موريتانيا: الأمل في استئناف الحوار السياسي الشامل ينتعش من جديد

خميس, 2016-01-14 00:07

 جددت مكالمة أجراها أمس الوزير الأمين العام للرئاسة الموريتانية مولاي ولد محمد الأغظف مع رئيس المنتدى المعارض أحمد سالم ولد بوحبيني، الأمل في إمكانية استئناف الحوار بين النظام والمعارضة المجمد منذ قرابة شهرين.

فقد أكد مصدر في رئاسة المنتدى المعارض «أن الوزير الأمين العام أكد في اتصال ودي رغبة الحكومة في استئناف مشاوراتها مع المعارضة لتذليل الصعاب المعترضة». وأوضح «أن قيادة المنتدى ستلتقي للتشاور حول هذا العرض الجديد».
وكان المنتدى المعارض الذي انقسم لجناحين أحدهما رافض للقاء الحكومة قبل الرد الكتابي على وثيقة المطالب، والآخر قابل للتعاطي معها، قد قرر في اللقاء الذي جمعه بالأغلبية مستهل كانون الأول / ديسمبرالماضي «أن استئنافه للتفاوض مع الطرف الحكومي مشروط بالرد المكتوب» الذي دأبت الحكومة منذ نيسان / إبريل الماضي على رفضه وتجاهل اشتراطه.
ويرى مراقبو هذا الملف «أن الاتصال الجديد الذي جاء يوم استئناف الرئيس لمهامه بعد عطلته الأخيرة، يشير إلى جدية النظام هذه المرة في ربط حوار سياسي حقيقي مع معارضيه الذين فرقتهم العروض الحوارية السابقة».
وقابل مدونون قيادون في جناحي المعارضة مكالمة الوزير الأمين العام للرئاسة بقدر كبير من التشكيك. فقد سارعت المدونة منى بنت الدي القيادية في حزب تكتل القوى الديموقراطية (الجناح المعارض المتشدد) لتؤكد في تدوينة لها «أن مكالمة ولد محمد الأغظف قد تحيي خلافات جديدة في ما تبقى من المنتدى المعارض». وأضافت «مكالمات ولد محمد الأغظف من أخطر ما يكون على وحدة المعارضين».
أما الشيخان ولد بيبه القيادي البارز في حزب التجمع الوطني للإصلاح (الإخوان) المصطف في الجناح المعتدل في المعارضة، فقد دون مؤكدا «أن الحوار الجاد المخلص الهادف الصادق الشامل الوطني المستوعب كبريت أحمر يذكر ولا يرى». وأوضح «أن الحوار من أجل إعادة إنتاج السلطة وتدوير الحكام لا أمل فى نجاحه».
وقال ان «الحوار كلعبة لتنويم الرأي العام انتهت صلاحياته، والحوار كوسيلة لشغل المواطنين عن أوضاع اجتماعية واقتصادية لا تطاق بطلت صلاحيته، والحوار للتغرير بالرأي العام لم يعد ينطلي على أحد، والحوار لمجرد تحصيل شرعية من المجتمع السياسي فشلت تجاربه وتم تجاوزه».
وأضاف «أن الحوار للاحتواء والتركيع والتقسيم والتفريق عرف وترك، والحوار لإعادة انتاج السلطة وتدوير الحكام لا أمل من نجاحه».
هذا وتزامنت مكالمة الوزير الأمين العام للرئاسة مع تصريحات للرئيس الدوري للمنتدى المعارض أحمد سالم ولد بوحبيني أكد فيها «أن البناء المشترك يشكل فرصة لرفع التحديات القائمة أمام الديمقراطية في موريتانيا، والمنتدى يعتبر أن التغيير الذي يطمح له الموريتانيون سينتصر بتفاعل القوى السياسية والاجتماعية الحاملة لبرامج ورؤى اجتماعية وإلا فإن المنظومة، بتعطلها، ستنفجر بصفة لا يمكن التحكم فيها تحت تأثير السخط والضجر والارتباك والغضب والضغينة والتهديدات».
