موريتانيا: الضغوط تتواصل لتنفيذ حكم الإعدام في المدون المسيء للنبي

أربعاء, 2016-11-23 01:48

منتدى العلماء والأئمة يدخل على الخط ويفتي بإعدام الكاتب

 

:تواصلت في موريتانيا أمس من خلال منابر متعددة، الضغوط على الحكومة وعلى المحكمة العليا للدفع بهما نحو تنفيذ حكم الإعدام في المدون الموريتاني محمد الشيخ ولد امخيطير الصادر بحقه عام 2014 من طرف محكمة جنايات نواذيبو (شمال موريتانيا) والذي أكدته محكمة الاستئناف.
وحددت المحكمة العليا يوم 20 كانون الاول/ديسمبر المقبل موعداً للنطق بالحكم في هذه القضية المحرجة.
وفي إطار هذه الضغوط، دعا منتدى العلماء والأئمة الموريتانيين في فتوى أصدرها للتو إلى «إعدام محمد الشيخ ولد امخيطير كاتب المقال المسيء إلى رسول الاسلام عليه أزكى السلام، انتصاراً لنبي الأمة صلى الله عليه و سلم».
وأكدت الفتوى أنه « لا خلاف بين أعلام الأمة أن المسلم البالغ العاقل إذا ارتد عن الإسلام فحكمه القتل بعد الاستتابة فإن لم يتب قتل، وإن تاب درئ عنه القتل إلا في سب الرسول صلى الله عليه وسلم، أو غيره من الرسل والأنبياء المجمع على رسالتهم ونبوتهم والملائكة الكرام، وكذلك في من عيره أو عابه عليه السلام، فهذا لا خلاف في قتله ولو تاب فالتوبة لا تدرأ عنه عقوبة القتل فهو قتيل الشريعة الغراء بدون خلاف».
وأوضحت الفتوى «أن الاختلاف إنما هو في وجه قتله فمنهم من قال إنه يقتل حداً ومنهم من قال إنه يقتل ردة، فكلهم متفقون على قتله ولو تاب».
وشرحت الفتوى أن ما ورد في المادة 306 من القانون الجنائي الموريتاني رقم 162 / 83 ، من صرف عقوبة القتل عن المرتد إذا تاب لا يتناقض مع الوارد في الفتوى لأن المادة المذكورة تقول إن «الزنديق يقتل ولو تاب».
وخلص الأئمة في فتواهم إلى أنه «بناء على ما سلف فإننا نحن منتدى العلماء والأئمة لنصرة نبي الأمة نصدر فتوانا بكفر ساب رسول الله صلي الله عليه وسلم والمنقص به ابن امخيطير وزندقته، وبأن الحكم الشرعي في شأنه أن يقتل بدون قبول توبته إن تاب».
وختم المنتدى فتواه قائلاً «نطلب من الجهات المختصة السهر على القيام بما يجب في شأنه من الحكم بقتله وتنفيذ ذلك عليه إلى أن تسوى تربة القبر فوقه، امتثالاً لأمر الله وتطبيقاً لشرع الله وانتصاراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم».
هذا وتابع المدونون الموريتانيون انشغالهم بهذه القضية فجعلوها مادة لتدويناتهم وتغريداتهم، وغصت صفحات التدوين والتغريد بالمطالبات الملحة بقتل الشاب المسيء حدا مع توجيه السب المقذع لمحامييه وهما الوزير السابق محمد ولد امين والحقوقية فاتماتا امباي.
وامتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بأمداح النبي عليه السلام وإعلان الانتصار له وموالاته نثراً وشعراً وغناءً، كما عرضت عشرات الفتاوى التي تؤكد ألا نجاة للشاب ولد امخيطير من القتل حداً حتى ولو تاب طبقاً للمذهب المالكي المطبق في موريتانيا.
