صحيفة: الأغلبية والمعارضة تتدافعان المسؤولية عن "موت الحوار"

أربعاء, 2015-08-19 09:07

تدافع ائتلاف الأغلبية الحاكمة في موريتانيا وأحزاب المعارضة المسؤولية عن فشل إطلاق مرحلة جديدة من الحوار السياسي، بعد عدة جلسات بين الطرفين بدأت بتبادل وثائق مكتوبة قدمت المعارضة خلالها ما وصفته بـ"ممهدات ضرورية" قبل انطلاقة الحوار،

وهو ما وصفته الأغلبية لاحقا "بالعراقيل"، مؤكدة أنها سعت لتحاشيها، وتعاملت معها باحتراف، فيما وقفت كتلة المعاهدة خارج نطاق التجاذب بين الطرفين، لكن قياداتها يحملون النظام مسؤولية تعثر محاولة إطلاق حوار جديد، ويشددون على ضرورة الاستفادة من تجربة حوار 2011، بالسعي لضمان مشاركة كل الأطياف السياسي، أو أغلبها لضمان الخروج من الأزمة السياسية.

 

ربما الوحيد الذي اتفقت عليه الأغلبية والمعارضة هو أن تعثر الحوار إن لم يكن موته، وذلك بعد جولات وجلسات تحضيرية انتهت لخلاف حول طبيعة الردود، وهل يلزم أن تكون كتابية، أم يكفي أن تكون شفوية، وخصوصا في المرحلة التحضيرية.

 

الأغلبية: المعارضة كانت دائما المشكل

ائتلاف أحزب الأغلبية عقد ظهر الاثنين الماضي مؤتمرا صحفيا في انواكشوط كان رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم سيد محمد ولد محم المتحدث الرئيسي فيه بعد تقديم قصير مع الرئيس الدوري لائتلاف الأغلبية ورئيس حزب الفضيلة عثمان ولد الشيخ أحمد أبو العمالي، أكد فيه تمسك الأغلبية بالحوار السياسي، وثقتها فيه، مبررا ابتعادهم خلال الفترة الماضية عن الإعلام بحرصهم على إبعاده عن التشويش والمؤثرات الخارجية.

 

ولد محم تحدث بشكل مطول أمام حوالي عشرة من رؤساء وممثلي أحزاب ائتلاف الأغلبية إلى جانب عدد من نواب حزبه، وكبار قادته محملا المعارضة مسؤولية فشل تجارب الحوار المختلفة التي سعت لها الأغلبية منذ العام 2009 – تاريخ انتخاب ولد عبد العزيز رئيسا – إلى الآن.

 

ورأى ولد محم أن ما وصفه بالالتفاف الشعبي الكبير حول الرئيس، والذي كشفته جولاته في الولايات الداخلية أصاب المعارضة بالصدمة وأثر على أجندتها، مبديا استغرابه من حديث بعض السياسيين في انواكشوط عن حكم البلاد ومستقبلها رغم أن أحزابهم لا تملك مستشارا بلديا واحدا.

 

تنازلات متتالية

وأكد ولد محم إصرار الأغلبية على الحوار السياسي، وتقديمها الكثير من التنازلات طيلة الأعوام الماضية منذ العام 2009 إلى اليوم، من بينها تقديم الرئيس ولد عبد العزيز شخصيا لضمانات باحترام النتائج التي يتمخض عنها الحوار، وذلك في خطابه في افتتاح مهرجان المدن القديمة في شنقيط، مشيرا إلى هذه الضمانات قدمت بناء على طلب أطراف سياسية كانت تعد بأن تشكل منعطفا في ملف الحوار السياسي، ثم تنازلت الأغلبية والحكومة بتأخير انتخابات مجلس الشيوخ بعد استدعاء هيئتها الناخبة، ثم تنازلوا بإرسال رسالة رسمية من الوزير الأول إلى منتدى المعارضة، كما تغاضينا - يقول ولد محم - عن تدني مستوى تمثيل المنتدى، وسكتنا عن تسريبه لنتائج المداولات المتفق على سريتها.

 

وأضاف ولد محم: "أن الأطراف السياسية كان على وشك الاتفاق إبان الجبهة الديمقراطية قبل أن ترفض بعض أطراف المعارضة الاتفاق، ثم جاءت تجربة الحوار السياسي في العام 2011، حيث انقسمت المعارضة وشارك بعضها ورفض البعض الآخر، ثم جاءت تحضيرات الانتخابات البلدية والتشريعية حيث انقسمت المعارضة مجددا، وشارك بعضها ورفض البعض الآخر، ثم جاءت الانتخابات الرئاسية، وفي كل مرة تنقسم المعارضة".

