بن كيران : عدم مشاركة حزب الاستقلال في الحكومة الجديدة خدمة للبلاد

سبت, 2017-01-07 03:34

«القدس العربي»:لا جديد، الا الانتظار، بالنسبة لتشكيل الحكومة المغربية، بيانات وتصريحات وتسريبات، تكرر آخر حلقات اطول مسلسل مشاورات تشكيل حكومة بتاريخ المغرب المستقل، دون ان يحسم أي شيء في الحكومة الموعودة، حتى مكونها الحزبي، لا زال ينتظر.

وقال عبد الاله بن كيران رئيس الحكومة المكلف، ان مكونات حكومته الجديدة ستكون مكونات حكومته السابقة نفسها، وهي حزب العدالة والتنمية (125 مقعداً)، التجمع الوطني للأحرار (37 مقعداً)، الحركة الشعبية (27 مقعداً)، وحزب التقدم والاشتراكية (12 مقعداً) لكن «نده» عزيز اخنوش المقرب من الملك ورئيس التجمع، لا زال لم يرد على عرض بن كيران واوساطه تقول باصراره على ادخال حلفائه، رغم ان مكونات الحكومة السابقة وفرت الاغلبية البرلمانية، لكنه يريدهم ليكون «متساوياً» مع بن كيران ان لم تكن له اليد العليا من خلال ما يطالب به من حقائب.
تصريح بن كيران جاء بعد بلاغ لحزبه العدالة والتنمية يتضمن الموقف نفسه واوضح بن كيران أن «استقبال الأمناء العامين للأغلبية السابقة كان مناسبة لأخبرهم بأنه ما دامت تكسرت البنية الأولى للحكومة، والتي كانت ستنفتح على أحزاب أخرى سنعود إلى الأغلبية السابقة».
يتجه كل من عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، ومحند العنصر، الأمين العام للحركة الشعبية، نحو الرد على بن كيران، رئيس الحكومة المعين، بقبول العرض الذي تقدم به هذا الأخير، والمتمثل في تشكيل ائتلاف حكومي، بالأغلبية الحكومية السابقة، مع ضمان اغلبية برلمانية من خلال دعم حزب الاستقلال (46 مقعداً).
وقالت مصادر حزبية أن اتصالات مكثفة تجري بين عزيز أخنوش ومحند العنصر الامين العام للحركة الشعبية ومحمد ساجد الأمين العام للاتحاد الدستوري الذي سيكون موقعه خارج الحكومة، من أجل البحث عن صيغ سياسية تجنب «الحلفاء الثلاثة» خسائر سياسية عند الشروع في المفاوضات التفصيلية.
وأكد العنصر، أن التنسيق بينه وبين أخنوش جار من أجل دراسة كل الحيثيات المتعلقة بتشكيل الحكومة، في إشارة إلى دراسة تفاصيل وسيناريوهات العرض الذي تقدم به بن كيران لأخنوش والعنصر في اللقاء الذي جمعه بهما أمس، كل واحد على حدة.
وأضاف العنصر، أنه بعد الانتهاء من المشاورات بينه وبين أخنوش سيجمع أجهزة الحزب التقريرية لدراسة الصيغ المقترحة للمشاركة في حكومة بن كيران.
وتقول تقارير ان أخنوش تخلى عن «شركائه»، الاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي، بعدما كان أخنوش قد عقد اجتماعات تنسيقية معهما، أي مع الاتحاد الاشتراكي، من خلال لقاء ضم المكتبين السياسيين، وكذلك مع الاتحاد الدستوري، بعدما اتفقا على تشكيل فريق برلماني موحد عند هيكلة مجلس النواب، عند تشكيل إئتلاف حكومي.
وأكدت التقارير أن أخنوش سيضطر إلى التخلي عن حليفه الاتحاد الدستوري، بسبب الرفض القاطع الذي واجه به بن كيران «مقترح» أخنوش والقاضي بإدخال الاتحاد الدستوري الى الحكومة، وبذلك لن يكون الاتحاد من بين الأحزاب التي ستركب قطار الحكومة المقبلة.
وأضاف أن الاتفاق الحاصل بين أخنوش وساجد، هو أن يبقى الاتحاد الدستوري إلى جانب حزب التجمع الوطني للأحرار في مجلس النواب، من خلال تشكيلهما لفريق برلماني موحد.