وأوضح أنه «لا مخرج لموريتانيا من أزمتها سوى أمر واحد هو إعادة تشغيل ماكنة الحوار التي تنتظر أمراً بسيطاً هو أن يعطي النظام إشارات قوية تبرهن على أن الحوار هو خياره الحقيقي، وأن يرد على عريضة المنتدى ويقوم بربط الصلات في هذا الاتجاه».
وقال «كل الطرق يجب أن تقود إلى الحوار، والتهدئة، وتسوية القضايا الاجتماعية، والطريق الوحيد الذي يجب أن نسلكه اليوم هو ذلك الذي يمكننا من جعل البلاد تتحاشى الانفجار».
وحذر رئيس المنتدى مما «يتهدد البلد من مخاطر محدقة»، داعياً «الموريتانيين لتحمل مسؤولياتهم أمام التاريخ حتى لا تنجرف موريتانيا نحو الهاوية رغم صرخاتها المستنجدة المتواصلة». 
وكان الصحافي الموريتاني والمحلل السياسي البارز أحمد محمد المصطفى قد انتقد في معالجة أخيرة له مواقف المعارضة الموريتانية، فأكد «أن المعارضة الموريتانية – على الأقل في تاريخها الحديث – لم تجد أخطر على المعارضة من تصرفات المعارضة».
وأضاف «أعيدوا قراءة تاريخ المعارضة الموريتانية الحديث، وستكون أمامكم نفس النتيجة، لقد قيض الله لأنظمة موريتانيا – العسكرية – معارضة تخدمها أكثر مما تتصور، وتقدم لها – بالمجان – ما لم تكن تحلم به».
«ميزة أخرى من ميزات المعارضة تستحق التوقف، يضيف الكاتب، هي أن سير خطها يترابط بشكل غريب – بل غريب جدا -، مع خط الأنظمة العسكرية الموازية لها، فهي تبدأ قوية مع بداية النظام الجديد، متماسكة، منسجمة في أهدافها، قادرة على جر النظام لتقديم تنازلات في حال حاورته، وعلى تعريته في حال واجهته، ثم لا تلبث أن تضعف مع ضعفه، ثم تدخل في مساومات – لاحظوا جيدا لم أقل صفقات – تنتهي بنهايته». 
وأكد «أن معارضات العالم تنتهز لحظات ضعف النظام – بما فيها الضعف الدستوري، ومنه اقتراب نهاية المأمورية – للالتحام أكثر، والتوافق أكثر، والتقدم خطوة نحو التخطيط لما بعده، سواء بالحصول على توافق حوله، أو بوضع قواعد تضبط علاقات المعارضة مع تحقق هدفها في إنهاء النظام، وقد كادت المعارضة الموريتانية تقيم تجربة لها في هذا المجال إبان «ائتلاف قوى التغيير 2005 – 2007»، لولا الكدمات التي تعرضت لها في الانتخابات البلدية، والتشريعية، قبل أن تنتهي بالضربة القاضية في الشوط الثاني من الانتخابات الرئاسية آنذاك».
وأضاف «مشكلة المعارضة – بل مشكلة السياسة في موريتانيا – أنها بنيت تحت ظل أنظمة عسكرية، أو حركات سياسية، وهو ما أوجد سياسيين يتعاطون السياسية بأدوات غير سياسية، ويفسرون الأحداث السياسية بوسائل خارج العلوم السياسية، إن كل جهد أحزاب المعارضة هو معرفة ماذا يريده ولد عبد العزيز من الإصرار على الحوار، وتجاوز السؤال الأهم – بالنسبة لها ولجمهورها – وهو ماذا تريد أحزاب المعارضة من الحوار؟ وما هي شروطه؟ وكيف نضمن أن يجد طريقاً مختلفاً عن طريق اتفاق داكار وحوار 2011؟».
وتوصل الكاتب في آخر معالجته لخلاصة مفادها «أن أحزاب المعارضة تتجاهل تفصيلاً يقول إن لب أزمتها مع النظام ليست أزمة تفاصيل سياسية، أو تحسينات ديمقراطية، وإنما هي في الأساس أزمة ثقة، بدأت في دكار، وتعززت في 2011، والراجح أنها لن تنتهي قبل 2019».

القدس العربي