الدكتور الشيخ معاذ سيدى عبد الله
وقد أثارت كلمة شنقيط غضب الشاويش والتفت الى احمد رمزي مستفسرا عن الكلمة، ومن الطريف ان احمد رمزي أجاب إجابة لا علاقة لها بالكلمة ... فالمشهد كوميدي في نهاية المطاف.
المهم أنني شخصيا كنت أتابع الفيلم واستوقفتني الجملة، ودخلت الى الشيخ غوغل لأعرف هل أثارت يوما ما جدلا في النقد السنمائي المصري، فوجدتها حاضرة بقوة في المقالات السنمائية في تلك الفترة وبعدها .
وأغلب الكتاب يربط بين وجود الكلمة في الفيلم وبين الحديث بالفصحى، فيرى أن شنقيط بلاد عرف أهلها بالتمكن من ناصية اللغة والشعر، ويكفي أنه قدم منها الى مصر الشيخ محمد محمود الشنقيطي وغيره من علماء اللغة ورواة الشعر.. ولكن حدة الشنقيطي في الرأي ومعاركه العلمية الكثيرة جعلت البعض يصرف الكلمة الى بعد آخر يتجاوز البعد اللغوي والعلمي الى البعد الشخصي ...
يقول المهندس ياسر قطامش في أحد أعداد صحيفة الأهرام 2006 : " قال لي صديقي مازحا أو بالأحري متهكما:يالك من شنقيط وذلك عندما علم باهتمامي باللغة العربية والشعر, فلفتت نظري كلمة شنقيط وبحثت عنها حتي عرفت انها بلدة أو منطقة في المغرب الأقصي، جنوب مراكش, وينسب إليها الإمام الشنقيطي رحمه الله, وكان نادرة من نوادر عصره في اللغة والأمثال والحديث وعلم الأنساب, وقد اتصل في نهاية القرن التاسع عشر بالشريف عبدالله أمير مكة ثم أقام فترة في الأستانة وكان السلطان عبدالحميد يجله ويحترمه ويعرف مكانته. كما أقام بمصر ردحا من الزمن في ضيافة السيد توفيق البكري نقيب الأشراف الذي أكرم وفادته وكان علي صلة قوية بعلماء مصر في عصره مثل الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية, والشيخ سليم البشري شيخ الأزهر.. وكان يكتب في جريدة مصباح الشرق وله فيها صولات وجولات مع النحاة والأزهريين واللغويين, واشتهر بالشجاعة الأدبية وأنه لا يخشي في الحق لومة لائم ولكنه كان غريب الأطوار وله في ذلك شطحات كثيرة حتي اتهمه البعض دون وجه حق بالكفر والإلحاد والزندقة, لأن العصر الذي ظهر فيه لم يكن يحتمل النزعات الفكرية والتحررية غير المألوفة.. ولذا رجعت لصديقي الشنقيط وأفهمته أن الشنقطة والشناقيط والشناقطة ألفاظ تستوجب الفخر وليس التهكم".
والآن ترد جملة ( يالك من شنقيط) في الثقافة الشعبية المصرية مرادفة للعمق والتبحر في الشيء، أو التعصب له إيجابا أو سلبا، حتى أن بعض المعلقين الرياضيين أصبح يستخدمها في التعليق على لقطة معينة من لقطات مباريات كرة القدم .
وأنا شخصيا أدرجتها - وبفخر - في محاضرة لي قدمتها آنفا عن ولد التلاميد وابن الأمين .....
وكنت مرة أتابع برنامجا فنيا على قناة ( ماسبيرو زمان) فإذا به يعد هذه الجملة ضمن أشهر (الإفيهات) في تاريخ السينما المصرية .
(أدناه: صورة من المشهد) ..