جدل حول واقع الحريات في موريتانيا

ثلاثاء, 2015-08-18 09:44

جاء التقرير السنوي للجنة الوطنية لحقوق الإنسان بموريتانيا في وقت تتحدث فيه منظمات حقوقية مستقلة وناشطون عن تراجع الحريات في الفترة الأخيرة.

تقرير اللجنة -التي يلزمها القانون بإصداره سنويا- عبر عن ارتياحها لما سمته الإرادة السياسية للسلطات العمومية "في تجذير قيم الديمقراطية والحريات الأساسية في موريتانيا، والتقدم على طريق ترسيخ حقوق الإنسان"، الأمر الذي تجسد في الإصلاحات التشريعية، حسب نص تقرير اللجنة.

وأضاف التقرير أنه "لم تسجل أية حالة من المعاملة اللاإنسانية أو المهينة أو حالة تعذيب من طرف مختلف بعثات اللجنة"، كما أشار إلى احتفاظ موريتانيا بتصنيفها الأولى عربيا في مجال حرية الصحافة.

ورغم الصورة التي رسمها تقرير اللجنة، فإن منظمات حقوقية ترى أن الحريات العامة في موريتانيا شهدت تراجعا ملحوظا في الفترة الأخيرة، تجسد ذلك في تعامل أجهزة الأمن مع بعض المظاهرات والوقفات الاحتجاجية، فضلا عن ما تسميه مضايقة الصحافة.

فقد سجلت نقابة الصحفيين الموريتانيين تسع حالات اعتداء على الصحفيين أثناء ممارستهم عملهم، وشمل ذلك -حسب تقرير النقابة في مايو/أيار الماضي- التعنيف اللفظي والاعتداء الجسدي، والتوقيف والاستدعاء للتحقيق.

ولد محمد ناجم: هناك طوق على المعارضين لإرغامهم على الانضمام لقافلة الموالين (الجزيرة)

 

تراجع الحريات
ومن جانبه، يرى المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان أن الحريات العامة في موريتانيا شهدت تراجعا كبيرا في السنوات الأخيرة، من خلال مضايقة المدافعين عن حرية الرأي والتعبير، ومواجهة المحتجين السلميين في أكثر من مناسبة، حسبما يقول أعمر محمد ناجم الرئيس السابق للمرصد وعضو هيئته القيادية.

ويقول ولد محمد ناجم في حديث للجزيرة نت إن مظاهر هذا التراجع تمثلت في "القمع الذي تعرض له ناشطو حركتي 25 فبراير ومبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية (إيرا)، وطلاب كلية الطب، وعمال شركة سنيم، والحقوقيون المتضامنون مع معتقلي حركة إيرا، إضافة إلى التضييق على بعض الصحفيين".

ويقارن بين مساحة الحريات في موريتانيا خلال الفترة 2005-2008 والأوضاع اليوم، ليخلص إلى القول إن التراجع واضح على أكثر من مستوى، "فالإعلام العمومي لا يمثل سوى رأي واحد وتغيب عنه المعارضة".

ويرى ولد محمد ناجم أن حرية الإعلام في جوهرها "لا تعني أن تسمح للمرء بقول ما يريد، وإنما يجب ألا تنعكس آراؤه سلبا عليه، وهذا غير متحقق هنا، فلا يمكن أن تجد في موريتانيا منذ 2008 مسؤولا ولو في المناصب الفنية ينتمي لحزب معارض، ويعني ذلك أن هناك طوقا على المعارضين من أجل إرغامهم على الانضمام لقافلة الموالين، وهذا يؤثر على الحريات، ويدفع المرء للتنازل عن جزء من حريته".

ولد بركة: راقبت كل الاحتجاجات وكان التعامل مع المحتجين محكوما بالقانون (الجزيرة)

 

تعامل بالقانون
وفي المقابل، يرى الناشط الحقوقي ورئيس شبكة الوحدة من أجل التنمية البشرية أحمد فال ولد بركة أن "مستوى الحريات في موريتانيا لا يمكن مقارنته بأي بلد في محيطها عربيا وأفريقيا، وهذا ما أكدته مكانة موريتانيا في المنظمات الحقوقية الدولية منذ 2010 وحتى 2014، حيث تم تقديم الصورة الحقيقية لموريتانيا في هذه المنظمات".

ويضيف ولد بركة في حديث للجزيرة نت أن "ما يقال عن تراجع الحريات غير صحيح، وما يقوم به البعض من تحركات خارج القانون مجرد متاجرة أفلس أصحابها".

ويتابع "لقد راقبت كل الاحتجاجات وكان التعامل مع المحتجين محكوما بالقانون، صحيح أنه تم إيقاف عناصر مارست العنف، ورغم مخالفتهم القانون لم يتعرضوا لأي عنف أو إهانة، وتم إطلاق سراحهم جميعا".

 

المصدر : الجزيرة