 

عراقيل لا ممهدات

ووصف ولد محم الممهدات التي قدمها منتدى المعارضة بأنها "لم تكن سوى عراقيل أمام الحوار السياسي" غير أن الأغلبية فاجأتهم بتقسيم هذه الممهدات إلى ثلاثة أقسام؛ قسم منصوص قانونيا عليه ولا يحتاج إلى نقاش، وقسم قبلته، وقسم اعتبرته من نتائج الحوار واقترحت إحالته إليه، معتبرا أن الأغلبية أحالت نقطتين فقط من نقاطه إلى لجان فنية.

 

ورفض ولد محم الكشف عن النقطتين التين احتاجتا إلى لجنة فنية، مؤكدا أن النقطة الوحيدة التي رُفضت بشكل قاطع من الأغلبية هي الحكومة الائتلافية.

 

واتهم ولد محم وفد المنتدى وقياداته بالإخلال باتفاق الطرفين بإبعاد مداولات الجلسات عن الإعلام، مؤكدا أن وفد المنتدى كان يخرج في كل مرة ليؤكد إيجابية الجلسات، وأن حزب التكتل أصدر بيانا سرد فيه تفاصيل إحدى جلسات الحوار، ثم تلاه حزب حاتم في بيان صادر عنه، فحزب تواصل، قبل أن يصدر المنتدى بيانا يتضمن تفاصيل الجلسات التحضيرية.

 

وأكد ولد محم أن من يتابع تصريحات وفد المنتدى وتصريحات قيادة المنتدى سيجد تناقضا بينهما، حيث يثني الوفد على نتائج الجولات، وتهاجمها القيادات المعارضة وأحزابها.

 

ورأى ولد محم – في المؤتمر الصحفي الذي اقتصر على تقديم قصير مع الرئيس الدوري للأغلبية قبل إحالة الكلام إلى ولد محم – أن المعارضة بعد موقف الأغلبية من الممهدات تجاوزتها إلى موضوع الكتابة، مبديا استغرابه لذلك لأن المفاوضات ليست الموجودة في موريتانيا فقط وإنما في كل العالم، ومعلوم أنه لا تكتب في المفاوضات إلا نتائجها، متسائلا: ماذا لو كتبنا لهم وثيقة غدا!، ما هو المبرر الذي سيقدمونه مجددا! 

 

بدر الدين: نظام إملاء لا نظام حوار

الأمين العام لحزب اتحاد قوى التقدم المعارض والقيادي في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة محمد المصطفى ولد بدر الدين وصف في حديث لصحيفة "الأخبار إنفو" نظام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بأنه: "نظام إملاء، وليس نظام تحاور".

 

ورأى ولد بدر الدين أن "الحوار في قاموس الموالاة هو كلام لا يصاحبه عمل"، معتبرا أن "الحوار توقف عند ما طلب من الموالاة أن تحول كلامها الشفهي المعسول إلى ورقة مكتوبة".

 

وأضاف ولد بدر الدين "عندما طلب منهم ذلك قالوا:

 

إن مستوى وفد المنتدى متدن، ألم يكن متدنيا في نظركم منذ البداية، ومع ذلك قبلتم التحاور معه،
ثم قالوا: إن ممهدات المعارضة تعجيزية، ألم تستقبلوها وتردوا عليها بكلام شفهي جميل، ومع ذلك عندما طلب منكم أن تحولوا الكلام الشفهي إلى مكتوب رفضتم".

 

وأكد ولد بدر الدين أن الحوار بالنسبة لنظام ولد عبد العزيز وموالاته: "عملية دعائية إعلامية، وعندما يطلب منهم أن يحولوه إلى عملية حقيقية يتقاعسون"، مردفا أنهم "هكذا فعلوا مع حوار داكار، ومع حوار 2011، ومع جميع الحوارات وكذلك يفعلون مع الحوار الحالي، عندما يطلب منهم التقدم نحو شيء عملي يتقاعسون ويختلقون المعاذير".

