ما هو مستقبل حماس داخليا وخارجيا بعد وثيقتها السياسية الجديدة؟

ثلاثاء, 2017-05-02 13:24

طوت حماس صفحة من الانتظار والترقب حول ما يمكن أن تحمله الوثيقة السياسية الجديدة، بالإعلان عن البنود الرسمية للوثيقة التي تعتبرها الحركة بأنها تكاملية مع ميثاقها الذي أعلنت عنه منذ ما يزيد على 30 عاما وليست بديلا لذاك الميثاق الذي ترى فيه أنها بحاجة للتطوير مع تغير الأوضاع في المنطقة.

وأبرزت الحركة في وثيقتها الجديدة عدم ممانعتها لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 مع عدم الاعتراف بإسرائيل والتأكيد على حق عودة اللاجئين، بالإضافة إلى تعريف نفسها كحركة وطنية ذات مرجعية إسلامية دون الإشارة لجماعة الإخوان المسلمين، وتأكيد استعدادها للانخراط في منظمة التحرير مع ضرورة العمل على إصلاحها باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

وأثارت الوثيقة حتى قبيل إعلانها بشكل رسمي الكثير من التساؤلات حول مستقبل حماس السياسي داخليا وخارجيا وما يمكن أن تذهب إليه الحركة في ظل محاولاتها من خلال الوثيقة فتح آفاق جديدة لنفسها عربيا ودوليا بعد أن تعرضت خلال سنوات حكمها لغزة وخروجها من سوريا وتدهور علاقاتها مع إيران وفقدان جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم في مصر إلى الكثير من الضغوطات ومحاولات التضييق عليها.

ويرى المحلل السياسي ناجي شراب، أن الوثيقة الجديدة لحماس بأنها امتداد للميثاق الأساسي للحركة وأنها تعبر عن درجة من درجات التكيف والاستجابة السياسية للتحديات الإقليمية والدولية التي تواجهها الحركة. مشيرا إلى أن أحد أهداف إصدار هذه الوثيقة هو اكتساب مزيد من الشرعية إقليميا ودوليا من خلال الإشارة إلى نبذ الإرهاب والعنف وهو البرنامج الذي يطغى على سياسات الدول في الوقت الحاضر في ظل ما تشهده المنطقة والإقليم بشكل عام، وأن هدفها من ذلك هو أن تحظى بالشرعية والاعتراف من المجتمع الدولي.

واعتبر أن الوثيقة على الصعيد الفلسطيني اقتربت درجة إلى الرؤية السياسية الفلسطينية العامة بإعلان حماس من خلالها القبول بالإشارة إلى قبولها بدولة فلسطينية على حدود 1967 كمرحلة انتقالية. مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الحركة لم تتخلى عن الدعوة الجهادية والتأكيد على أن إسرائيل جهة غير شرعية ومحتلة.

وأضاف "هذا يشير إلى أن حماس تحاول التكيف والاستجابة بشكل ما مع الرؤية السياسية الفلسطينية وربما أيضا الدولية ولكنها لم ترقى للمطلوب منها في هذه المرحلة".

وتابع "الوثيقة بما تحمله لا توحي بوجود تغير ملموس لدى الحركة عن ميثاقها الأساسي بقدر ما هي محاولة من الحركة للتأكيد على رفضها للإرهاب والعنف والتعريف بنفسها على أنها حركة وطنية بمرجعية إسلامية في رسالة منها للدول العربية وخاصةً مصر بأن الحركة ليس لها ارتباط بجماعة الإخوان المسلمين ولكنها أبقت التعريف في إطار الصورة الفضفاضة التي يمكن أن تفسر في عدة اتجاهات".

ورفض شراب اعتبار أن الوثيقة تقترب من برنامج منظمة التحرير الفلسطينية. مشيرا إلى أن هناك فجوة كبيرة بين ما تحمله الوثيقة والبرنامج السياسي للمنظمة والذي يعترف بدولة فلسطينية على حدود 1967 وبإسرائيل وينبذ العنف ونقاط أخرى لا تتضمنها الوثيقة. مضيفا "لا زال هناك فجوة كبيرة بين رؤية حماس والمنظمة".

