موريتانيا.. مؤشرات اقتصادية جيدة رغم تأثيرات العوامل الخارجية

خميس, 2015-10-29 01:25

 استطاع الاقتصاد الموريتاني خلال السنوات القليلة الماضية تحقيق أداء جيد في محيط شديد الصعوبة .. يمتاز بالأزمة المالية الكونية التي هزت جميع بلدان العالم خلال عام 2008 ..

 

وهي الأزمة التي لا تزال تلقي بظلالها حتى اليوم على اقتصاديات دول كثيرة، خاصة في أوروبا وأمريكا الشمالية.

 

ورغم هذه الأزمة وعوامل خارجية أخرى من بينها الهبوط الحاد في أسعار الحديد والمخاطر المناخية كالجفاف، توجد مؤشرات الأداء الاقتصادي لموريتانيا حاليا في مستويات مرضية وتبشر بمواصلة التحسن على المدى القريب.

 

وتتأرجح نسبة النمو الحقيقي في حدود خمسة في المائة مقابل أربعة في المائة عام 2011.

 

وتسهم جميع القطاعات الاقتصادية في هذا النمو باستثناء تراجع ملحوظ للصناعات التصديرية خاصة الحديد الذي يشكل أحد أعمدة الاقتصاد إلى جانب الصيد البحري .. ويواكب هذا النمو أداء جيد على مستوى استقرار الأسعار والضبط السليم للمالية العامة والتوازن الخارجي وحتى التشغيل.

 

ويراوح التضخم حدود أربعة في المائة المائة في حين تتميز وضعية المالية العمومية بالاستقرار ويتعزز الموقع الخارجي سنة بعد سنة .. إذ بلغ مستوى الاحتياطي من العملة الصعبة / 897 / مليون دولار أميركي خلال شهر يونيو 2015 .. بحسب تصريحات أخيرة لأحمد ولد الرايس وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية الموريتاني أمام البرلمان.

 

وقال الوزير إن حسابات الخزينة في البنك المركزي تبلغ / 30 / مليار أوقية - 85 مليون دولار أميركي - متحدثا عن وجود طفرة كبيرة في الاستثمارات في مختلف المجالات داخل موريتانيا والتي بلغ حجمها الفي مليار أوقية - 5.6 مليار دولار أميركي - خلال السنوات القليلة الماضية مما انعكس إيجابا على نسبة الفقر.

 

وتتحسن وضعية التشغيل بحسب المؤشرات المتوفرة حول مستوى البطالة حيث تشير أحدث التقديرات إلى أن هذه النسبة هوت إلى / 10 / في المائة تقريبا مقابل / 30 / في المائة خلال عام 2008 ..ما يعكس الجهود المعتبرة المبذولة من طرف الحكومة ونجاعة السياسات الاقتصادية المتبعة.

 

وكانت الحكومة الموريتانية قد تبنت استراتيجية ناجعة خلال شهر سبتمبر عام 2008 في ظل مناخ يتميز بالأزمة المالية الدولية وتقلبات أسعار الطاقة والمواد الغذائية والصعوبات الداخلية المتسمة بوضع متوتر شيئا ما للمالية العمومية وموقع خارجي لا يقل صعوبة هو الآخر.. وقضت هذه الاستراتيجية بتثبيت وضعية الاقتصاد الكلي في المقام الأول ثم إطلاق إصلاحات من شأنها تأمين نمو قوي ومستدام قادر على حفز التشغيل والحد من الفقر.

 

وقد تركزت هذه الاستراتيجية حول تدعيم وضعية المالية العمومية من أجل خلق فضاء ميزانية أرحب بغية تمويل النفقات الاجتماعية ونفقات البنى الاساسية من خلال توسيع القاعدة الضريبية وتعزيز الإدارة الضريبية والجمركية والتحكم في الرواتب في الوظيفة العمومية وعقلنة النفقات وتحسين جودة الاستثمارات وتنفيذ الميزانية واستخدام أكثر شفافية وأكثر فعالية للموارد العمومية وتعزيز السياسة النقدية من أجل إبقاء التضخم عند مستوى ضعيف ورفع الاحتياطات من العملة الصعبة إلى نحو ثلاثة أشهر من الواردات وتطوير الوساطة المالية وتحسين مناخ الأعمال من أجل تشجيع نمو متنوع يدفعه القطاع الخاص ووضع أنظمة حماية اجتماعية مجدية وفعالة على المدى المتوسط.

 

وقد أعطى تنفيذ البرنامج الاقتصادي والمالي خلال الفترة الماضية نتائج تجاوزت الأهداف المحددة أصلا وهو ما تؤكده المؤشرات المبينة آنفا.

