر بالمسيرة ذاتها ،حيث يعتبر الحصول على الماء الصالح للشرب أبرز التحديات اليومية لأهل حي الصفيح الوقع جنوب بلدية دار النعيم عاصمة ولاية نواكشوط الغربية،

التي تعد أفقر مناطق نواكشوط اذ تضم تسعة من أحياء الصفيح تشكل ساكنتها نسبة 40 % من مجموع سكان البلدية البالغ عددهم 142.42 ألف نسمة بحسب احصائيات مقدمة من طرف محمد الامين بويا العمدة المساعد لبلدية دار النعيم يعيش حوالي ثمانية آلاف منها في حي لمغيطي وحده معظمهم من الوافدين من الداخل الموريتاني بفعل تتالى موجات الجفاف التي ارغمت سكان القرى على النزوح باتجاه المدينة. انعدام الطرق المعبدة يصعب عبور عربات الماء الى أطراف الحي ويرفع سعر البرميل تعاني المواطنة ( بتة) لكونها تعيش في أطراف الحي من صعوبة وصول الماء لها بسبب وعورة الطريق المؤدي اليها ،وهو مايدفع الموزعين الى الحرص على تفريغ حاوياتهم في نقاط أقرب من نقطة التعبئة وبالتالي تشتكي هي من ندرة الماء و رفع سعره من طرف اصحاب عربات الحمير الموزعين الأساسيين للماء في الحي.

على الطرف الآخر من الحي تبدأ يوميات موسى شاقة في رحلته لاستجلاب الماء الذي يعمل كمورد له حيث يشتريه من الحنفيات الخاصة بالتجار، ويزعه داخل الحي بسعر يصل الى العشرة أضعاف بمجرد نقله على مسافة تمتد الى أكثر من كيلومتر في طرق رملية صعبة ويرى موسى ان صعوبة الطريق هي السبب في رفع الاسعار اذ تتدرج حسب المسافة التي يقطعها بعربته من ستة اضعاف في النقطة الأقرب للحنفية الى عشرة وربما الى عشرين في النقطة الاقصى بحسب اختلاف الفترات الزمنية من الصيف الى الشتاء ومن ندرة المياه الى توفرها أي ان المواطن العادي في أقصى نقطة من الحي يشتري برميل الماء في الظروف العادية ب 500 وقية أي أكثر من واحد يورو.

 

أصحاب الحنفيات يحملون أصحاب العربات مسؤولية رفع الأسعار

 

محمود علي تاجر ماء يملك حنفية مرخصة من طرف السلطات المحلية يبيع برميل الماء ب خمسين أوقية اي حدود 12 سنت كسعر ثابت فرضته السلطات عليه مقابل بيع شركة المياه له بسعر منخفض 91 أوقية للطن.

ويرى محمود انهم خاسرون في العملية بفعل هدر الماء من طرف المشترين الاضرار التي تلحق بهم غالبا حيب قوله حيث تتلوث مياههم أحيانا بفعل تسرب أسمدة المزارع القريبة منهم عبر أنابيبهم ويلجؤون في هذه الحالة لافراغ حاوياتهم في الارض دون أن يكون هناك تعويض لهم عن الضرر أو تسامح معهم من طرف الشركة المسؤولة عن حماية الأنابيب.

وفي هذا الصدد يرى المستشار المكلف بالتعاون في شركة المياه محمد ولد اسويدات ان الشركة تحرص على جودة مياهها وان حالة اختلاط أنابيب الماء بالصرف الصحي تتنتج غالبا عن محاولات لسرقة الماء وتتدخل الشركة حسب تعبيره حال إشعارها وتعالج الوضع.

 

البلدية تحمل شركة المياه مسؤولية توقف تزويد الحي بالماء والشركة تنفي ذلك وتؤكد التزام زبنائها بأسعار محددة

 

بالمقابل على مساحة غير بعيدة تسكن زينب بنت الحسن القادمة من مدينة كيفة شرق البلاد، تشكو زينب من ارتفاع سعر الماء في الحي وتناشد المسؤولين لتوفير الماء تقول زينب: (إنه منذ خمسة أشهر لم تعبأ الحاويات القريبة من مكان سكنها التابعة للبلدية وإنهم لم يجدوا ماء ولا يعرفون أسباب توقف البلدية عن بيع الماء لهم).

عمدة البلدية كناتة ولد نقرا يحمل شركة المياه مسؤولية التوقف عن تزويد الحي بالماء، ويقول إنها بررت ذلك بتعطل شاحنات نقل الماء التابعة لها.وأوقفت اتفاقية كانت سارية بينها والبلدية تقضي ببيع الماء للبلدية بسعر اجتماعي .

بدوره المدير التجاري لشركة المياه محمد الراظي ولد بناهي قال "إن الاتفاقية مع البلدية سارية ،وإن الشركة لم توقف الماء ان البلدية لم ترسل لهم منذ أشهر تطلب مياها للحي، ويضيف ولد بناهي ان الشركة تفرض سعرا مخفضا للبيع للمواطنين من طرف التجار الذين تبيع لهم ،ويؤكد المدير التجاري للشركة ان اي شكاية تصلهم من موزع رفع سعر المياه يترتب عليها قطع الماء عنه نهائيا".

 

المجتمع المدني يرى أن تداخل الصلاحيات جعل الجميع يتملص من مسؤوليته حيال الوضع ويعتبر الدولة غائبة

 

من جانبها جمعية حماية المستهلك تعتبر ان وضع توزيع المياه في حي لمغيطي وغيره من الاحياء العشوائية وضع مأساوي من حيث جودة المياه وتسعرتها المرتفعة، وتحمل الجمعية المسؤولية لغياب الرقابة الناتج في رأيها عن تداخل الصلاحيات الرقابية بين كل من وزارة التجارة ووزارة المياه ووزارة الصحة، وبحسب الخليل ولد خيري الأمين العام للجمعية فان تداخل صلاحيات القطاعات والغياب شبه التام للدولة في تلك المناطق وهو السبب وراء ضياع حق المواطن في الولوج للماء كضرورة للحياة.

المصدر