الحوار بين زيارات الرئيس وانقسام المعارضة

ثلاثاء, 2015-06-09 18:08

كل شيء في موريتانيا منصب حاليا على جولات استعراضية متصلة يقوم بها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز في الولايات والقرى الداخلية.
وتتنافس القبائل والمشيخات التقليدية في تخصيص استقبالات كبيرة للرئيس يعرضها التلفزيون الرسمي بشكل مكرر، وتنتهز القنوات الخاصة إعادة بثها المعوض، لتحصيل عائدات مالية في ظرفية عجفاء.
وحسبما يراه المحللون فإن الغرض من هذه الزيارات هو استعراض الرئيس لشعبيته أمام الرأي العام قبل الدخول في معمعان الحوار مع منتدى المعارضة، وإن كان الحزب الحاكم أكد في عدة بيانات له «أن هدف هذه الجولات هو اطلاع الرئيس مباشرة على أحوال السكان وتدشين مجموعة من المشاريع التنموية».
ويسعى كتاب الافتتاحيات في الصحافة الموريتانية المحلية لاستكناه الهدف الحقيقي من هذه الزيارات التي توقف الحوار السياسي بسببها والتي وجهت الأنظار نحو متابعة التنافس المحموم بين شيوخ المجموعات القبلية حول تخصيص أضخم الاستقبالات للرئيس. 
وفي هذا الإطار تساءل أحمد ولد الشيخ المدير الناشر لأسبوعية «لوكلام» في افتتاحية له أمس عن هدف الرئيس الموريتاني من جولاته الحالية قائلا «ما الذي يفسر تنقل الرئيس بعيدا عن العاصمة لا لشيء سوى تدشين حقل صغير لزراعة الأرز؟، أو لتدشين وحدة صغيرة لتصفية الدم لا يتجاوز عمرها مدة الزيارة؟»؛ ولما ذا يحرص الرئيس على أن تكون الاستقبالات المخصصة له ضخمة جدا؟ وما هي الرسالة التي يريد تمريرها عبر هذه الاستقبالات الشعبية «العفوية»؟». 
وتساءل في الأخير عما «إذا كان الرئيس يسعى من وراء كل هذه البهرجة السياسية والإعلامية إلى فك القفل الدستوري الذي يحد المأموريات الرئاسية باثنتين؟».
ويتابع أحمد ولد الشيخ افتتاحيته التحليلية قائلا «.. إذا احترمت حيثيات الدستور فإن محمد ولد عبدالعزيز لن يكون رئيس موريتانيا عام 1919، وعليه فإن التحضير قد بدأ مبكرا لحصول الرئيس على تمديد جديد قد لا يكون سهلا لكن العمل من أجل فرضه أمر ممكن للغاية».
وركزت صحيفة «بلادي» تحليلها الأسبوعي على قضية الحوار المتوقف حاليا بسبب جولات الرئيس فأكدت أن «الحوار يسير سير السلحفاة إن لم يكن مشلولا بالكامل».
وأرجعت الصحيفة هذا الشلل «لفقدان الثقة بين أطراف المشهد السياسي»؛ مبرزة «أن كلا من الأغلبية والمعارضة يسعى لكيلا يكون المسؤول عن قرار التوقف». 
هذا وأشارت الصحف في عدة معالجات لها، إلى أن منتدى المعارضة يعاني من انقسام داخلي من الصعب ترميمه بسرعة.
وأشارت أسبوعية «بلادي» إلى «أن المعارضة متفقة حول نقطة واحدة هي معارضة الرئيس الموريتاني لكنها مختلفة في كل شيء عدا هذه النقطة».
وأوضحت الصحيفة «أن ردود أطراف المنتدى المعارض على أجوبة الحكومة تؤكد الخلاف الكبير داخل المنتدى حيث سارع حزب التكتل بقيادة أحمد ولد ضاداه للمطالبة بفك الارتباط بالنظام وتوقيف الحوار التمهيدي، وهو الموقف نفسه الذي يتبناه إسلاميو حزب «تواصل» الذين لا يريدون فقدان ما حققوه في الانتخابات الأخيرة من نتائج في حال ما إذا تمخض الحوار عن انتخابات برلمانية سابقة لأوانها».
وعلى العكس من هذه المواقف يفضل حزب اتحاد قوى التقدم بزعامة محمد ولد مولود التوجه نحو الحوار لأن الحوار، حسب مقاربة هذا الحزب، هو أفضل طريق لإخراج موريتانيا من أزمتها السياسية.
هكذا بدا المشهد السياسي الموريتاني أمس فالحوار متوقف والأنظار متجهة بالكامل لجولات الرئيس وما يطبعها من تنافس حول تنظيم أضخم الاستقبالات.

القدس العربي