وأعرب عن اعتقاده أن المجتمع الدولي سيطالب حماس بالمزيد لفتح علاقات معها، مشيرا إلى أن ما يعني أميركا ودول أوروبا أن تخرج حماس بموقف واضح تجاه إسرائيل ونبذ العنف تجاهها والالتزام بالاتفاقيات الموقعة.

ولفت إلى أن حماس من خلال وثيقتها الجديدة لن تكون بديلا لحركة فتح أو المنظمة، ولكنها ستكون فاعل من الفواعل الرئيسية في النظام السياسي وأنه لا يمكن التصور الدخول في خيارات سياسية بدون حماس. مشيرا إلى الوثيقة لن تمنح الحركة دورا لكي تكون بديلا كاملا لتحل محل فتح أو منظمة التحرير.

وأضاف "الشرعية عادةً لا تكون لحزب أو تنظيم، ولكنها تكون للكل الفلسطيني ومنظمة التحرير ككينونة سياسية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بصرف النظر ممن تتكون". مشيرا إلى أن حماس لا يمكن أن تنشئ منظمة أو شرعية بديلة خاصةً وأن الحركة تسعى لأن تستمد شرعيتها من شرعية القضية الوطنية والشعب وهذا ما يميزها عن الحركات والفروع الإسلامية الأخرى من جماعة الإخوان أو غيرها من الإسلاميين.

ورأى أن عدم تطرق حماس في وثيقتها لارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين قد يفتح لها نافذة على المستوى العربي والإقليمي وتفتح علاقات أكثر اتساعا وشمولا ولكن ليس كبديل لمنظمة التحرير.

من جهته اعتبر مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، أن حركة حماس تحاول من خلال الوثيقة السياسية الجديدة التواصل مع المجتمع الدولي وطمأنة دول الإقليم العربي بخصوص بعض القضايا والتغيرات التي أحدثتها على ميثاقها القديم الذي يبدو أن قيادة الحركة حاليا مقتنعة بأنه لا جدوى منه في هذه المرحلة.

وأشار إلى أن الحركة كانت في ميثاقها تدعو إلى تدمير دولة إسرائيل وإقامة دولة إسلامية على كامل الأراضي الفلسطينية والآن تقبل بدولة على حدود 1967 وعاصمتها القدس وحل عادل لقضية اللاجئين. معتبرا أن ذلك يتطابق مع برنامج منظمة التحرير الذي أعد عام 1988 في دورة الاستقلال ولكن مع اختلاف رفض حماس الاعتراف بإسرائيل.

ورأى أن هناك تغيرا وتطورا في مواقف حماس السياسية وانتقل ذلك من بعض التصريحات التي أطلقها سابقا الشيخ أحمد ياسين وخالد مشعل إلى نص وموقف رسمي للحركة يعبر عن كل مكونات ومؤسسات حماس. مشيرا إلى أن الحركة باتت في وثيقتها الجديدة تعتبر عدائها مع إسرائيل سياسي وليس ديني وأنه لا مشكلة لها مع يهود العالم وهو ما خلق لها من خلال ميثاقها السابق اتهامات بمعاداة السامية.

ولفت إلى أن تعريف حماس لنفسها بأنها حركة تحرر وطني ذات مرجعية إسلامية بدون ذكر جماعة الإخوان إنما جاء ذلك لطمأنة مصر وبعض الدول العربية التي لها مواقف معادية تجاه الجماعة. مشيرا إلى أن الحركة تطرقت للعديد من القضايا في وثيقتها للظهور بمظهر جديد تحاول من خلاله التواصل مع المجتمع الدولي وطمأنة الدول العربية حول مواقفها.

