لمصلحة من يتم التمادي في بث الأراجيف ضد الحرس الوطني؟

ثلاثاء, 2015-06-16 15:35

 سبق لي أن تناولت في مقال سابق، حالة التردي غير المسبوقة في مستوى أداء جل وسائل الإعلام في بلدنا؛ وبخاصة المواقع الإلكترونية التي باتت غالبيتها منابر مفتوحة على مصراعيها أمام ذوي النفوس الضعيفة وأصحاب النوايا غير السوية من اللاهثين خلف أطماع ضيقة منحطة..

ومما يحز في نفسي ـ حقيقة ـ  كون تلك المنابر الإعلامية لا تتورع عن بث بعض الإشاعات والأراجيف التي لا يمكن أن يروم أصحابها غير الابتزاز أو تشويه سمعة شخصيات وطنية محترمة أو النيل من مؤسسات ذات مهام حساسة وحيوية تؤدي الدور المنوط بها في سبيل الوطن والشعب الموريتانيين على الوجه الأكمل.

لم أكن قط ممن تستهويهم الكتابة دفاعا عن زيد أو هجوما على عمرو، لكن إيماني العميق بنبل المهنة الصحفية ودورها المحوري في تقديم الحقائق دون رتوش ولا تحريف، هو ما يدفعني اليوم، مجددا، لأنبه إلى خطورة بعض الانحرافات التي يراد لمهنة المتاعب أو "صاحبة الجلالة"، كما يروق للبعض، أن تسلكها عن عمد وسبق إصرار..

من ذلك، مثالا لا حصرا، مطالعتي بشكل متكرر؛ على مدى أكثر من سنتين متتاليتين، لمواضيع عجزت عن تصنيفها في أي من أشكال العمل الصحفي المتعارف عليها من قبيل: "الخبر، التحليل، التحقيق، مقال الرأي، القصة الإخبارية، التقرير الصحفي....إلخ"؛  تظهر بين الفينة والأخرى على صفحات  بعض (وأقول بعض وليس كل) المواقع الالكترونية المحلية، أكثر ما لفت انتباهي فيها اتفاق أصحابها (حد التطابق أحيانا) في تحاملهم على شخص  اللواء فيلكس نكري، قائد أركان الحرس الوطني، وعلى قطاعه، لأكتشف ـ لاحقا، وفي كل مرة ـ عبر ذات المنابر مواضيع تفنّد تلك الإشاعات وتدحضها وتعري زيفها...!

بيد أن الأمر الأكثر غرابة ومثارا للدهشة أنه، رغم إقرار القائمين على تلك المواقع بعدم صحة ما نشروه بهذا الخصوص؛ ما يفترض ـ منطقيا وأخلاقيا ومهنيا ـ الاعتذار للرأي العام مع الالتزام بعدم تكرار نشره؛ هو أنني أجدني ـ مجددا ـ أطالع  نفس الأراجيف والشائعات، بعد ما كنت أتوقع أنهم ندموا على نشر ما سبق أن تأكدوا من زيفه.. لتأتي المفارقة الكبرى من خلال التمادي في الإرجاف والمغالطة والإفك؛ بدل الندم والخجل وامتلاك شجاعة الرجوع إلى الحق..

يعيدون نفس المحاولات العبثية البائسة بإصرار وتعمد وبلا غضاضة؛ ما حوّل "مادتهم الإعلامية"  إلى أسطوانة لاكتها الألسن وملّتها الأسماع ومجّتها الأذواق، لدرجة بات معها ظهور إسم هذا الضابط الوطني السامي في موقع من تلك المواقع بمثابة إشارة منبه إلى أن الأمر لا يعدو كونه ترديدا لذات المعزوفة غير الشجية.

أي قوة مركزية تلك التي تدفع هؤلاء "الكتّاب" في محاولاتهم اليائسة إلصاق أمور من نسج خيالهم العقيم بهذا القائد العسكري البارز تحديدا، بعد أن تبين للجميع ـ بما لا يدع مجالا للريبة ـ أنها مجرد بهتان وزور وظلم وتجني على ضابط  يعرف القاصي والداني حجم مكانته الوطنية على مستوى منظومة الدولة الموريتانية، وما حققه من أجلها، مما تكفي مقارنة وضعية الحرس الوطني قبل توليه قيادته، وما هو عليه اليوم، لإدراك حجمه:

وليس يصح في الأذهان شيء    اذا احتاج النهار إلى دليل

لست هنا في وارد  إطراء الجنرال نكري أوغيره، ولا الدفاع عنه؛ فلا صلة تربطني به، أي نوع كانت، اللهم إلا إذا اعتبرنا الانتماء لوطن واحد؛ بل من باب  حرصي وتطلعي لأن تظل الصحافة التي كتب الله لي أن أنتمي لها، وكتب علي امتهانها وممارستها، نقية نظيفة شريفة، سمتها الموضوعية والنزاهة؛ ويتحلى جميع منتسبيها وممتهنيها بأخلاقياتها النبيلة، حتى تحافظ على المصداقية والاحترام وتؤدي دورها المحوري والأساسي كسلطة رابعة فاعلة وذات تأثير.. صحافة وطنية، ناضجة، مسؤولة، ومحترمة.