وكان مئات الموريتانيين المطالبين بتنفيذ الحكم قد تظاهروا أمام المحكمة العليا الأسبوع الماضي وهم يرددون شعارات ويحملون لافتات تطالب بإعدام الشاب المسيء طبقاً للحكم الصادر بحقه عام 2014 من طرف محكمة جنايات نواذيبو والذي أكدته محكمة الاستئناف.
وندد المتظاهرون بحضور سفراء أمريكا وفرنسا وإسبانيا لجلسات المحكمة العليا واعتبروا هذا الحضور حشراً للأنوف في قضية دينية وقانونية محلية، و»ضغطاً على المحكمة العليا لكيلا تنفذ حدود الله».
وكان المدون قد أعلن أمام المحكمة الابتدائية في أول جلسات محاكمته عن توبته وبراءته، موضحاً «أنه لم يكن ينوي انتقاد النبي عليه السلام بل الدفاع عن الطبقة المهمشة التي ينتمي إليها (طبقة الحدادين)».
وتنص المادة 306 من القانون الجنائي الموريتاني على أن حكم الإعدام بتهمة «الردة» غير قابل للطعن بينما ينص القانون على أنه «في حالة توبة المحكوم عليه قبل تنفيذ الحكم فإن النيابة تحيل الأمر إلى المحكمة العليا للتأكد من التوبة». واعتقل محمد الشيخ ولد امخيطير يوم 2 كانون الثاني/يناير 2014 بسبب مقال نشره على الإنترنت اعتبر مسيئاً للنبي محمد عليه السلام، حيث صدر حكم بإعدامه في كانون الأول/ديسمبر من العام نفسه.
وتطبق الجمهورية الاسلامية الموريتانية أحكام الشريعة الإسلامية ولم تلغ حكم الإعدام لكن أحكام الإعدام والجلد لم تعد تطبق فيها منذ ثلاثة عقود.
وتضع هذه القضية الحكومة الموريتانية بين مطرقة الضغط الشعبي الداخلي، وسندان هيئات حقوق الإنسان المعارضة لحكم الإعدام والتي تعتبر مقال المدون تعبيراً عن رأيه.
وتحت عنوان «هل يتجاوز النظام مأزق ولد امخيطير؟»، أكدت صحيفة «السفير» الموريتانية المستقلة «أن الحكم على المسيء ولد امخطير بغض النظر عن طبيعته، يضع النظام الحاكم في وضع لا يحسد عليه؛ فهو مضطر للموازنة بين جبهتين: داخلية شعبية لا ترضى بأقل من رأس المسيء وقد أثبتت قدرتها على تحريك الشارع؛ وخارجية تمثلها البعثات الدبلوماسية الغربية التي حضر بعض أعضائها يوم مثول المسيء أمام المحكمة العليا؛ وتنظر هذه الجبهة إلى الموضوع من زاوية مختلفة جداً وتطالب بتصنيف الإساءة في إطار حرية الفكر والمعتقد».
«وإذا كان النظام، تضيف الصحيفة، يسعى لكسب ود الغرب لتلميع صورته الديمقراطية وضمان استمرار المساعدات؛ فليس سراً أن ينظر بخوف وقلق إلى موقف حشود نصرة النبي صلى الله عليه وسلم مستحضراً مظاهرات ما عرف بحادثة تدنيس المصحف الشريف».
وأوضحت الصحيفة «أن الخيار بالانحياز لإحدى الجبهتين لم يحسم بعد؛ برغم ما قامت به قوى الأمن من قمع لمن خرجوا في مسيرات النصرة فهم يرونه مجرد جس للنبض وقياس لرد الفعل المتوقع لو صدر حكم مخفف بحق كاتب المقال المسيء».
«ويجمع المحللون، حسب الصحيفة، على اعتبار ملف ولد امخيطير أكثر الملفات التي واجهها ولد عبد العزيز خلال حكمه تعقيداً، ولذلك يرون أن تأجيل النطق بالحكم حتى العشرين من كانون الأول/ديسمبر المقبل لم يكن اعتباطياً».

عبدالله مولود – «القدس العربي»