وعلى هذا الأساس فإن الأغلبية البرلمانية المقبلة ستكون مشكلة من ستة أحزاب، وهي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للاحرار، والتقدم والاشتراكية، والحركة الشعبية، التي تسير هي الأخرى إلى الرد على ابن كيران بقبول عرضه، بالإضافة إلى فريقي الاستقلال والاتحاد الدستوري، بعدما أعلن حزب الاستقلال إلى أنه سيكون إلى جانب حزب العدالة والتنمية لدعمه على المستوى التشريعي والسياسي، بمجلس النواب.
وانتقد الاتحاد الدستوري موقف بن كيران باعتماد الأغلبية السابقة، وقال إنها مقاربة تفتقد إلى بعض عناصر العقلانية، على اعتبار أنها «تتجاهل بعض المستجدات الحزبية». واعتبر الاتحاد في بلاغ بعد تصريحات بن كيران أن المطالبة بفك الارتباط بين حزبين متحالفين، في إشارة إلى تحالفه قبيل بدء المشاورات مع التجمع الوطني للأحرار، يضرب استقلالية الحزبين في اتخاذ قراراتهما بكامل الحرية، و»تدخل في تشكيل الخريطة الحزبية أو في بناء أو نسف التحالفات الحزبية».
وشدد الاتحاد الدستوري على خطورة هذا المنحى، معتبراً أن المغرب «لم يعد قادراً على تحمل أغلبية افتراضية، قد تعصف بها المتغيرات عند أول طارئ. فما ينتظره بلدنا من تحديات مطروحة بإلحاح على المستوى الوطني، ومن وفاء بالالتزامات التي تعهد بها على المستوى القاري والدولي يستوجب بناء مؤسسة تنفيذية جدية وجادة وقادرة على مواكبة الطموحات الشعبية».
ويعتبر إدريس لشكر، أكبر الخاسرين في هذه «المناورات» السياسية التي صاحبت المشاورات لتشكيل الأغلبية الحكومية، إذ سيتموقع إلى جانب حزب الأصالة والمعاصرة، مضطراً، رغم أن المجلس الإداري لحزب الوردة اتخذا قراراً يقضي بالمشاركة في الحكومة.
بعد خروجه «خاوي الوفاض» من المفاوضات الحكومية، خرج الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عن صمته، وقال ان رئيس الحكومة، المعين، تعامل مع ملف المشاورات، بمنهجية حارَ الفاعلون السياسيون والإعلاميون والمحللون، في فهمها، فهو تارة يضرب هذا الحزب بالآخر، وتارة يستعمل تكتلاً في مواجهة تكتل آخر، بهدف تحويل الأحزاب إلى فزعات، للمقايضة بها، لخدمة مصالحه الحزبية، فقط.
وأوضح بيان للمكتب السياسي للحزب أن «رغم الموقف الإيجابي الذي اتخذه الإتحاد الاشتراكي من تشكيل الحكومة، الشيء الذي تبلور بوضوح في اللقاء الثاني، بين إدريس لشكر وعبد الإله بن كيران، حيث التزم هذا الأخير بضم حزبنا إلى الأغلبية التي يؤسس لها، و أنه سيواصل مشاوراته، مع باقي الأحزاب، وبأنه سيقدم الخلاصات بعد إتمامها. إلا أن هذا الأمر لم يتم، مع حزبنا، مما يؤكد الاستنتاج الذي استخلصناه، حول غموض منهجية رئيس الحكومة، وعدم وضوح نيته، في كل هذا المسلسل.
واضاف أن عملية المشاورات، منحت لرئيس الحكومة أغلبية قوية، كان بإمكانه الإعلان عنها، والانتقال للتداول حول التصورات والبرامج والهيكلة، لكنه فضل اعتماد أسلوب الغموض وتغليب أسلوب التراشق الإعلامي والحملات الدعائية، الذي لم يكن هدفه من طرف رئيس الحكومة، المعين، والجهات الموالية له، سوى استعمال ذلك في عملية المقايضة للتفاوض، لا أقل ولا أكثر، الأمر الذي لا يمكن لحزبنا أن يقبله على نفسه. وأكد الاتحاد الاشتراكي أن «مسؤولية تشكيل الحكومة ليس أمراً هيناً أو مزاجيا ًأو حزبياً ضيقاً، بل مسؤولية كبيرة تجاه الدولة والشعب، ولا يمكن التعامل معها باستخفاف وبدون الخضوع لقواعد اللياقة واحترام المؤسسات الحزبية والشفافية والاعتماد على برامج ومشاريع واضحة وتصورات متفق عليها، لتسيير الشأن العام، مسجلاً أن «الأغلبية المقترحة، تظل محدودة عددياً، تحكّمت في تصورها، عقلية ضيقة، لتصفية الحسابات، ولا ترقى إلى ما يطمح إليه المغاربة، من حكومة قوية قادرة على مواجهة التحديات الكبيرة، التي تواجهها بلادنا على الصعيدين الداخلي والخارجي»
