هل أصيب الرئيس اعل ولد محمد فال بحمى الهذيان النزيفي؟

جمعة, 2015-10-23 11:55

يبدو أن الرئيس الانتقالي السابق (2005 ـ 2007)، اعل ولد محمد فال؛ بات يعاني من حالة نفسية أقرب ما تكون لهذيان مزمن لا يخلو من تناقضات صارخة في تصريحاته الأخيرة عبر بعض وسائل الإعلام الأجنبية.

 

فبعد خرجته، الأخيرة عبر أثير إذاعة فرنسا الدولية والتي اتسمت بكثير من المغالطات والتناقضات الصارخة؛ هاهو يطل علينا مجددا من خلال مقابلة مطولة نشرتها صحيفة Le Quotidien؛ مقدما لوحة موغلة في القتامة عن مستقبل  موريتانيا، ومعيدا ترديد ذات الأسطوانة الممجوجة التي بدأها غداة صدمة نسبة الـ3% التي خرج بها من السباق الرئاسي في يوليو 2009: " لا أعترف بأي شكل من أشكال الشرعية للسلطات الحالية"؛ وكأنه ما يزال يغط في بيات شتوي غير منقطع، وإلا لأدرك أن تلك الشرعية أكملت مأمورية كاملة وتعززت بأخرى دخلت عامها الثاني فعلا..!

 

 بيات شتوي يؤكده هذيان الرجل حين يرد على سؤال للصحيفة آنفة الذكر بقوله إن الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز لم يكن سوى "عضو مغمور" في المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية المنبثق عن تغيير 3 أغسطس 2005، وادعائه أن ولد عبد العزيز "لم يكن رقم 2 ولا رقم 3، ولا رقم 4، ولا رقم 5"..!

 

كيف يمكن تفسير مثل هذا الكلام إن لم يكن تخريفا أو نوعا من الهذيان؛ علما بأن أي موريتاني يعرف أن تغيير 3 أغسطس 2005 تم بقيادة الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز والقائد العام الحالي لأركان الجيوش، الفريق محمد ولد الشيخ محمد أجمد الشيخ الغزواني، وقلة من خيرة ضباط موريتانيا الوطنيين الشرفاء.. وهؤلاء هم من أيقظوا رئيس جهاز أمن ولد الطايع وركنه الأساسي من نومه العميق ليبلغوه بأنهم قد اختاروه، كأخ أكبر في السلاح، لتولي مقاليد السلطة ضمن مرحلة انتقالية مدتها عامان..

وغني عن البيان أن قادة الإنقلاب على نظام الإستبداد ماكانوا من الغباء والسذاجة كي يشركوا رجل أمنه الأول في إزاحة نظام هو الرجل الثاني ضمن منظومته الإخطبوطبة.. فعلى حساب من يحاول ولد محمد فال اليوم أن يمرر هذيانه؟

 

هل يظن ـ فعلا ـ أن الموريتانيين ضعيفو الذاكرة إلى حد نسيان تقليص القادة الفعليين للمرحلة الانتقالية مدتها من سنتين إلى 18 شهرا فقط حين تبين لهم سعيه للالتفاف على مسار إرساء نظام ديمقراطي حقيقي نزيه وشفاف؟ أيظن ـ فعلا ـ أننا بلا ذاكرة كي ننسى دعوته المشؤومة لتغليب البطاقة المحايدة خلال انتخابات مارس 2007 الرئاسية كي يتسنى له الانفلاب على ذاك المسار، لولا تدخل ولد عبد العزيز ورفاقه وإرغامهم له على التراجع ـ علنا ـ عن تلك الدعوة من خلال اعتبار البطاقات المحايدة لاغية؟

 

ثم أليست قمة التناقض أن يصف من يحاول اليوم إيهام غيره بأنه كان الرئيس الفعلي والقائد الحقيقي لمرحلة 2005 ـ 2007 الرئيس ولد عبد العزيز بالعضو المغمور في المجلس العسكري الذي كان رئيسا له بينما لم يتخذ أي إجراء بعزله حين وقف ضد محاولاته تمديد المرحلة الانتقالية أو عندما أعلن صراحة أمامه وأمام كافة أعضاء المجلس أنه قرر مساندة مرشح بعينه في رئاسيات 2007؟

 

كيف يلقي باللائمة على الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله باعتبار أنه "لم يتخذ إجراءات احترازية" ضد ولد عبد العزيز، بينما كان هو  ـ بزعمه ـ صاحب القرار الفعلي قبل تسلم ولد الشيخ عبد الله مقاليد السلطة، فلم لم يتخذ تلك الإحتياطات إذن؟ إنه الهذيان والتخريف في أبلغ تجلياتهما...!