 

*** وتحتل الاستثمارات العمومية الممولة بموارد ذاتية للدولة موقع الصدارة في بنية الاستثمارات .

 

كما مكن تدعيم الميزانية من تمويل الاستثمارات العمومية الموجهة أساسا نحو محاربة الفقر مثل " الطرق و الماء و الكهرباء و البنى التحتية " و تخصيص موارد عمومية معتبرة لبرامج استعجالية من أجل تخفيف آثار الجفاف وارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية على السكان الأكثر هشاشة من جهة.. وتشجيع ولوج هؤلاء السكان إلى الخدمات الأساسية " الماء والكهرباء " من جهة ثانية.

 

يضاف إلى ذلك تمكين الحفاظ على استقرار النظام المالي وتعزيزه بواسطة تنفيذ برنامج لرفع كفاءات رؤوس أموال البنوك وإدخال معايير جديدة في مجال الالتزامات والتدقيق المالي الداخلي والرقابة الداخلية والقدرة على السداد والتصنيف على أساس المخاطر وإجراء تدقيق مالي خارجي لجميع البنوك من طرف مكاتب تدقيق مالي دولية وتطبيق المعايير على نشاط مؤسسات القروض الصغرى، وغير ذلك، فيما تمت ترقية الممارسة المصرفية والولوج إلى البنوك بفضل توسيع الشبكة المصرفية عبر " الترخيص لمؤسسات جديدة وزيادة الشبابيك المصرفية ".. وإنشاء صندوق الإيداع والتنمية وإعادة هيكلة شبكة صناديق القرض والادخار وإصلاحها، إلى جانب مصادقة الحكومة على استراتيجية لتنمية القطاع المالي خلال الفترة ما بين 2012 -2017.

 

وفيما يتعلق بالقطاع الخاص تم تطبيق مدونة استثمارات جديدة أكثر جاذبية .. كما تم إنشاء إدارة عامة لترقية القطاع الخاص ومنطقة حرة في نواذيبو ستمكن من رفع مستوى الاستثمارات المباشرة.

 

وتهدف السياسة النقدية المتبعة في موريتانيا إلى تحقيق استقرار الأسعار حيث نفذ البنك المركزي الموريتاني من أجل بلوغ هذا الهدف سياسة نقدية حذرة تبرز هدف التحكم في التضخم مع تشجيع النمو ويتدخل البنك المركزي في إطار مأموريته في مجال استقرار وصلابة النظام المالي .

 

ويعتمد نظام الإشراف على المؤسسات المالية قبل كل شيء على الوقاية وعلى المعايير الدولية في ميدان رقابة ومتابعة النشاط المصرفي والمالي..ويجري البنك المركزي رقابة عن بعد " على الوثائق " ورقابة ميدانية للمؤسسات الخاضعة لرقابته على أساس قوانين غاية في الصرامة في مجال السيولة والقدرة على السداد والمردودية وهو يتدخل في إطار القانون المصرفي والقوانين المنظمة لمؤسسات التمويل الصغرى والقانون المتعلق بتبييض رؤوس الأموال ومحاربة الإرهاب ونصوصها التطبيقية وفقا لأفضل الممارسات على الصعيد الدولي.

 

وفي مجال آخر يتعلق باستغلال الحديد ومواجهة تدني أسعاره التي سجلت خلال شهر أبريل عام 2015 أدنى مستوياتها خلال عشر سنوات عندما هبطت أسعار الحديد الخام تحت حاجز/ 50 / دولارا للطن الواحد، حيث فاجأ هذا الهبوط الحاد جميع الفاعلين والمختصين في القطاع بسبب خسارة سعر الحديد الخام ل 60 بالمائة من قيمته في سنة ونصف السنة.

 

وفي مواجهة هذا الهبوط شبه المتواصل للأسعار، واصلت الشركة الوطنية للصناعة والمعادن التي تستغل مناجم الحديد في الشمال الموريتاني تنفيذ سياسة خفض التكاليف التي تبنتها منذ يوليو 2014 من أجل تقليص نفقاتها بشكل كبير وإدراكا منها بأن خفض التكاليف هو الضمان الوحيد لبقائها في وجه العاصفة التي تضرب قطاع المواد الأولية، قامت الشركة بتعزيز سياستها في هذا المجال بواسطة المصادقة في 2015 على خطة عمل لخفض التكاليف وهي خطة ترمي إلى تحقيق خفض بنسبة / 25 / في المائة للنفقات مقارنة مع العام 2014 و تتمحور الخطة المذكورة حول عدة محاور هي: تخفيضات في الميزانية وتحسين الإنتاجية والأداء والمردودية والاقتصاد في استهلاك الطاقة وترشيد المشتريات وامتصاص المصاريف الثابتة وتخفيض مصاريف المقاربات والمصاريف التجارية. 

وكالات