وقال إنه سيواصل اتصالاته بباقي الأحزاب السياسية، التي شملتها هذه المشاورات، لتدارس هذه الأوضاع، والنظر في مآل مسلسل تشكيل الحكومة، ومنهجيتها ومسطرتها، التي لم تبق محصورة، في يد رئيس الحكومة، الذي كلفه الملك، باقتراحها، بل أصبحت هياكل حزب العدالة والتنمية، هي التي تقرر في ذلك، في اجتماعاتها وعبر بلاغاتها، في مخالفة صريحة للدستور.
وافادت مصادر حزبية أن الحبيب المالكي، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، «سيلتقي امس الجمعة» نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، من أجل محاولة إقناعه بضم الاتحاد لحكومة بن كيران ورغم ان موقع اليوم 24 قال إن بلاغ الاتحاد الاشتراكي لا يمكن أن يصدر دون تنسيق مع أخنوش، لأن هناك ضغوطاً كبيرة تمارس من أجل اشراك الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري. وأوضح أن «أخنوش بعدما نجح في استبعاد الاستقلال، يريد تنصيب نفسه رئيساً للحكومة عبر إشراك الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية، الشيء الذي سيحول بن كيران إلى رئيس حكومة ديكور».
وعبر بن كيران، عن رفضه القاطع لدخول الاتحاد الاشتراكي للحكومة المقبلة، بسبب مواقفه الملتبسة بعد العرض الذي قدمه له بن كيران في بداية المشاورات الحكومية، على عكس موقف حزب الاستقلال الذي كان واضحاً وثابتاً منذ اللحظة الاولى لبدء المشاورات بدعم بن كيران الذي قال ان قراره التخلي عن حزب الاستقلال من التشكيلة الحكومية المقبلة، أعلن بن كيران، رئيس الحكومة المعين، أن مصلحة الوطن تقتضي ذلك القرار، وأن حزب الاستقلال أبدى تفهمه للأمر.
وقال بن كيران، إن عدم مشاركة حزب الاستقلال في الحكومة «خدمة لمصلحة البلاد، وهم يفهمون هذا الأمر»، مثنياً على إصدار المجلس الوطني لحزب «الميزان» بلاغاً «رفيع المستوى يرد فيه الأولوية للمصلحة العليا للوطن».
واضاف إنه «بعدما كان معنا حزب الاستقلال في التحالف، جاءت تصريحات شباط التي كانت لها تداعيات قوية»، مضيفاً: «هذا الأمر كانت له تداعيات جعلتنا نراجع تركيبة الحكومة المستقبلية. كما أن الأمانة العامة أكدت على ضرورة الاستمرار في الأغلبية السابقة، وعدم فتحها؛ لأننا كنا نود الانفتاح، لولا حادثة السير التي وقع فيها شباط». وقال «سأشرح لهم العلاقة التي ستربطهم بالعدالة والتنمية، بعد قرارهم مساندتهم الحكومة في تنصيبها وبرنامجها»، وأن «هذا موقف جد محترم وعمل محترم، وبالنظر إلى تقارب في المرجعيات، فإننا سنحافظ على أحسن العلاقات مع حزب الاستقلال ولن نتدخل في أمورهم الخاصة بهم».
وقرأت بعض الاوساط ان اعلان بن كيران عن مستقلين بحكومته القادمة، اشارة على اختياره شخصيات استقلالية بصفة تكنوقراط.
الا ان تشكيلة الحكومة الجديدة لم تعجب نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي التي رأت فيها تنازلات من بن كيران لصالح اخنوش وكتب احدهم «علاش أبنكيران تخذلني علاش؟، حنا صوتنا عليك ماشي على أخنوش» وعبر نشطاء «توقعهم المسبق للنتيجة النهائية للتشكيلة الحكومية، باعتبار أن الانتخابات ماهي الا «مسرحية، وأن الأحزاب كلها مسخرة من طرف المخزن» ووصفوا التشكيلة الجديدة بانها «انصياع للتحكم».

 

  •