لعنة النت...

ثلاثاء, 2015-07-07 17:46

تابعت نشأة  وترعرع الانترنت في بلادي وها أنذا أرصده في مراهقته.

كان إنشاء وزارة للتقنيات الجديدة واستثمار المليارات من أجل الاستفادة من الانترنت التجسيد الأبرز للإرادة السياسية الرامية إلى جعل التقنيات رافدا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلد، وقد قام هذا الجهاز، الذي تسمى بمسميات شتى، بالعديد من النشاطات كالتحسيس والتكوين والربط وتطوير البرامج والمواقع الالكترونية استفادت منها كافة القطاعات.

ولكي لا يتشعب الحديث الذي لا نريده أن يكون فنيا، دعونا نركز على نقطتي الرابط والمواقع الالكترونية.

لقد نفذت الدولة مؤخرا مشروع الكابل البحري الذي ضاعف طاقة الربط 40 ضعفا. لكن ذلك لم يتجسد على أرض الواقع نظرا لضعف قدرة الشركات الثلاث على التوزيع وغياب برنامج ترعاه الدولة لمسايرة الاستثمار في الكابل. ومن الحقائق التي تشبه النكت أن يظهر لك الحاسوب توضيحا بأن تحميل ملف أكسيل بسيط قد يستغرق عشرة أيام.

وبما أن موقع النت لأي وزارة إنما هو مرآة لعملها فإذا كانت غائبة عن العمل وتفتقد الشفافية ولا تقيم للمواطن وزنا كان موقعها كما هو عليه الآن باهت يتحدث عن السنوات الغابرة وفي أحسن أحواله يضيف إليها لائحة من غادر وافتتح ووصل تأسيا بوكالة الأنباء، لا يتيح أي خدمة ولا يزوره زائر ولا يذكره ذاكر.

 ولو كانت هذه الوزارة ديناميكية شفافة وتقيم للتواصل وزنا لكان موقعها محينا يعكس النشاط الدؤوب وينوء بروابط من الخدمات التي تساهم في رفع معاناة المواطن، ولو سقط فكأنما سقطت عمارة حكومية على أهلها.

أتذكر مرة أن إحدى الوزارات قررت حجب موقعها لتتمكن من إعادة إعداده، وهذه خطوة قد تفسر إيجابا بحرص الوزارة على تهيئة موقع يليق بها كوزارة سيادة.  لكن المفاجأة كانت كبيرة عندما عرفنا أنها إنما تريد تكسير المرآة التي أظهرت قبحها. ويزايد بعض المراقبين بأن السبب الحقيقي كان فقط لتبرير استشارة لأحد الأقارب، يتم الرجوع بعدها لحالة الموقع السابقة على مستوى الشكل. أما المضمون فهم غير معنيين به أصلا.

ولكي نكون أكثر إنصافا، علينا أن ننوه إلى أن عمر النت لم يخل من توفير خدمات نذكر منها : نشر نتائج الامتحانات، نشر نتائج الانتخابات، نشر لوائح المترشحين المقبولين لرخصة السياقة ونشر لوائح ونتائج المترشحين للمسابقات الوطنية. أما غير ذلك فتكاد تكون معرفة وجوده محصورة بين الفنيين الذين يعملون على إنجازه دون أن يكون له صدى حقيقي لدى المواطن.

وحين ننظر إلى هذه الخدمات نجدها بدائية جدا. لكن الغريب أنها تتردى مع الزمن وخير دليل على ذلك موقع إدارة الامتحانات الذي حاصرته الفيروسات على مرأى من كل من له ولد مترشح لأي مسابقة وطنية دون أن يجد منقذا. وقد تناثرت معلومات موقع لجنة المسابقات في مشهد مثير للشفقة. أما الانتخابات فقد كانت هي نفسها مثار جدل فما بالك بحالها على النت.

إن العارف بالشأن لا يمكن إلا أن يقدر نخبة من المهندسين عملت باستماتة في مراحل مختلفة من أجل النهوض بقطاع الانترنت، لكن أيادي العبث واللامبالاة تنجح في كل مرة لتدمير العمل المنجز.

وحين ندقق في الأسباب لكل هذه الصورة السوداوية لا نجد تفسيرا منطقيا لما آل إليه الوضع إلا أننا ضحايا للعنة النت التي لاحقتنا كل هذه السنين ربما لفشل الجهازين التنفيذي والقضائي في جمهوريتنا الإسلامية في حجب المواقع الإباحية فليس أمامنا إلا أن نتضرع إلى الله أن يرفع عنا هذا البلاء.

 

سيد أحمد ولد دحان

[email protected]