وحول إمكانية قبول الدول الغربية بوثيقة حماس الجديدة، قال أبو سعدة أن شروط الرباعية الدولة واضحة وتتمثل في الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف وغيره، وحماس لا تلبي هذه الشروط ولذلك مستبعد أن تلجأ أميركا والرباعية ودول الاتحاد الأوروبي إلى فتح علاقات مع حماس بناءًا على هذه الوثيقة الجديدة.

وأشار إلى أن حماس لديها علاقات مع دول عربية وإسلامية وبعض دول العالم مثل روسيا والنرويج وسويسرا قبيل إعلان الوثيقة، ومع هذا التطور الرسمي قد تفتح لها بوابات علاقات جديدة مع دول أخرى عدا الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي. مشيرا إلى محاولات الرئيس الراحل ياسر عرفات بين أعوام 1986 و 1988 بالحديث عن دولة علمانية حتى اضطر للاعتراف بإسرائيل تماشيا مع متطلبات المجتمع الدولي آنذاك.

وحول الوضع الفلسطيني الداخلي على إثر هذه الوثيقة، رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر أن الوثيقة تقرب ما بين حماس والكل الفلسطيني خاصةً وأن حماس طالبت فيها بإعادة إصلاح المنظمة للدخول فيها على عكس موقفها السابق الرافض الانخراط والاعتراف بهذه المنظمة.

ولفت إلى وجود تخوفات لدى حركة فتح والسلطة الفلسطينية من المرونة التي تبديها حركة حماس في مواقفها من أن تكون بداية صراع على مسألة التمثيل الفلسطيني. معتبرا أن إجراءات الرئيس محمود عباس الأخيرة في غزة جاءت في أعقاب تسريبات الوثيقة وليس ردا على تشكيل اللجنة الإدارية.

وأضاف "هناك تخوفات حقيقية لدى فتح من إمكانية اقتراب حماس من التمثيل الفلسطيني". معربا عن اعتقاده أن الأمور متجهة إلى مزيد من التدهور على صعيد العلاقات الفلسطينية في ظل حالة الجدال الإعلامي والتراشق في التصريحات والاتهامات المتبادلة ما يشير إلى وصول الوضع الفلسطيني إلى مرحلة اللا عودة بعد حالة التحريض في الشهر الأخير.

وأشار إلى أن رد الفعل الدولي على هذه الوثيقة سيكون بطيئا إلى أن يتحقق من أن حماس بالفعل تريد أن تكون حركة سياسية معتدلة. محذرا من أنه في حال لم تجد حماس التجاوب اللازم فلسطينيا وعربيا ودوليا على هذه المرونة التي قدمتها قد يعزز ذلك حضور "التيار المتطرف داخل حماس" على حساب "التيار المعتدل".

من جهته أعرب المحلل السياسي مصطفى إبراهيم عن اعتقاده بأن المجتمع الدولي سيتجاوب مع وثيقة حماس ولكنه سيطالب بالمزيد من التنازلات خاصةً بشأن شروط الرباعية الدولية. مشيرا إلى أن اعتبار حماس أن صراعها مع إسرائيل كاحتلال وليس كيهود لن يكون كافٍ بالنسبة للمجتمع الدولي ولكنه سيعتبر خطوة مهمة قد تتبعها خطوات أخرى في المستقبل قد تكون مرتبطة بمستقبل حركة فتح بعد مرحلة الرئيس محمود عباس.

وأضاف "التغيير لدى حماس هو سياسي نحو الانفتاح على المجتمع الدولي والإقليمي، وليس لأهداف داخلية لفكفكة أزماتها وأزمات الفلسطينيين بغزة الذين يتعرضون للتجويع جراء وهم العملية السياسية لدى الرئيس محمود عباس وثقته بالإدارة الأمريكية ورئيسها الجديد دونالد ترامب".

واعتبر أن وثيقة حماس الجديدة هي تأشيرة دخول للاعتراف الدولي بها كحركة سياسية فلسطينية قد تشكل بديل لحركة فتح.

 

القدس