 

بعد أن تمكن من غسل أدمغة من أذاقهم الأمرين، سجنا ونفيا وقمعا، من قادة قوى المعارضة أيام سطوته وتحكمه في مفاصل أجهزة الأمن لمدة عشرين عاما دون انقطاع؛ فأوهمهم بأنه الأقدر على إزاحة نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز ليوظفهم ـ فيما بعد ـ حسب متطلبات الأهداف التي رسمها لنفسه بإيعاز من عرابيه في الغرب، بدأ الرئيس الإنتقالي السابق مرحلة "الهذيان الإنساني" بهدف غسل أدمغة الشعب، من خلال ذرف دموع التماسيح على ضحايا أحداث 1989 ـ 1991 المأساوية؛ متناسيا أن أولياء دماء أولئك الضحايا وأغلب الناجين من جحيم تلك الأحداث مازالوا على قيد الحياة وقد عادوا إلى بلدهم مباشرة غداة خروجه من الرئاسة، بعد أن حرص كل الحرص على منع تلك العودة؛ مركزا على شعاره الشهير "عفا الله عما سلف" في مسعى واضح لتجنب أية مساءلة أو مقاضاة بخصوص الإرث الإنساني الذي كان ضمن المسؤولين المباشرين عنه، إن لم يكن المسؤول الرئيسي..!

 

 

ويصل نزيف الهذيان إلى درجة اللعب على ذقون الموريتانيين والرأي العام الخارجي من خلال اتهام النظام الحالي ببيع الأملاك العقارية للدولة وبمنح أراضي عمومية لمقربين منه..

 

ألا يدرك العقيد المتقاعد، فعلا، أن كل امرأة وشيخ وكهل وشاب ومراهق في هذه البلاد يعرفون تلك الإقطاعات الشاسعة التي استولى عليها إبان الفترة الذهبية لنفوذه (1985 ـ 2005)؟

 

أتراه نسي ـ أو يتناسى ـ أن الجميع كانوا يتندرون بقصة انتقال عائلته من منزلهم بمقاطعة لكصر إلى القصر الرئاسي؛ حين انزعج بعض أطفاله من هذا التحول "من قصر فخم مريح (منزل ولد محمد فال) إلى حظيرة لا يوجد بها غير الأشجار والجنود (الرئاسة)"؟

 

أخيرا، وليس آخرا، كيف يصل نزيف هذا الهذيان بصاحبه حد اتهام غيره بالتضييق على المواطنين وسد آفاق العيش الكريم أمامهم؛ ينما لا يزال الجميع يتذكر تسليم محمدو ولد صلاحي وأحمد ولد عبد العزيز للمخابرات الأمريكية لتلقي بهما في غياهب جحيم غوانتينامو المشؤوم؟

 

كفى هذيانا، كفى تضليلا، كفى....!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وردا على سؤال يتعلق باحتمال وجود تناقض داخل الفاعلين في المرحلة الانتقالية 2005/2007 "يفهم من خلال قيام الرقم الثاني في المرحلة الانتقالية بإعادة النظر في كل المسار الديمقراطي" وذلك في إشارة إلى انقلاب 2008، اعتبر ولد محمد فال أنه خلال المرحلة الانتقالية كان هناك الرئيس فقط ، وأن ولد عبد العزيز (من دون أن يسميه باسمه) لم يكن رقم 2 ولا رقم 3 ولا رقم 4 ولا رقم 5، بل كان رقما مهملا "كان كغيره من الأعضاء ينتمي للمجلس العسكري وبحسب علمي لم يؤثر لا من قريب ولا من بعيد في أي شيء".

وأضاف ولد محمد فال بأن الامر يتعلق بخطإ فادح ارتكبته السلطات الجديدة (سيدي ولد الشيخ عبد الله) حيث لم تتخذ الاحتياطات اللازمة لتفادي ما حصل، كان عليهم تأمين النظام وهو ما لم يفعلوه. لقد منحه الرئيس ولد الشيخ عبد الله ثقته وسهل له مهمته من خلال تعيينه رئيسا للأركان الخاصة وإسناد الأمن له مما أتاح له السيطرة على الجيش وقوى الأمن. وكنتيجة لذلك ظهرت الطموحات مع إمكانية تحقيقها.

وردا على سؤال يتعلق بدوافع "كثرة تنقلاته بين عواصم العالم"، قال ولد محمد فال بأنه يعمل من أجل أن تعود موريتانيا لوضعيتها العادية وتخرج من أصعب وضعية عرفتها عبر تاريخها.

 

بقلم الأستاذ محمد الأمين ول اسويلم