 

ولد الوقف: لم يبدأ حوار حتى يتعثر

الوزير الأول الأسبق ورئيس حزب العهد الوطني للديمقراطية والتنمية "عادل" يحي ولد أحمد الوقف اعتبر في تصريحات لصحيفة "الأخبار إنفو" أن الحوار لم يبدأ أصلا حتى يتعثر، مؤكدا أن أرضية انطلاقته لم تتوفر أصلا حتى يقع حوار، مشددا على أن النظام هو من يتحمل مسؤولية عرقلة تحضيراته.

 

ورأى ولد الوقف أنه لا يوجد أي منطق يمكن أن يحمل المعارضة مسؤولية فشل تحضيرات الحوار، لأن النظام الممسك بخيوط اللعبة، والموجود في موقع المسؤولية هو من يتحمل المسوؤلية، مردفا أن المواطن العادي بإمكانه الحكم على من يتحمل المسؤولية حين يتابع تفاصيل ما جرى.

 

وأضاف ولد الوقف: "لقد أرسلنا لهم وثيقة مكتوبة، ورفضوا الجواب عليها"، مؤكدا أن حديثهم لن يغير من "قناعة المعارضة بالحوار، لأن سبيلها للتغير، فهي لا تملك جيشا، ولا تستخدم القوة للوصول إلى السلطة".

 

وأكد ولد الوقف أن ما تحتاجه موريتانيا هو حوار سياسي جاد، مردفا أنه لو كانت الحكومة والأغلبية جادين في الحوار لوجدوا المعارضة أكثر جدية منهم، لكن طبيعة تعاطيهم مع ملف الحوار يكشف عدم جديتهم.

 

ولد العتيق: التحالف والمعاهدة يريدان حوارا جادا وشاملا

القيادي في حزب التحالف الشعبي التقدمي وفي كتلة المعاهدة من أجل التناوب الديمقراطي اسغير ولد العتيق اعتبر في تصريحات لصحيفة "الأخبار إنفو" أن موريتانية لن تخرج من أزمتها إلا بحوار جاد وشامل، مؤكدا أن التحالف الشعبي التقدمي خصوصا، وكتلة المعاهدة بشكل عام لم تكن يوما عقبة أمام الحوار، لكنها لن تشارك إلا في حوار جاد وشامل.

 

ورأى ولد العتيق أن تجربة حوار 2011 كانت مهمة جدا، لكنها لم تنه الصراع السياسي لأنها لم تكن شاملة، معتبرا أن يجب العمل على إطلاق حوار سياسي جاد وموضوعي، ويشارك فيه أكبر عدد ممكن من الأطياف السياسية، مردفا أن النظام يتحمل المسؤولية الأولى في عدم إطلاق هذا الحوار، مشددا على أنه لا تنمية بدون استقرار، ولا استقرار بدون حوار سياسي وتوافق.

 

وأكد ولد العتيق أن نظام ولد عبد العزيز – وكما حال بقية الأنظمة العربية – لا يهتم بالاستقرار بقدر يبذل كل جهوده من أجل الاستمرار، متهما النظام والحكومة والأغلبية بالتهرب من المسؤولية التاريخية والمسؤولية أمام في فشل الحوار السياسي، مردفا أن هذا هو دأب الأنظمة غير الديمقراطية، حيث تحاول إلقاء المسؤولية على الآخرين،

 

 كما حمل ولد العتيق الوفود الممثلة للأغلبية وللمنتدى جزءا من مسؤولية فشل التحضيرات التي كانت جارية للحوار، معتبرا أنهم لم يقوموا بالأدوار المطلوبة منهم في تسهيل الأمور، وتقريب وجهات النظر، وإنما غلبوا الصراع، واعتماد لعبة لي الأذرع، مردفا في الوقت ذاته أن المسؤولية تظل على النظام والأغلبية التي تلقت وثيقة مكتوبة، ورفضت الرد عليها بشكل مكتوب، مشيرا إلى أنه من الناحية المنطقية كان يلزم أن يرد عليهم بالمثل، خصوصا وأن الوفد الذي يمثل الأغلبية والحكومة كان يجب أن يكون أكثر إدارية، وأحرص على التوثيق.

 

وطالب ولد العتيق النظام والأغلبية بتقديم خطوة تدل على مسؤوليتهم، وعلى احترامهم للمواطنين لأن المعارضة مواطنين، قبل أن يكونوا معارضين، وكذا احترام بقية الشعب، وحقه في خروج البلاد من الأزمة السياسية التي تتخبط فيها.

صحيفة الاخبار اينفو